آخر الأخبار
وزير الخارجية البريطاني يناقش مع السوداني الدور الرئيسي للعراق في ضمان الاستقرار الإقليمي الدفاع البرلمانية توجه رسالة للمسلحين في سوريا: هذا مصير من يقترب لحدود العراق- عاجل النفط يتصدر الدوري والجوية يعود للمنافسة في أبرز نتائج مباريات اليوم انهيارات حجرية في سفوح جبال مكحول السوداني يجري مباحثات هاتفية مع السيسي

تحقيق: ممرضون وأمّيون وغير مختصين "يتلاعبون" بأجساد العراقيات في "مشاريع حزبية" للتجميل

محليات | 14-08-2023, 16:35 |

+A -A

بغداد اليوم -  متابعة 

ناقش تحقيقي صحفي مطوّل، مشكلة مراكز التجميل التي اصبحت مشروعا رائجًا في العراق خلال السنوات القليلة الماضية، وبينما اصبح من المعروف والمتردد دائمًا وجود مراكز "وهمية" تمثل 8% من مراكز التجميل في البلاد، تسببت بمشاكل صحية خطيرة لزبائنها وصلت حد الموت، الا ان المشكلة لاتقتصر على "الوهمية" بل تصل حتى للمراكز المرخصة، حيث ان الرخصة تصدر باسم اطباء، لكن من يدير العمل ويتواجد ويجري عمليات التجميل هم ممرضون او اطباء اسنان او تقنيو مختبرات واجهزة طبية او ليسو متخصصين اساسا بالمجال الطبي ولايحملون سوى شهادة دورة لشهر واحد.


نص التحقيق الذي اجرته شبكة "نيرج" للصحافة الاستقصائية:

لم يمض على زواج إيمان (25 سنة- بغداد) سوى 9 أشهر عندما قررت مطلع عام 2022 الخضوع لعملية شفط دهون في مستشفى الأميرات في بغداد، بسبب ترهلات في منطقة البطن أرادت التخلص منها، لكن خطأ طبياً أودى بحياتها، كما تقول عائلتها.

إيمان واحدة من بين عشرات ضحايا الأخطاء الطبية، التي تتكرر نتيجة مشاكل تحيط بـ”تجارة عمليات التجميل” الرائجة في العديد من المدن العراقية مع الاقبال الكبير عليها، بدءاً بانتشار عمل مراكز التجميل غير المرخصة ومرورا بقيام غير متخصصين باجراء عمليات معقدة، وانتهاء بمنتحلين لصفة أطباء تجميل.

تقول والدة ايمان: “كانت صحتها على أفضل ما يرام، مارست الرياضة قبل أن تتركها لفترة من الوقت، وعندما عادت اليها حدثت ترهلات بسيطة في بطنها، وأصرت على التخلص منها رغم معارضتي لها ومحاولاتي اقناعها بالعدول عن ذلك، فلم يكن الأمر يستحق”.

أجرى العملية طبيب يدعى (ح، ع، س) مقابل 5000 دولار، وكان يفترض أن تستغرق ساعتين كحد أقصى، لكن ذوي إيمان انتظروا خروجها من غرفة العمليات نحو 6 ساعات، وفي النهاية اكتشفوا أنها نقلت خلسة بعد وفاتها إلى مستشفى مدينة الطب، والطبيبُ الذي أجرى العملية فر إلى جهة مجهولة.

طبيب تجميل متخصص، طلب عدم الإشارة إلى اسمه، وهو الشيء الذي طلبته معظم مصادرنا في هذا التحقيق لحساسية الشهادات أو خشية تعرضهم لعقوبات من مراجعهم الإدارية، قال بأن إجراء عملية شفط الدهون يتطلب كادراً طبياً متخصصاً لتجنب المضاعفات التي قد تؤدي لوفاة المريض، وذكر بأن أكثر أسباب الوفيات خلال مثل تلك العمليات “الخثرة الدموية التي تحدث بعد بضع ساعات من إجراء العملية، واذ لم يتم التدخل الطبيب المختص سريعا لمعالجتها فإنها قد تصل إلى الرئة وتقتل المريض”.

اتهم الطبيب أيضاً مستشفيات أهلية بالتستر على ما يصفها بـ”الكوارث” التي تحدث فيها، ويقول “للأسف الشديد، بعض المستشفيات الأهلية تتستر على عمليات يجريها بعض الأحيان وبمقابل مادي، أطباء من خارج المجموعة الطبية المخولة بإجراء مثل هكذا عمليات”.

