بغداد اليوم – بغداد
في توقيت مشحون بالرمزية السياسية والتقاطعات الإقليمية، يلوّح حضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط بين 13 و16 أيار، بظلّه الثقيل على القمة العربية المقررة في بغداد في 17 من الشهر ذاته.
وبين ما يُرتّب خلف أبواب الرياض، وما يُنتظر أن يُعلن في بغداد، تقف العواصم الخليجية أمام اختبار الموازنة الدقيقة بين استحقاقات التحالف التقليدي مع واشنطن، ومتطلبات التضامن العربي المُفترض على أرض العراق.
رئيس أمريكي يزور... والعرب يجتمعون
يقول الباحث والأكاديمي الدكتور مجاشع التميمي، في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن زيارة ترامب "قد تتقاطع زمنيًا بشكل مباشر مع انعقاد قمة الجامعة العربية في بغداد، ما قد يؤثر على مستوى تمثيل بعض الدول الخليجية، خصوصًا إذا ما تزامنت الزيارة مع مشاورات اقتصادية وسياسية أو صفقات تتطلب حضورًا مباشرًا من قادة تلك الدول".
ويشير التميمي إلى أن جولة ترامب التي تشمل السعودية، وقطر، والإمارات، ليست مجرد زيارة بروتوكولية، بل ترتبط بسلسلة قمم خليجية ثنائية ومتعددة، تستهدف "إعادة هندسة العلاقات بعد فترة من التوتر والانكفاء".
قمة بغداد... رمزية تتقاطع مع الواقع
بالنسبة للعراق، تمثل القمة العربية القادمة أكثر من مجرد حدث دبلوماسي. هي مناسبة لإعادة تثبيت بغداد كلاعب عربي بعد سنوات من العزلة، ورسالة بأن العاصمة العراقية لم تعد مجرد ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، بل مركزًا لإنتاج توازنات جديدة.
ورغم احتمالية غياب بعض القادة نتيجة تزامن الزيارتين، يؤكد التميمي أن "لا مؤشرات على مقاطعة"، مضيفًا أن "العراق استكمل جميع الاستعدادات، ويحرص على ضمان مشاركة عربية واسعة باعتبارها فرصة لاستعادة الدور العربي الغائب".
ما الذي تريده واشنطن من المنطقة؟
في خلفية هذه التحركات، تبرز معالم سياسة أمريكية أكثر وضوحًا في عهد ترامب الثاني: حضور ثقيل، اتفاقات حاسمة، وتركيز على تثبيت الحلفاء في مواقعهم الإقليمية. وتشير التحليلات إلى أن هدف زيارة ترامب لا يقتصر على إعادة التموضع الأمني، بل يمتد إلى تعميق النفوذ عبر أدوات اقتصادية واتفاقات طاقة وصفقات دفاعية.
هذا الحضور الأمريكي المكثف قد يدفع بعض العواصم الخليجية إلى إعادة ترتيب أولوياتها، حيث تصبح واشنطن نقطة ارتكاز مؤقتة، بينما يُدفع الملف العربي إلى مستوى أدنى من الحضور، دون القطيعة الكاملة.
بغداد على خط التوازن
في ظل هذا التزاحم السياسي، يجد العراق نفسه في موقع دقيق، يحاول من خلاله أن يُظهر قدرته على جمع الفرقاء العرب في لحظة انقسام صامت. فالقمة بالنسبة لبغداد ليست مجرد لفتة دبلوماسية، بل رهان على تحوّل استراتيجي يعيد صياغة موقع العراق داخل المنظومة العربية، بعيدًا عن الاستقطابات الصلبة.
لكن حضور ترامب في الوقت ذاته، يضع هذا الرهان أمام تحدٍّ واقعي، وهو: هل تستطيع بغداد أن تحافظ على وهج القمة في ظل جاذبية اللحظة الأمريكية؟ وهل تنجح في تثبيت حضور خليجي سياسي كامل، أم ستواجه تمثيلًا دبلوماسيًا منخفضًا يفرغ القمة من دلالتها الرمزية؟
المصدر: بغداد اليوم + وكالات
بغداد اليوم – متابعة على امتداد الحدود الشرقية للعراق، لا تتوقف حركة الزائرين الذين يشقّون طريقهم صوب مدينة مشهد الإيرانية، حيث يرقد الإمام علي بن موسى الرضا (ع)، في واحدة من أكثر الرحلات الدينية والثقافية كثافةً وعمقًا في العالم الإسلامي. إذ تستقبل