بغداد اليوم – بغداد
تشهد عدة محافظات عراقية، خلال الساعات الماضية، سلسلة احتجاجات ووقفات غاضبة، شملت مناطق في الديوانية وميسان ووسط العراق، في مشهد يُعيد إلى الواجهة مشاعر السخط الشعبي إزاء تدهور الخدمات الأساسية، وتفاقم أزمة الكهرباء، وغياب التعيينات، وتراجع الأداء الخدمي، على الرغم من وعود الإصلاح المتكررة.
ووفقًا لتقارير ميدانية وردت إلى "بغداد اليوم" من مراسلينا في المحافظات، فقد خرج العشرات من أهالي منطقة الصلاحية في محافظة الديوانية، اليوم الخميس (24 تموز 2025)، في تظاهرة وسط الناحية احتجاجًا على تردي الكهرباء، حيث رفع المحتجون لافتات تطالب بحلول جذرية لا تقتصر على "مسكنات مؤقتة"، على حد وصفهم.
وفي وقت متزامن، تدخلت قوة من مكافحة الشغب لفض تظاهرة أخرى نظمها أهالي منطقة "المجرية" على طريق الحلة – ديوانية، حيث أغلق المحتجون الطريق للمطالبة بإعادة الحياة إلى نهر المجرية، الذي يعاني من جفاف شبه تام، وسط تجاهل رسمي لتحذيرات متكررة من كارثة بيئية وشيكة في المنطقة.
أما في محافظة ميسان، فقد نظم العشرات من خريجي المهن الصحية وقفة احتجاجية أمام مبنى الدائرة الصحية، للمطالبة بالتعيين ضمن دوائر وزارة الصحة، مشيرين إلى أنهم "ينتظرون منذ سنوات دون جدوى، رغم شح الكوادر وارتفاع الحاجة للخدمات الصحية في عموم المحافظة".
وفي محافظة بابل، تواصلت التظاهرات لليوم الثاني على التوالي في منطقة المهناوية التابعة لقضاء السدة الهندية، حيث قطع الأهالي طريق (سدة – أبي غرق) احتجاجًا على ما وصفوه بانعدام الخدمات الأساسية، لا سيما انقطاع الماء عن قرية الهاشميات وتدهور وضع الكهرباء والطوارئ، رغم أن عدد سكان المنطقة يتجاوز 50 ألف نسمة. وفي حادثة أثارت موجة من الانتقادات، وثّق أحد المواطنين قيام قوات الشغب بسحل أحد المتظاهرين قرب مدينة الحلة خلال تظاهرة احتجاجًا على شحّ المياه، ما دفع ناشطين إلى المطالبة بفتح تحقيق عاجل في "الاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين المطالبين بأبسط حقوقهم".
وفي ملف آخر، وجّه موظفو الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي، ضمن تشكيلات وزارة النقل، نداءً إلى الجهات المعنية، مطالبين بـ"إنصافهم ورفع الظلم الإداري عنهم"، مشيرين في رسالة تلقّتها "بغداد اليوم" إلى أنهم "حُرموا من أبسط حقوقهم الوظيفية بسبب ما وصفوه بالإدارة المتعسفة"، داعين الوزير المعني إلى التدخل وإنهاء معاناتهم الممتدة منذ سنوات.
أزمة متراكمة وتراجع ملموس
الاحتجاجات المتفرقة جاءت في سياق موجة استياء عام تتصاعد مع دخول الصيف ذروته، وبلوغ درجات الحرارة مستويات قياسية، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة كهرباء متجددة، وعجز مزمن في البنى التحتية، وشحّ المياه، وارتفاع معدلات البطالة، وسط تآكل ثقة المواطن بجدوى الإصلاحات الحكومية المتكررة.
ورغم الجهود التي تبذلها الحكومة الحالية لمعالجة بعض الاختناقات، إلا أن كثيرين يرون أن ما يحدث هو نتاج تراكمات أكثر من عقدين من سوء التخطيط والفساد والمحاصصة، الأمر الذي يجعل المعالجات الآنية عاجزة عن مجاراة حجم الأزمة المتنامية.
كما يُشير مراقبون إلى أن "نداءات المرجعية المتكررة"، التي طالما دعت إلى إصلاح مؤسسات الدولة ومكافحة الفساد وتلبية مطالب الشعب، لم تُترجم حتى الآن إلى تغييرات ملموسة على الأرض، وهو ما يُفاقم من شعور اليأس الشعبي، ويدفع قطاعات واسعة إلى الميدان.
وتعكس موجة الاحتجاجات الحالية تنوع الشرائح والمطالب، من الخدمات الأساسية إلى الحقوق الوظيفية، ما يجعلها ليست مجرد رد فعل عابر على أزمة آنية، بل علامة واضحة على عمق الأزمة البنيوية التي تُثقل كاهل الدولة والمجتمع معًا.
ولا يمكن فصل الاحتجاجات المتصاعدة حاليًا عن السياق العام لحالة الغليان التي يشهدها الشارع العراقي منذ فاجعة مستشفى الكوت، التي أودت بحياة عشرات الضحايا نتيجة الإهمال وانعدام إجراءات السلامة، وأثارت موجة غضب شعبية عارمة انتهت باستقالة محافظ واسط تحت ضغط الشارع والمطالبات القضائية. تلك الحادثة لم تكن معزولة، بل جاءت ضمن سلسلة من الحرائق التي التهمت مؤسسات حكومية ومراكز تجارية خلال الأسابيع الأخيرة، في مشهد يعكس حجم التآكل في البنية التحتية وغياب الصيانة والرقابة. ومع تكرار هذه الكوارث، بدأ الشارع يتعامل مع كل حادثة على أنها جرس إنذار جديد لحالة الإهمال البنيوي المستمر، ما زاد من زخم التظاهرات الأخيرة، التي تجاوزت المطالب المحلية إلى مساءلة شاملة لأداء الدولة، وإدانة مباشرة لمنظومة الفساد واللامبالاة التي فشلت في حماية أرواح الناس وممتلكاتهم.
وفي المقابل، حذّرت جهات سياسية من احتمال دخول البلاد في موجات فوضى مدفوعة من الخارج، بهدف زعزعة الاستقرار الداخلي وخلط الأوراق، متهمة ما وصفته بـ"الجهات الصهيونية وأذرعها الإعلامية" بالسعي لاستغلال الاحتجاجات لتأجيج الشارع، الذي اعتبرته أصوات مدنية مستقلة إنه تمهيد لسيناريوهات قمع أو تغييرات مدروسة تحفظ مصالح الطبقة السياسية القائمة.
كما عبّر نشطاء مدنيون عن خشيتهم من تكرار ما جرى في احتجاجات تشرين، مؤكدين أن أي محاولة لقمع الشارع أو احتوائه بالقوة تحت ذريعة "المؤامرة الخارجية" ستكون امتدادًا لسياسات إنكار المطالب، داعين إلى حماية الحق في التظاهر والاعتراف بشرعية الغضب الشعبي المتصاعد.
بغداد اليوم – بغداد أكد المتنبئ الجوي واثق السلامي، اليوم الجمعة (25 تموز 2025)، أن البلاد بدأت تتأثر بموجة حر قوية، مشيرًا إلى أن درجات الحرارة سجلت مستويات قاربت الخمسين، بالتزامن مع سكون نسبي في حركة الرياح وارتفاع في معدلات الرطوبة النسبية. وقال