بغداد اليوم – بغداد
يتكثف التوتر بين بغداد وواشنطن على خلفية مشروع قانون الحشد الشعبي، الذي يُناقش حاليًا داخل أروقة البرلمان العراقي، وسط تحذيرات أمريكية علنية من تمريره. ورغم أن المشروع يهدف من وجهة نظر داعميه إلى تنظيم وضع الحشد ضمن الدولة، فإن الإدارة الأمريكية ترى فيه خطوة استراتيجية مقلقة.
في هذا السياق، قال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية السابق، أيوب الربيعي، في حديث لـ"بغداد اليوم"، اليوم السبت (26 تموز 2025)، إن "العراق يقع ضمن جغرافيا متوترة، ويشهد أوضاعًا استثنائية منذ أكثر من عامين، عقب أحداث طوفان الأقصى، والتصعيد في غزة، والعدوان على إيران ولبنان وسوريا"، مؤكدًا أن "كل هذه التطورات تفتح الباب أمام احتمالات غير متوقعة".
وأضاف الربيعي أن "أي عدوان محتمل على العراق، سواء من قبل الكيان المحتل أو غيره، لا يمكن أن يحدث دون ضوء أخضر من البيت الأبيض، في ظل الدعم غير المسبوق الذي يحظى به الكيان من قبل الإدارة الأمريكية والدول الغربية"، مشيرًا إلى أن "الحكومة العراقية تبذل جهودًا واضحة لتجنّب إدخال البلاد في أتون الصراعات، رغم بقاء احتمالية الاستهداف قائمة".
مكالمة متشنجة
ومع احتدام الجدل حول مشروع القانون، كُشف عن مكالمة متشنجة جرت مؤخرًا بين رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني ووزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، عبّر فيها الأخير عن رفض بلاده الصريح لأي خطوة تقنن وضع الحشد الشعبي كقوة مستقلة.
وقال روبيو خلال الاتصال بحسب المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس ما نصه: "أكد روبيو على مخاوف الولايات المتحدة بشأن مشروع قانون هيئة الحشد الشعبي الذي ما يزال قيد المناقشة في مجلس النواب، مشدداً على أن تشريع هذ النوع من القوانين سيؤدي إلى ترسيخ النفوذ الإيراني والجماعات المسلحة الإرهابية التي تقوض سيادة العراق".
ويُعد هذا التصريح من أقوى المواقف التي تُعلنها واشنطن منذ توقيع اتفاق الإطار الاستراتيجي عام 2008، والذي تنظر إليه الولايات المتحدة كمرجعية قانونية تمنحها "حق التدخل" في المسارات الأمنية الكبرى داخل العراق إذا ما اعتُبر أنها تُهدد استقراره.
استهداف وعقوبات
وفي قراءة داخلية، يرى الخبير الاستراتيجي أحمد الشريفي خلال تصريحات صحفية، أن رفض بعض فصائل الحشد خيار الدمج داخل وزارتي الدفاع والداخلية، والإصرار على تمرير القانون، قد يُعدّ تحديًا مباشرًا للولايات المتحدة، وقد يفتح الباب أمام تحركات غير تقليدية تشمل استهدافات انتقائية أو عقوبات محددة.
أما السياسي العراقي محمد توفيق علاوي، وفي تصريحات متلفزة، حذّر بشكل مباشر من أن تمرير قانون الحشد الشعبي قد يُعرض قيادات فصائل بارزة لعمليات اغتيال ممنهجة، بالتوازي مع فرض عقوبات دولية على العراق، مضيفًا أن "المعلومات المتوفرة لدى بعض الأطراف تشير إلى وجود مخططات خارجية تستهدف تصفية قادة الفصائل الرافضين للدمج، كجزء من مشروع إعادة ضبط التوازن الأمني لصالح واشنطن".
من جهته، اعتبر الخبير في الشؤون الأمنية، أحمد التميمي في حديث لـ"بغداد اليوم"، أن الحديث عن "وجود قائمة بأسماء داخل العراق مرشّحة للاستهداف من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل" يدخل ضمن حرب إعلامية تهدف إلى الضغط على الحكومة والقوى السياسية، خاصة فيما يتعلق بتشريع قانون الحشد أو رفض الفصائل للاندماج في مؤسسات الدولة.
وأوضح التميمي في حديث لـ"بغداد اليوم"، أن "هذا النوع من التسريبات يُستخدم كأداة لإرهاب القرار السياسي وإضعاف زخم القانون داخل البرلمان"، مشددًا على أن "أي استهداف عسكري فعلي ستكون له ارتدادات مباشرة على المصالح الأمريكية نفسها، وهو ما قد يدفع واشنطن إلى كبح جماح تل أبيب ومنعها من إشعال جبهة جديدة في العراق".
في هذا الإطار، تتصاعد التقديرات أيضا حول إمكانية لجوء الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات سياسية أو اقتصادية على العراق، في حال أصرّ البرلمان على تمرير القانون بصيغته الحالية، دون مراعاة التوازنات الإقليمية والدولية.
وتُرجّح مصادر سياسية مطلعة أن تلجأ واشنطن إلى أدوات ضغط تدريجية تبدأ من تعليق بعض برامج التعاون الأمني، مرورًا بتجميد مساعدات مالية أو تقنية، ووصولًا إلى إدراج جهات سياسية أو شخصيات رسمية على لوائح العقوبات الأمريكية، تحت بند دعم تشكيلات مسلحة خارجة عن السيطرة الرسمية.
تقديرات سياسية تشير إلى أن العراق أمام معادلة دقيقة: تشريع قانون الحشد بصيغته الحالية قد يُعد تحديًا لواشنطن، ويفتح الباب أمام عقوبات أو استهدافات محدودة، فيما يُعد تجميده تراجعًا مكلفًا أمام قوى الإطار. ويبقى التأجيل أو التفاوض على صيغة توافقية خيارًا مرجّحًا لتفادي التصعيد وكسب وقت إضافي للمناورة.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
بغداد اليوم – بغداد أكد النائب علي سعدون، اليوم السبت (26 تموز 2025)،، أن انخفاض أسعار النفط بالتزامن مع ارتفاع النفقات يشكّل ضغطاً كبيراً على موازنة العراق، محذراً من استمرار الاعتماد شبه الكلي على النفط كمصدر للإيرادات في ظل تقلبات السوق العالمية.