يستدرك موضحاً من يقصدهم “هم أطباء أسنان، وصيادلة وخريجو التحليلات المرضية، يجرون بعض عمليات التجميل التي هم غير متخصصين بإجرائها من دون التفكير بالعواقب الوخيمة التي تؤدي في بعض الأحيان إلى قتل المريض”.

تلك التجاوزات الخطيرة، تؤكدها “نقابة الأطباء فرع بغداد”، بحسب ما جاء في كتبها المرفوعة إلى وزارة الداخلية عامي 2021 و2022، والتي تشير فيها إلى أسماء مراكز تجميل ترتكب مخالفات بتوظيفها كوادر وسطية تجري التدخلات التجميلية الجراحية وغير الجراحية. 

رصدت نقابة الأطباء في بغداد ثمانية منتحلين لصفة طبيب، وفقاً لكتبها الموجهة إلى وزارة الداخلية خلال الاعوام (2019-2020-2021) وأثبتت أن بعضهم أجرى عمليات شفط الشحوم بمستشفيات أهلية، وحذرت النقابة خلال 2021 من وجود 36 مركزاً وهمياً في بغداد وحدها.

انتشرت في المدن العراقية خلال السنوات الاخيرة العشرات من مراكز التجميل التي تعمل غالبيتها بدون تراخيص رسمية أو يديرها أشخاصٌ غير متخصصين، ومعها تزايدت أعداد ضحايا التجميل الذين يتعرضون لعاهات دائمة، وفقاً لنقابة الأطباء العراقيين.

ما زالت أبواب الكثير من هذه المراكز مفتوحة، على الرغم من تشكيل مجلس الوزراء بموجب الأمر الديواني رقم 23455 في 22 أيار/مايو2023 لجنة تفتيش ومراقبة على المراكز والعيادات الصحية والتجميلية والصيدليات ومذاخر الأدوية غير المرخصة في عموم البلاد برئاسة د. هاني موسى العقابي، وكيل وزير الصحة للشؤون الفنية، وأحد عشر عضواً بينهم أربعة مدراء عامين ورئيس جهاز الأمن الوطني ونقباء طب الأسنان والصيادلة والتمريض العراقي.

بعد يوم واحد من أمر تشكيل لجنة تفتيش، وجه مجلس القضاء الأعلى عبر رئيسه د. فائق زيدان، كتاباً إلى رئاسة الادعاء العام ومحاكم الاستئناف في المحافظات كافة للتعاون من أجل غلق العيادات غير المجازة والمخالفة للقانون والتي لم تستحصل على الإجازة الأصولية من نقابة الأطباء لمزاولة عملها استنادا للمادة 4 من قانون نقابة الأطباء رقم 81 لسنة 1984 المعدل ومنع من لا يحمل إجازة معترف بها من النقابة عن ممارسة المهنة.

 

تراخيص مستأجرة!

وفقاً لأطباء متخصصين قابلناهم لإجراء هذا التحقيق، فإن قسماً من مراكز التجميل تزاول العمل بموجب تراخيص حصل عليها أطباء متخصصون، لكنهم في الحقيقة لا يجرون عمليات في تلك المراكز، ولا يزورونها أصلاً، ويحصلون على مبالغ أو نسب مقابل أن تستخدم تلك المراكز أسماءهم ورخصهم.

ولم ينفِ عضو في نقابة الأطباء العراقيين في بغداد، هذا الأمر، وأكد بأنه يعزز صعوبة التعامل مع المراكز التي وصفها بالوهمية (أي التي تعمل بدون تراخيص أو يديرها فعليا أناس غير متخصصين) وذكر بأن هذا هو السبب وراء إصدار النقابة بيانات تضم الأسماء الصريحة للمراكز الوهمية ومن يديرونها.

ووفقا لقرارات وزارة الصحة، فأن المسموح لهم بافتتاح مراكز وعيادات التجميل هم اختصاصيو التجميل والجلدية. ووضعت هيئة المراكز التخصصية التابعة للوزارة في كتابها رقم هـ.م.ت/875 الصادر بتاريخ2018/7/5 شروطاً لمزاولة التجميل غير الجراحي، تعلقت بأطباء الأسنان (اختصاص جراحة الفم والاسنان، واختصاص طب الفم)، ويسمح لهم بإجراء التداخلات التجميلية ذات الصلة بالوجه والفكين (الفيلر والبوتكس والميزوثيرابي)، أما أطباء الأسنان الممارسون واختصاصات طب أسنان الأخرى فتنحصر ممارستهم بالثلثين الأوسط والأسفل من الوجه باستثناء الأنف والثلث الأعلى من الوجه).

