بغداد اليوم – بغداد
لم تعد مسألة استبعاد المرشحين من السباق الانتخابي حدثًا إجرائيًا عابرًا، بل تحولت إلى مؤشر على طبيعة اللعبة السياسية نفسها. فكل قرار إقصاء لا يُقرأ فقط بوصفه نزاعًا فرديًا بين المرشح والسلطات، بل كجزء من منظومة أوسع تسعى ـ كما يرى مختصون ـ إلى إعادة إنتاج هيمنة الأحزاب الكبرى على البرلمان وتقليص فرص التغيير السياسي عبر صناديق الاقتراع.
وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات استبعاد أكثر من 600 مرشح حتى الآن، وهو أعلى رقم منذ بدء العملية الانتخابية، ما يفتح باب التساؤلات عن مدى حيادية آلية التدقيق والرسائل التي تُبث للناخب. مراقبون يشيرون إلى أن اتساع دائرة الإقصاء يهدد بتحويل الانتخابات إلى عملية مغلقة لصالح القوى المهيمنة بدل أن تكون منافسة مفتوحة.
رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل، حذر خلال حديثه لـ"بغداد اليوم"، من أن "استمرار ظاهرة استبعاد وإقصاء عدد كبير من المرشحين للانتخابات النيابية لأسباب سياسية تستهدف استمرار هيمنة واحتكار الأحزاب الكبيرة للبرلمان والاستحواذ على القرار السياسي، مما يعمّق الفجوة بين الناخب العراقي والانتخابات".
هذه الفجوة، كما يشير مراقبون، لا تتعلق بعملية الاقتراع وحدها، بل تمس جوهر العلاقة بين المواطن والدولة. فيصل يؤكد أن "الأمر يؤدي لامتناع وعزوف الشعب العراقي عن الذهاب لصندوق الاقتراع"، وهو ما يعبّر عن فقدان الثقة بالجدوى الديمقراطية للعملية برمتها. فالمواطن، بحسبه، لا يلمس أي تغيير في القيادات السياسية ولا يواجه برامج واقعية تحمل حلولًا لأزمات البطالة والجوع والفقر والمدن العشوائية. هنا يتحول الاستبعاد من مجرد ملف انتخابي إلى عامل إضافي يغذي شعورًا عامًا بالخذلان، في ظل تفاقم أزمات اجتماعية واقتصادية، ووسط انتشار مافيات الجريمة المنظمة لتهريب المخدرات والأموال والنفط، كما يبين محللون.
وإذا كان غياب البرامج السياسية والاقتصادية يضاعف من عزوف الناخبين، فإن فيصل يذهب أبعد من ذلك بالتحذير من أن "استمرار عملية استبعاد المرشحين تحمل رسائل سلبية على مجمل العملية الانتخابية". هذه الرسائل لا تقتصر على التشكيك بالمرشحين أنفسهم، بل تمتد لتطال الثقة بالمؤسسات الراعية للانتخابات، ما قد يولّد ردود أفعال سلبية عكسية، سواء في صورة امتناع جماهيري واسع عن المشاركة، أو احتجاجات لاحقة ضد نتائج يُنظر إليها على أنها فاقدة للشرعية. مختصون يرون في هذا المسار تهديدًا لاستقرار النظام السياسي، إذ تتحول الانتخابات من أداة لامتصاص الأزمات إلى سبب إضافي لتفجيرها.
من هنا، يتضح أن قضية الاستبعاد تتجاوز حدودها القانونية إلى أبعاد سياسية واجتماعية أعمق، تضع النظام السياسي أمام اختبار صعب. فهل تنجح القوى الحاكمة في إعادة الاعتبار للعملية الانتخابية عبر الالتزام بقواعد المنافسة العادلة ومدونات السلوك الانتخابي، أم أن استمرار هذه السياسة سيكرّس عزوفًا شعبيًا متصاعدًا ويعمّق أزمة الشرعية؟ سؤال يبقى مفتوحًا، فيما يراقب العراقيون المشهد بقلق، بين أمل ضائع بالتغيير وخشية متزايدة من إعادة إنتاج الوجوه ذاتها.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
بغداد اليوم – السليمانية أفادت وسائل إعلام كردية، اليوم الثلاثاء (2 أيلول 2025)، بتعرض الناشط والصحفي الكردي هيمن مامند إلى إطلاق نار من قبل مجهولين وسط مدينة السليمانية. وذكرت وسائل الإعلام وتابعتها "بغداد اليوم"، أن "مامند تعرض إلى إطلاق