بغداد اليوم – بغداد
تواجه الأهوار العراقية واحدة من أسوأ أزماتها البيئية منذ عقود، في ظل استمرار الجفاف الحاد الذي أدى إلى فقدان ما لا يقل عن نصف الثروة السمكية فيها، وفق ما أكدته لجنة الزراعة والمياه النيابية، وسط تحذيرات من دخول المنطقة مرحلة حرجة تهدد أمنها الغذائي والاجتماعي.
وقال عضو اللجنة النائب ثائر الجبوري في حديث خصّ به "بغداد اليوم"، اليوم الخميس (24 تموز 2025)، إن "الأهوار في جنوب العراق، بكل امتداداتها، شهدت خلال الفترة الماضية انخفاضاً حاداً في تدفق المياه وتراجعاً واضحاً في مناسيبها، إلى جانب تدهور نوعية المياه، الأمر الذي تسبب بنفوق واسع في الثروة السمكية، بنسبة لا تقل عن 50%".
وأشار الجبوري إلى أن "الوضع الراهن في الأهوار حرج للغاية ومثير للقلق، إذ سُجلت أيضاً حالات نفوق للحيوانات، في ظل محدودية المياه وتردي جودة البيئة"، مشدداً على أن "هذا الواقع المأساوي يضع سكان تلك المناطق أمام أزمة معيشية متفاقمة".
وتمتد الأهوار العراقية على رقعة واسعة من محافظات ذي قار وميسان والبصرة، وتُعد من المناطق البيئية النادرة عالميًا، حيث أُدرجت في قائمة التراث العالمي عام 2016. ويعتمد آلاف السكان فيها على الصيد وتربية الجاموس والزراعة، ما يجعل أي تغير مائي فيها ذا أثر مباشر على استقرارهم المعيشي.
بحسب الجبوري، فإن "الأهوار دخلت فعليًا مرحلة الخطر، ويمكن تصنيفها ضمن الدائرة الحمراء بيئيًا، نظرًا لتسارع مؤشرات التدهور، وتراجع مؤشرات الحياة، سواء على مستوى المياه أو الكائنات أو سبل العيش".
وتُظهر المؤشرات أن الأزمة تجاوزت الأبعاد البيئية لتدخل في عمق البنية الاقتصادية والمعيشية لسكان الأهوار. فنفوق الأسماك لا يعني فقط فقدان مورد غذائي رئيسي، بل يشكل أيضًا ضربة مباشرة للمصدر الرئيسي للدخل لعائلات تعيش على الصيد كمهنة متوارثة.
كما يؤدي تراجع مناسيب المياه إلى تغيّر نمط الحياة الرعوية والزراعية، إذ لا يمكن للجاموس الاستمرار في بيئة طينية جافة، ولا للمحاصيل المحلية أن تنمو وسط ملوحة مرتفعة أو أراضٍ متشققة. وهذا كله يُنذر بهجرة داخلية قسرية قد تعيد تشكيل التركيبة السكانية للمنطقة.
وحذر الجبوري من أن "استمرار هذا الوضع من دون تدخل حكومي فعّال قد يقود إلى ارتدادات أكبر تمس الأمن الغذائي وسبل العيش لآلاف العوائل"، داعيًا إلى "وضع خطة إنقاذ طارئة تتفاعل مع معطيات الواقع القاسي، بما يضمن حمايتهم من تبعات الجفاف المستمرة".
ودعا كذلك إلى تدخل حكومي سريع يتضمن: (حفر قنوات إسعافية لتحسين التدفق المائي، توفير أعلاف مدعومة لمربي المواشي، دعم مشاريع الاستزراع السمكي لتعويض الخسائر، إطلاق حزم مالية طارئة لتعويض السكان المتضررين، التفاوض مع دول المنبع (تركيا وإيران) بشأن الحصص المائية".
ويرى مراقبون أن تكرار مشاهد الجفاف في الأهوار بات يطرح تساؤلات جوهرية عن مدى فاعلية السياسات المائية في العراق، وجدوى التعامل مع الأهوار بوصفها مجرد ملف بيئي، في حين أنها تمثل عقدة حيوية ترتبط بالهوية والثقافة والاقتصاد والأمن المجتمعي.
وبينما تستمر موجات الجفاف مع غياب حلول استراتيجية طويلة الأمد، تبدو الحاجة ملحة لرؤية وطنية شاملة تنقذ ما تبقى من هذا الإرث الطبيعي، قبل أن يتحول إلى مجرد ذاكرة مائية منقرضة.
بغداد اليوم – بغداد أكد المتنبئ الجوي واثق السلامي، اليوم الجمعة (25 تموز 2025)، أن البلاد بدأت تتأثر بموجة حر قوية، مشيرًا إلى أن درجات الحرارة سجلت مستويات قاربت الخمسين، بالتزامن مع سكون نسبي في حركة الرياح وارتفاع في معدلات الرطوبة النسبية. وقال