وفي ما يخص خريجي كليات العلوم العاملين على أجهزة الليزر في المؤسسات الصحية الحكومية والأهلية، فقد حدد لهم، العمل في مراكز طب التجميل غير الجراحي وأن يكون عملهم محصوراً بأجراء التدخلات غير المتوغلة، بصفة مساعد، وتحت إشراف طبيب يعمل في المركز بعد اجتيازهم الدورات التدريبية المطلوبة وحصولهم على الشهادة.

لكن واقع الأمر، يشير إلى أن غير متخصصين يجرون عمليات التجميل، وبعضهم لا يحمل غير شهادة مشاركته في دورة تدريبية مدتها أيام قليلة، وهم يعملون في مراكز 80 في المئة منها غير مرخصة، بحسب مصدر تواصلنا معه في وزارة الصحة. قال المصدر بأن بعض محلات الحلاقة في بغداد أصبحت مراكز تجميل، وأن أطباء متخصصين يؤجرون رخصهم لآخرين، لا يحملون أي تخصص.

ويبدو أن مريم (30 سنة) الموظفة في القطاع الخاص في بغداد، كانت واحدة من ضحايا تلك المراكز. تقول بأنها لم تكن مقتنعة تماماً بهوس صديقاتها اللواتي أجرين تعديلات على ملامح وجوههن من خلال عمليات تجميل أجرينها، وقمنا طوال أشهر بمحاولة تغيير نظرتها السلبية إزاء مراكز التجميل، حتى اقتنعت أخيراً في شباط/فبراير عام 2023 وراجعت احداها في منطقة المنصور بجانب الكرخ من بغداد.

“كل ما أردته هو الحصول على وجه ممتلئ” تقول مريم عن تجربتها، لكن ما حدث بعد خضوعها لعملية حقن في الوجه، هو عدم تساوي جبهتها، فلجأت إلى طبيب متخصص بالجلدية في منطقة الكرادة، أخبرها بأنها تعاني من التهاب حاد نتيجة حقن وجهها بكمية كبيرة من الدهون الملوثة بالبكتيريا، وأن من أجرى لها عملية الحقن منتحل صفة طبيب، وليس طبيباً.

عاشت مريم وضعاً نفسياً صعباً دفعها إلى التوقف عن العمل واعتزال محيطها وتجنبت حتى النظر إلى نفسها في المرأة، لكنها تواصل تلقي العلاج لدى طبيب الجلدية أملاً بالشفاء، تقول بكلمات مرتبكة:”ملامح وجهي تغيرت بنحو صادم بسبب مدعٍ لمهنة الطب لا يمتلك أي خبرة بإجراء عمليات التجميل”. وتتساءل عمن يتحمل مسؤولية انتشار المراكز غير المجازة “كيف لي أن أفرق بين مركز حقيقي وآخر وهمي؟”.

سارة (35 سنة) من بغداد، ضحية أخرى لأحد مراكز التجميل، الذي يقع في شارع الربيعي بالعاصمة بغداد، تقول بأن المكان كان يومها مزدحما بكثيرات غيرها جذبتهن العروض بأسعارها الزهيدة.

ومثل كثيرات غيرها، عانت سارة من مضاعفات بعد عملية الحقن، وتطلب الأمر تدخلاً طبياً، اذ توجهت الفتاة الى طبيب مختص بالجلدية، أكد لها أنها حقنت بجرعة فيلر رديء، الأمر الذي تسبب بانسداد الشريان الوجهي والشفوي العلوي.

 ويؤكد اختصاصي الجلدية الطبيب (م-ح)الذي طلب الإشارة إلى اسمه بأحرف أولى، بأن مراكز التجميل غير المرخصة تتنافس فيما بينها لتسويق مواد رخيصة تستخدم في عمليات التجميل التي تجريها، بغية جذب أكبر عدد ممكن من “دون تفكير بما تنتجه هذه المواد من تشوهات كارثية” على حد تعبيره.

