بغداد اليوم – بغداد
مع تسجيل الضربة التاسعة على مضافات داعش هذا العام، بدا واضحًا أن الطيران العراقي يرسخ حضوره كسلاح حاسم في المعركة ضد الإرهاب. اللواء المتقاعد صفاء الأعسم شدد على أن أهمية هذه الضربات تكمن في شلّ قدرة التنظيم على النهوض مجددًا، لا بمجرد الأرقام المحسوبة للأهداف المصابة.
وقال الأعسم في حديثه لـ"بغداد اليوم": "هناك أهمية استراتيجية لاستمرار الضربات الجوية النوعية التي تنفذها قواتنا الجوية ضد أوكار ومضافات ومخابئ عصابات داعش، وهذه الضربات تمثل عامل حاسم في منع التنظيم من إعادة تنظيم صفوفه أو استعادة أي قدرة على التهديد".
داعش، وإن فقد معاقله الكبرى منذ 2017، ما يزال يعتمد على المضافات الصغيرة لإعادة تنظيم عناصره، وهو ما يجعل ضربات هذا النوع حاسمة في كسر دوامة عودته، وفق توصيف متخصصين في الشأن الأمني.
وبيّن الأعسم أن "العمليات الجوية الأخيرة أظهرت مستوى عالياً من الدقة في إصابة الأهداف الحيوية للتنظيم، وهو ما أدى إلى تدمير مخابئ الأسلحة ومراكز القيادة والسيطرة، فضلاً عن تقليص تحركات بقاياه بين المناطق الوعرة والصحراوية".
تشير بيانات العمليات المشتركة إلى أن الضربة الأخيرة في وادي الشاي تمثل التاسعة من نوعها خلال عام 2025، في سلسلة عمليات جوية نفذتها طائرات الـF16 العراقية ضد مضافات ومخابئ التنظيم في مناطق متفرقة من ديالى وكركوك وصلاح الدين. هذه الضربات تراوحت بين استهداف قيادات ميدانية، وتدمير مخازن أسلحة، وإحباط خطط للتنظيم في المناطق الوعرة. ووفق الإحصاءات الرسمية، فإن أغلبها أسفر عن مقتل عناصر بارزين، كان بعضهم مسؤولاً عن تنسيق هجمات بالعبوات الناسفة والكمائن على الطرق النائية. استمرار هذا النسق العملياتي، بحسب تقديرات أمنية، يعكس قراراً واضحاً بالحفاظ على وتيرة الضغط الجوي، وعدم منح داعش فرصة لإعادة ترتيب أوراقه.
الدقة التي تحدث عنها الأعسم تعكس تحوّلًا نوعيًا في الأداء العراقي؛ إذ لم تعد الضربات مجرد ردود أفعال بل عمليات مركزة تستند إلى عمل استخباري طويل، وهو ما يشير إليه باحثون في قضايا الإرهاب عند تحليلهم لتراجع قدرة التنظيم على المناورة.
وأضاف الأعسم أن "استمرار هذه الضربات يعكس قوة العمل الاستخباري الذي يسبقها، ودقة التنسيق بين مختلف صنوف القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وهو ما يرفع من فعالية الجهد الوطني الشامل لمكافحة الإرهاب".
هذا التنسيق المتكامل يعني الانتقال من مرحلة مطاردة فلول التنظيم إلى مرحلة شلّ قدراته بالكامل، وهو ما يصفه متخصصون بأنه تحول من "رد الفعل" إلى "المبادرة الاستباقية".
وأكد الأعسم أن "المرحلة المقبلة تتطلب الحفاظ على زخم العمليات النوعية والضربات الاستباقية، باعتبارها الضمانة الأساسية لشل قدرات داعش بشكل كامل، وتجفيف منابعه، ومنع أي محاولة لإعادة بناء هياكله التنظيمية".
استمرارية الضغط العسكري تُعد في هذا السياق الضمانة الأهم، لأن التنظيم يراهن على عامل الوقت والجغرافيا لاستعادة نشاطه، لكن بقاء الاستهداف عند هذه الوتيرة يجعل أي محاولة لإعادة التنظيم مجرد خطوة محكومة بالفشل، بحسب خبراء في الاستراتيجيات الأمنية.
وختم الخبير العسكري قوله إن "معركتنا ضد داعش هي معركة وجود، ولا يمكن التهاون فيها، واستمرار الضربات الجوية النوعية يعني حماية أرواح المواطنين، وتثبيت الأمن والاستقرار، وتأكيد أن العراق ماضٍ بثقة نحو استئصال جذور الإرهاب بشكل نهائي".
وصف الأعسم لهذه المعركة بأنها "وجودية" يجد صداه في تقييمات أمنية تشير إلى أن التنظيم لم يعد يمتلك أكثر من بضع مئات من العناصر النشطة داخل العراق، ما يجعل استمرارية الضربات خطوة فاصلة في تحويل خطره من تهديد قائم إلى مجرد ذكرى ثقيلة.
تكشف الضربة التاسعة ضد مضافات "داعش" خلال عام 2025 أن المعركة ما تزال مفتوحة، لكنها تُدار بزخم أعلى ودقة أكبر من السابق. تصريحات اللواء صفاء الأعسم تؤكد أن الاستمرارية هي الضمانة الوحيدة لشلّ التنظيم بشكل كامل، فيما تُظهر الخلفيات أن التنظيم لم يعد يمتلك سوى جيوب محدودة تتحرك في المناطق الوعرة. ومن هنا، فإن الحفاظ على وتيرة الضربات، مقرونًا بالجهد الاستخباري والتنسيق الأمني، يعني أن داعش لن يكون قادرًا على العودة إلى مشهد التهديد، بل سيتجه تدريجيًا نحو التلاشي الكامل.
بغداد اليوم - المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية: تنظيم داعش لا يشكل خطرا على العراق