بغداد اليوم – بغداد
في بلد يحاول منذ عقدين اللحاق بركب الاقتصاد الرقمي، يجد العراقيون أنفسهم كل عام أمام قرار متكرر: إطفاء الإنترنت بحجة منع تسريب أسئلة الامتحانات. المشهد يبدو وكأنه إصرار على مقايضة المستقبل بالتكنولوجيا، إذ تتوقف الحوالات المالية وتتجمد التجارة الإلكترونية ويُحرم آلاف الطلاب والعاملين من وظائفهم اليومية، فقط لأن الامتحانات العامة تبدأ.
المختص في الشأن الاقتصادي حيدر الشيخ يقول لـ"بغداد اليوم"، إن "انقطاع خدمة الإنترنت عن مدينة أو محافظة أو بلد معين مثل ما يحدث حالياً في العراق يتسبب في أضرار اقتصادية منها تعطيل التجارة الإلكترونية وإيقاف الحوالات المالية وإيقاف استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني في المتاجر ومحطات تعبئة الوقود، إضافة إلى تقليل نسبة الإيراد المالي والجباية الإلكترونية"، مبيناً أن "انقطاع الخدمة بحجة الامتحانات ولمدة 14 يوماً يسبب بخسارة مالية تصل لما يقارب مليوني دولار". هذه الخسارة، كما يضيف مختصون، لا تمثل مجرد رقم مالي بل صورة عن هشاشة الاقتصاد الرقمي حين يُدار بعقلية الطوارئ.
الخلفيات تشير إلى أن هذه السياسة ليست جديدة، فقد لجأت الحكومات المتعاقبة إلى قطع الإنترنت منذ عام 2015 كلما اقترب موعد الامتحانات، في محاولة لمنع الغش وتسريب الأسئلة. لكن تقارير دولية أوضحت أن العراق أصبح في مقدمة دول العالم من حيث عدد مرات القطع، حيث شهد أكثر من ستين حالة إطفاء للشبكة خلال عام واحد، معظمها مرتبطة بالامتحانات. ويرى مراقبون أن هذا الإجراء لا يستند إلى إطار قانوني واضح، بل يُنفّذ بأوامر مركزية من وزارات التربية والاتصالات من دون محاسبة للضرر الواسع الذي يلحقه بالاقتصاد والمجتمع.
المشهد يعكس أيضاً غياب حلول بديلة. فبينما طوّرت دول أخرى وسائل تقنية مثل التشويش الموضعي داخل القاعات أو استخدام أنظمة مراقبة ذكية، ما يزال العراق يعتمد على الخيار الأكثر كلفة وتأثيراً. محللون يعتقدون أن الإصرار على هذا الأسلوب يعكس أزمة في الإدارة أكثر مما يعكس حرصاً على نزاهة الامتحانات، إذ يدفع المجتمع بأسره ضريبة حماية أسئلة لا تتسرب في كثير من الأحيان إلا من داخل المؤسسات نفسها.
ويبقى السؤال معلقاً أمام صناع القرار: هل تستمر الدولة في ربط مصير الاقتصاد الرقمي بجداول الامتحانات، أم أنها ستجد في يوم ما معادلة تحفظ نزاهة التعليم وتحمي في الوقت نفسه حق المجتمع في الاتصال والعمل؟ ما بين هذا وذاك، تظل القرارات محكومة بردود أفعال آنية، فيما المستقبل ينتظر حلولاً أكثر عقلانية.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
بغداد اليوم - بغداد أعلنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة، اليوم الخميس (28 آب 2025)، عن تفاصيل الإطاحة بأحد المرشحين للانتخابات النيابية و(4) من مساعديه بتهمة شراء بطاقات الناخب مقابل وعود بالتعيين. يتبع..