 وذكر أن حقنة الفيلر أو البوتكس من المناشئ الرصينة تتراوح اسعارها بين 100 الى 200 دولار، “إلا أن العروض في بعض المراكز تبلغ بين 30 إلى 50 دولاراً… لا يمكن اعتبار تلك المنتجات آمنة”.

 أما بالنسبة إلى العمليات الأخرى، كشد الوجه، فيشير بأنها تجرى في مراكز مرخصة بأجر يصل إلى 2300 دولار، وأن بعض مراكز التجميل تقدم بديلاً عن هذه العملية بما يعرف بالخيوط التجميلية والتي “تحدد أجورها بحسب نوعيتها وعدد الخيوط”.

 أما قص الأجفان فأجرة العملية بحسب الطبيب، تصل في المراكز المرخصة إلى 800 دولار “عملية رفع الحاجب أو ـعين القطة من أكثر العمليات رواجاً في الفترة الراهنة وتجرى تحت التخدير الموضعي وتبدأ أجورها من 383 دولاراً، فما فوق”.

 ويشير إلى وجود مراكز تقدم أسعار مخفضة، مع استخدام مواد غير جيدة أو اللجوء الى كوادر غير متخصصة، وتجري العملية في بيئة غير آمنة طبياً.

 

إحصاءات متضاربة وعقوبات غير رادعة

بالنسبة إلى العقوبات المترتبة على منتحلي صفة طبيب في القانون العراقي، يقول المحامي واثق الدراجي، (من غرفة محامي محكمة استئناف الرصافة- بغداد) أنه وفقاً للقرار رقم 160 الصادر في 5/2/1983 والمنشور في صحيفة الوقائع العراقية العدد “2927” (يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن 10 سنوات كل من   انتحل وظيفة من الوظائف العامة…. أو تدخل فيها أو أجرى عملاً من أعمالها أو من مقتضياتها بغير حق وذلك دون صفة رسمية أو إذن من جهة مختصة).

وفي هذا الإطار، أصدرت محكمة استئناف الرصافة وفقا للقرار رقم 160 حكماً بالسجن لمدة 10 سنوات بحق منتحل صفة طبيب، بحسب المحامي محمد الساعدي، الذي قال إنه توكل في 2023 عن فتاة عانت من مضاعفات عملية شفط دهون الزند، والقاضي أصدر حكماً غيابياً بالسجن لمدة 10 سنوات بحق من أجراها وكان ينتحل صفة طبيب، وذكر أن الشرطة ما زالت تفتش عنه، لأنه لاذ بالفرار بعد معرفته بالشكوى المقدمة ضده.

لا تعلن الجهات ذات العلاقة عن الأعداد الرسمية لمراكز التجميل الوهمية بنحو دوري، والأرقام المتداولة تكون متباينة في العادة أو محددة بمنطقة واحدة، فديوان الرقابة المالية أشار في تقريره الصادر سنة 2020 أن هناك 20 مركز تجميل مرخص في العراق لغاية عام 2019 أما المراكز الوهمية خلال عامي (2019-2018) فقدر أعدادها بـ92 مركزاً، في حين لجنة الصحة النيابية ذكرت في الخامس من آذار/ مارس 2023 أن أعداد المراكز المرخصة في العراق تبلغ 71 مركزاً.

وعلى الرغم من ارتفاع عدد مراكز التجميل المرخصة عاماً بعد آخر، إلا أن ذلك لا يؤثر على رواج المراكز غير المرخصة، إذ ذكر نقيب الأطباء جاسم العزاوي في لقاء متلفز عام 2022 أن هنالك 470 مركز تجميل غير مرخص في منطقة المنصور فقط في العاصمة بغداد، مما يعني أن أعداداها أضعاف ذلك في بغداد وعموم البلاد.

الظاهرة وتفاقمها، وتباين الإحصاءات بشأنها، حمله ديوان الرقابة المالية لجهات رسمية عدة، ووصف تقرير صدر عنه، الإجراءات المتخذة للحد من انتشار مراكز التجميل الوهمية بـ”الضعيفة”، وحمّل التقرير وزارة الصحة المسؤولية لاتباعها اجراءات غير صارمة بحق المخالفين فضلاً عن معاقبتهم وفق قانون الصحة العامة وتعليماته المقر عام 1981، من دون الأخذ في الاعتبار “قدم القانون” الذي تنص فيه المادة (96-اولاً-أ) على “يعاقب صاحب المحل الخاضع للإجازة أو الرقابة الصحية عند مخالفته أحكام هذا القانون أو الانظمة أو التعليمات أو البيانات الصادرة بموجبه بغرامة فورية لا تزيد على مئتين وخمسون الف دينار (170 دولار)، أو غلق المحل لمدة لا تزيد على 90  يوما أو بكليهما وذلك بقرار من وزير الصحة أو من يخوله”.

