سياسة / ملفات خاصة اليوم, 11:00 | --

ساحة صاخبة بالاتهامات


تصاعد حرب التسقيط في المشهد الانتخابي العراقي.. هشاشة سياسية أم أزمة ثقة؟

بغداد اليوم - بغداد

لا تبدو الحملات الانتخابية في العراق مجرد تنافس على مقاعد مجلس النواب، بل تحولت ـ كما يصفها أكاديميون ـ إلى مرآة تكشف عمق الأزمة السياسية وتعرّي هشاشة البنية الحزبية. فبدل أن تكون الانتخابات مساحة لتقديم البرامج وإقناع الناخبين بالرؤى الإصلاحية، تحولت تدريجيًا إلى ساحة صاخبة لتبادل الاتهامات وتسقيط الخصوم، الأمر الذي ينعكس على ثقة المواطن بالنظام الديمقراطي برمّته.

يرى أستاذ العلوم السياسية علي الجبوري أن الساحة لم تعد محكومة ببرامج انتخابية أو رؤى إصلاحية، بل انجرت ـ كما يصف ـ إلى "تصاعد خطير في حرب التسقيط السياسي بين الكتل المتنافسة، في مشهد يعكس هشاشة البيئة السياسية وغياب البرامج الواقعية لدى الكثير من القوى المتصدرة للمشهد". هذا التوصيف، بحسب مراقبين، لا يعكس مجرد حالة آنية مرتبطة بموسم انتخابي، بل يكشف أزمة متجذرة في طريقة إدارة التنافس داخل النظام السياسي بعد 2003.

ويشير الجبوري إلى أن "الساحة الانتخابية، كما نرصد اليوم، تحولت من ميدان للتنافس الديمقراطي على أساس البرامج والحلول، إلى ساحة لتبادل الاتهامات وتسريب الوثائق وتشويه السمعة"، وهو ما يتقاطع مع ما يراه محللون من أن وسائل الإعلام والمنصات الرقمية أصبحت، في أغلب الأحيان، حاضنة لحملات مدروسة تتجاوز الداخل العراقي، وتُدار أحيانًا من خارج الحدود. بهذا المعنى، لم تعد الحملات الانتخابية أداة إقناع، بل تحولت إلى ساحة صراع نفسي ومعلوماتي، تستهدف الناخب أكثر مما تستهدف الخصم.

وما يثير القلق، وفق توصيف الجبوري، هو أن "خطاب الكراهية السياسي لم يعد مقتصرًا على وسائل غير رسمية أو صفحات وهمية، بل بات يُتبنّى أحيانًا من قبل شخصيات سياسية علنية"، وهو مؤشر يضعف القيم الدستورية ويقوّض فكرة التنافس الديمقراطي نفسها. المختصون يحذّرون من أن هذا الانزلاق من شأنه أن يثني شرائح واسعة عن المشاركة في الانتخابات، أو أن يوجّه خياراتها وفق معلومات مضللة لا علاقة لها بجوهر العمل النيابي. في هذا السياق، يصبح الانتخاب فعلًا مشوبًا بالريبة، لا خيارًا واعيًا قائمًا على التقييم الموضوعي.

ويؤكد الجبوري أن "استمرار هذا النهج ينعكس سلبًا على أمرين رئيسيين: الأول ثقة المواطن بالعملية الديمقراطية، إذ يشعر أن الانتخابات لا تُخاض على أساس الكفاءة والنزاهة بل على أساس من يشوه خصمه أكثر، والثاني استقرار النظام السياسي، إذ أن التسقيط لا يقتصر على الأفراد بل يمتد ليشكك بالمؤسسات ويضعف هيبة الدولة". هذا الربط بين ثقة المواطن واستقرار الدولة يفتح الباب أمام تحليل أوسع، حيث يرى مراقبون أن اهتزاز الثقة بالانتخابات يقود تدريجيًا إلى اهتزاز الثقة بقدرة الدولة نفسها على تنظيم التوازن السياسي، ما قد يُفاقم هشاشة النظام.

وعلى هذا الأساس، يشدد الجبوري على أن "جميع القوى السياسية والمؤسسات الإعلامية مطالبة بالالتزام بمدونة سلوك انتخابي تضمن الحد الأدنى من الاحترام المتبادل، وتحافظ على العملية الانتخابية كمسار ديمقراطي لا كساحة معركة"، فيما يدعو المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إلى اتخاذ "إجراءات رادعة بحق الحملات التي تتجاوز القانون والأخلاق السياسية، بما في ذلك تفعيل أدوات الرقابة على الحملات الرقمية التي أصبحت أداة خطيرة في تشويه الحقائق". هذه الدعوة تلتقي مع ما يطرحه محللون عن ضرورة تقييد الحملات الإلكترونية الموجهة، التي تهدد سلامة العملية الانتخابية أكثر مما تفيدها.

وفي الختام: هل يمكن للنظام السياسي أن يحول الانتخابات المقبلة إلى فرصة لاستعادة الثقة، أم أن التسقيط سيتحول إلى القاعدة الجديدة التي تهيمن على المشهد؟ سؤال لا يجد جوابًا حاضرًا، لكنه يفرض نفسه على النقاش العام بين الأكاديميين والمختصين والناخبين في آن واحد.

المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

أهم الاخبار

أمانة بغداد: اتخاذ إجراءات قانونية بحق المعتدين على موظفي بلدية المنصور

بغداد اليوم - تنويه هام ‼️ تود أمانة بغداد ان تنوه الى اتخاذ الاجراءات القانونية بحق المعتدين الذين تعرضوا لموظفي وآليات دائرة بلدية المنصور، أثناء تأدية مهامهم في ازالة التجاوزات والمشوهات ، و القاء القبض على (٣) منهم من قبل القوات الأمنية وإيداعهم لدى

اليوم, 12:45