وهذه العقوبات وفقاً للرقابة المالية غير مناسبة لأنها باتت قديمة، “تكاد تكون محاسبة بعض مراكز التجميل بموجبها مستحيلة”. أما وزارة الصحة، فكانت قد اتهمت وزارة الداخلية بالتقصير في اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق مراكز مخالفة وفقاً لكتاب وزارة الصحة المرقم (58301) في التاسع من أيلول/ سبتمبر 2019.

لكن يبدو أن تعاوناً قد حصل بين الوزارتين أخيراً، إذ أعلنت وزارة الداخلية في بيان لها يوم 20 نيسان/أبريل 2023 إغلاق 20 مركز تجميل مخالف في بغداد ضمن حملتها بالتعاون مع وزارة الصحة لغلق مراكز التجميل غير المجازة.

وتضمن البيان أسماء تلك المراكز وهي: (جونيا لزراعة الشعر، وهلا للتجميل في شارع فلسطين، فيونا – تقاطع ساحة ميسلون، الين، كاريس، صالون سمر، مركز فينكس- زيونة، سايمون بيوتي سنتر، السا للتجميل، بيوتي هير- شارع الربيعي، الخاتون بيوتي سنتر، مجمع النور الطبي، عيادة الطب الليزري- الشعب، ديفرنت- حي أور، عيادة الايم لتجميل والليزر- البنوك، لوكسولوك- الكرادة، مركز ورد- الكرادة نزلة جسر الربيعي، مركز بقية الله، وهي مجموعة عيادات مجازة، تم غلق غرفة التجميل فيها لعدم وجود طبيب متخصص،  U – مدينة الصليخ).

كما أغلقت الوزارة وفقاً لبيانها 11 مركز تجميل مخالفاً في عدد من المحافظات الأخرى واعتقلت 36 مخالفاً من أصحاب تلك المراكز بعد استحصال الموافقات القضائية بحقهم، وتم ايداعهم التوقيف لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، ودعا البيان المواطنين للتعاون والإبلاغ عن المراكز المخالفة عن طريق الرقم المجاني(144).

ومن خلال جولة قامت بها معدة التحقيق للتأكد من اغلاق مراكز التجميل التي قالت وزارة الداخلية في بيانها أنها اغلقتها في بغداد، وجدت بأن ستاً منها مازال العمل فيها قائما، وتستقبل الزبائن بانتظام وهي، بيوتي هير، سايمون بيوتي سنتر، مركز هلا لتجميل، الين،  لوكسولوك،  ورد!

 

تورط رسمي وميليشيوي

محام في محاكم استئناف منطقة الكرخ، يتولى قضية تتعلق بخطأ طبي وقع في واحدة من مركز التجميل، يعلق على سهولة ترخيص عمل مراكز التجميل التي تقوم بعمليات أحيانا تشكل خطرا على حياة مرتاديها، قائلا أن بعضاً من مراكز التجميل محسوبة على شخصيات سياسية أو أصحابها مقربون من أحزاب نافذة “لذا فهي بعيدة عن الرقابة والمساءلة ويصعب محاسبتها” ويستدرك:”والا فما معنى أن تعلن نقابة الأطباء عن وجود مئات من مراكز التجميل غير المرخصة في بغداد، وينتج عن حملة كاملة تقوم بها وزارتان هما الداخلية والصحة عن اغلاق 20 مركزاً فقط !”.

ويضيف:” كما أن وزارة الصحة كانت قد أعلنت عام 2022، وقف منح اجازات فتح المؤسسات الصحية الخاصة بضمنها مراكز التجميل لحين اصدار ضوابط جديدة، إذن كيف تفتح المراكز الجديدة وتمارس عملها؟ وأعني هنا المراكز التي يفترض انها مرخصة، مع أنني أعلم بأن رخصتها في الحقيقة من الجهات النافذة التي تدعمها مقابل المال”.

ويرى المحامي أن مراكز التجميل غير المرخصة لا تختلف عن “نوادي القمار والملاهي الليلية ودور الدعارة التي تتقاضى منها جهات مسلحة أموالاً مقابل توفير الحماية لها”.

مصدر أمني أكد أن الشرطة اعتقلت مطلع عام 2023 طبيباً يعمل في لجنة التفتيش الميدانية التابعة لنقابة الأطباء فرع بغداد بعد ضبطه عبر كمين وهو متلبس بأخذ مبالغ مالية كبيرة بالقرب من مركز تجميل وقد قصده لأكثر من مرة قبل اعتقاله، لتقاضي أموالٍ من صاحب المركز مقابل التستر عليه.

المصدر أشار إلى أن الطبيب المفتش اعترف خلال التحقيقات بأنه يعمل لمصلحة نقيب أطباء فرع بغداد مصطفى السعدي، وبناء على ذلك تم اعتقال الأخير، لكنه مكث لأشهر قليلة فقط في التوقيف قبل إطلاق سراحه مقابل كفالة مالية، والقضية مازالت قيد النظر.

ووفقاً للمصدر ذاته، فإن ظاهرة انتشار المراكز الوهمية وتورط شخصيات فاسدة بدعمها، دفعا رئيس الوزراء إلى تشكيل اللجنة عالية المستوى لملف المراكز والعيادات الصحية والتجميلية فضلاً عن مذاخر الأدوية غير المرخصة والصيدليات، إضافة إلى مراقبة استقدام العمالة والكوادر الأجنبية غير المختصة، وأنه شدد على رئاسة هذه اللجنة برفع تقرير شهري إليه بشأن ما تتوصل اليه.

 

كوادر أجنبية غير مرخصة

ولا تقتصر مخالفات المراكز التي تعرف بالوهمية على مزاولة عملها دون استحصال الموافقات الرسمية، بل وتقدم كذلك على استقطاب كوادر طبية من خارج البلاد للعمل فيها، وهذا ما يوثقه ديوان الرقابة المالية الذي أكد في تقرير سابق له أن الكوادر تلك، تدخل البلاد بتأشيرات سفر سياحية.

هذا الأمر كشفت عنه كذلك نقابة الاطباء في بعض من كتبها المرفوعة لوزارة الداخلية، أكدت فيها أن جنسيات أفراد تلك الكوادر هي “إيرانية وتركية وسورية” وانهم ” يمارسون أعمال التجميل في بغداد دون موافقات اصولية تعمل غالبيتها في مراكز زراعة الشعر.

وأشارت إلى أن قسماً من مراكز التجميل، تجري فيها كوادر وسطية غير متخصصة وبدون إشراف طبي مجاز من النقابة، عمليات تجميل لا يسمح القانون لهم بإجرائها، ما يعرّض حياة المرضى للخطر.

دعاية عبر وسائل التواصل الاجتماعي

مراكز التجميل، الوهمية وغير الوهمية، تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق خدماتها، وبعضها يستخدم صور عري بما يعني الاتجار بأجساد النساء خصوصاً من أجل الحصول على المزيد من الزبائن، تستهدف بها وبنحو مباشر فئة الشباب، وتتنافس فيما بينها لتقديم العروض زهيدة الأسعار وتغريهم بالحديث عن توفر الأجهزة العالمية المتطورة والكوادر المتخصصة.

كما تدعو هذه المراكز أحياناً المهتمين إلى الدخول في دورات تدريبية لإجراء بعض عمليات التجميل، وتمنحهم شهادات في ختامها، ويقومون هم في ضوئها بافتتاح مراكز تجميل “مدعين أن شهاداتهم معتمدة على جامعات عالمية رصينة لاستدراج الزبائن واغرائهم”، وفقاً لمركز النهرين للدراسات الأستراتيجية التابع لرئاسة الوزراء في الكتاب المرقم 1178 في 20/3/2023.

ولهذا دعت “هيئة الاتصالات والاعلام” الجهات الإعلامية في 5 نيسان/ أبريل 2023 بكتابها المرقم 7/ع/5/2/4834 إلى “إيقاف بث الإعلانات الترويجية لمراكز التجميل التي تحتوي على صور خادشة للحياة، إضافة الى نشر التوعية والتثقيف بمخاطر انتشار مراكز التجميل غير المجازة وتأثيرها السلبي على الصحة المجتمعية”.

معدة التحقيق تواصلت مع مركز بيو لايت بيروت اكاديمي، في منطقة المنصور ببغداد مستفسرة عن الدورات التي تقام فيه، فأخبرتها ادارة المركز، أنها دورات تجميل لكلا الجنسين تتضمن حقن (ميزو- بلازما- بوتكس – فلر- الخيوط التجميلية-غمازات الخد).

وذكرت الإدارة أن المشترك سيحصل على ثلاث شهادات دولية في التجميل غير الجراحي (البورد الأميركي- البورد البريطاني- الشهادة الألمانية، إضافة إلى بادج أميركي دولي)، وأن كل ذلك مقابل 2000 دولار فقط. والغريب أن هذا المركز، كان ضمن قائمة احتوت 20 مركزاً مخالفاً كانت نقابة الأطباء قد أصدرتها في 2020 وقالت بانها أحالتها الى الجهات القانونية لتخضع للمساءلة.

اختصاصي التجميل الطبيب (ع-ط)، يصف ما يقدم عليه مشرفون على دورات تمنح شهادات “مزورة” للمشاركين، بأنه “يشبه إعطاء أطفال قنابل قد نزعت منها مسامير الأمان في مدينة مكتظة بالسكان!”

ويحذر من المشاركة فيها، وتساءل موجها كلامه اليهم “كيف يعقل أن تصدقوا مراكز تدعي أنها مرخصة ومخولة بمنح شهادات رسمية متعددة- البورد الاميركي أو البريطاني وغيرها للتجميل غير الجراحي بمدة وجيزة لا تتجاوز بضعة أيام فقط؟”.

ويؤكد الطبيب أن إعلانات مراكز التجميل تستخدم أسماء لإيهام الناس، مثل(الأكاديمية الأميركية أو الجمعية الأميركية) ليوحوا لهم بأنها الجمعية الأميركية الطبية التي تأسست عام 1847 في شيكاغو وكانت أول نواة انطلاقها موقع www.ama-assn.org المخول الوحيد بمنح هذه الشهادات هو مجلس التعليم الطبي المستمر في الولايات المتحدة الأميركية التي تقع في ولاية شيكاغو مدينة (الينوي) والتي نشرت بدورها تحذيراً في تشرين الأول/ أكتوبر 2017 أخلت فيه مسؤوليتها من أي دورة تقام باسمها، وفقاً لما نشرته في موقعها الالكتروني.

لذا يقول الطبيب (ع-ط) إن الترويج عبر مواقع التواصل الاجتماعي في العراق لإقامة دورات طبية في مجال التجميل غير الجراحي التي يحصل المشترك بعد تخرجه على شهادة البورد الأميركي، “عار عن الصحة، فالبورد الأميركي لا ينظم دورات بهذا الصدد ولا وجود لما يسمى بالبورد الأميركي للتجميل غير الجراحي”.

نادية (29 سنة) ربية بيت ولديها طفلة، واحدة من اللواتي جذبتها إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي لواحدة من مراكز التجميل، وراجعت طبيبة يفترض أنها متخصصة بالأسرة في منطقة الشعب ببغداد لتجري لها عملية (تاتو التوريد).

وبعد انتهائها من إجراء العملية لاحظت نادية بأن التاتو موزع بنحو غير منتظم على وجنتيها، وان الطبيبة المفترضة حاولت تدارك الأمر، لكن بدلاً من معالجة خطأها أحدثت ندباً في وجنتي نادية. فقصدت الأخيرة مستشفى أهلياً في منطقة الوزيرية فأخبرتها طبيبة متخصصة بالجلدية هناك، أن بشرتها تعرضت إلى التهاب حاد نتيجة استخدام مادة رديئة في التاتو.

تقول بشيء من الغضب: “أصبحت تلك العملية كابوساً لا يفارقني، استغرق العلاج أربعة أشهر، ورغم ذلك لم يعد وجهي كما كان في السابق، وما زلت أعاني من حساسية مفرطة بين الحين والآخر، وكل ذلك بسبب مركز وطبيبة وهميين يعملان تحت أنظار الجهات الرسمية دون خوف من أي مساءلة”.

 

*أنجز التحقيق بإشراف شبكة “نيريج” للتحقيقات الاستقصائية ونشر على موقع درج.