آخر الأخبار
بغداد قبلة المسؤولين الأجانب.. زيارات مكثفة لحل معضلات المنطقة والعالم! العراق ممنوع على رجالات الأسد بأمر من أمريكا.. واشنطن تعلم أماكن 70% منهم! 4 إصابات بينهم ضابط ومنتسب اثر مشاجرة عشائرية في مدينة الصدر الأجندات الحزبية والفساد بوزارة الكهرباء يلاحقان ملف الطاقة في العراق.. أين الموازنات الانفجارية؟ وزارة التربية: لايوجد أي تعطيل للدوام الرسمي غداً

المواطن ضحية لشح المياه ام متسبب؟ جدلية قائمة وسط حالة جفاف ونزوح غير مسبوقة جنوب العراق

محليات | 1-08-2023, 18:11 |

+A -A

بغداد اليوم -  بغداد

يبدو أن الحكومات المتعاقبة وعلى مدى قرن مضى فشلت في توقيع اتفاق ملزم مع الجارتين (تركيا وايران) يضمن حقوق بلاد ما بين النهرين بشكل دائم، حيث شهد العراق انخفاضاً حاداً بمناسيب المياه، في حين نضبت أنهر وجداول وأهوار من المياه. 

ويبلغ إجمالي معدل الاستهلاك لكافة الاحتياجات في البلاد نحو 53 مليار متر مكعب سنويا، بينما تقدر كمية مياه الأنهار في المواسم الجيدة بنحو 77 مليار متر مكعب، وفي مواسم الجفاف نحو 44 مليار متر مكعب، وإن نقص واحد مليار متر مكعب من حصة العراق المائية يعني خروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية من حيز الإنتاج.

ووفقا لتوقعات "مؤشر الإجهاد المائي" فإن العراق سيكون أرضا بلا أنهار بحلول عام 2040، ولن يصل النهران العظيمان إلى المصب النهائي في الخليج العربي، وتضيف الدراسة أنه في عام 2025 ستكون ملامح الجفاف الشديد واضحة جدا في عموم البلاد مع جفاف شبه كلي لنهر الفرات باتجاه الجنوب، وتحول نهر دجلة إلى مجرى مائي محدود الموارد.

ويعاني العراق منذ سنوات من انخفاض معدلات المياه المتدفقة من الجارتين تركيا وإيران، وهو ما انعكس سلبا على مناسيب نهري دجلة والفرات، وتزامن ذلك مع صيف جاف حذرت الحكومة من تداعياته على مياه الشرب والزراعة. 

وتعاني الزراعة في العراق من الاعتماد على الأساليب التقليدية، وهو ما يسهم في تناقص مستوى الأنهار، بسبب قيام الفلاحين بسحب كميات كبيرة من المياه بالمضخات "الري السيحي"، وهو ما يؤدي إلى زيادة في الاستهلاك بدلا من الاعتماد على التنقيط ووسائل الري الحديثة الأخرى.

ويشكو أهالي عدد أغلب مناطق البلاد، ومنها العاصمة بغداد، من شحّ بمياه الشرب، تفاقم خلال السنتين الأخيرتين، خصوصاً في موسم الصيف وتزايد درجات الحرارة.

ومنذ عدة شهور سجلت مناطق بمحافظات عراقية عدة، منها ديالى المرتبطة حدودياً بإيران، وواسط وذي قار والمثنى، موجات من النزوح القسري، بسبب موجة الجفاف التي تعانيها، والتي سبّبت حرمان مناطق عدة مياه الأنهر، ومن ثم مياه الشرب، ما دفع العديد من العائلات الى الهجرة بحثاً عن المياه.

وتعتمد أغلب مناطق المحافظات، ومنها ديالى وصلاح الدين وواسط وميسان وذي قار، على السيارات الحوضية لإيصال مياه الشرب للمواطنين، إلا أنها غير كافية لهم، خصوصاً في فصل الصيف.

في السياق، شدد المختص في الشأن المائي عادل المختار، اليوم الثلاثاء (1 إب 2023)، على ضرورة ترشيد المواطنين باستهلاك المياه، فيما أكد ان المواطن جزء من ازمة المياه في العراق بسبب عدم ترشيده.

وقال المختار، لـ"بغداد اليوم"، ان "المواطن يحتاج الى توعية كبيرة بقضية الترشيد في استهلاك المياه، فهناك اسراف بصرف المياه من قبل المواطنين داخل المدن السكنية بعموم المحافظات، وهذا الامر سببه ضعف الإجراءات الحكومية في مواجهة هذا الاسراف، خصوصاً وان اغلب المواطنين لا يدفعون فواتير المياه طيلة السنين الماضية".

واضاف المختار، انه "يجب ان يكون هناك تشديد حكومي على قضية الاسراف بصرف المياه، من خلال اخذ جباية، فهذا سيدفع المواطن الى التقليل من هذا الاسراف بشكل كبير، وهذا الحال معمول به بكافة دول العالم، كما يجب ان تكون هناك حملات إعلامية كبيرة لتثقيف المواطن بضرورة الترشيد في استهلاك المياه، حتى لا يكون جزء من ازمة الجفاف في البلاد".

ورسمياً، اوضح المتحدث الرسمي باسم الوزارة محمد الخزاعي في وقت سابق، إن "التخصيصات المالية للوزارة التي تم اقرارها في الموازنة الاتحادية لا تلبي الطموح بل أقل من حاجة الوزارة رغم الاعتراض عليها"، مبينا ان "اجتماعات عقدت بين الكادر المتقدم في الوزارة برئاسة الوزير مع رئيس اللجنة المالية وزيرة المالية لإعادة النظر بالتخصيص المالي للوزارة البالغ أكثر من 650 مليار دينار، حيث ان هذه التخصيصات لاتلبي الطموح ولا تستطيع الوزارة من خلالها أن تنهض بجميع المهام التي تتصدى لها ومنها تقديم الدعم لشراء المرشات فضلا عن تقديم الدعم للفلاح والمزارع من ناحية البذور والاسمدة والمرشات وباقي الامور الأخرى".
وبشأن التخصيص المالي لتقنيات الري الحديثة، لفت الخزاعي، الى أنه "تم إضافة تخصيص لحصة الوزارة في الموازنة وهي قروض بقيمة اجمالية بلغت 300 مليون دولار لشراء المرشات الثابتة والمحورية من شركة باور المتخصصة عن طريق الإقراض الذي ستدعمه الوزارة بنسبة 50 بالمئة وبتسديد على مدى 5 سنوات والاعفاء من الرسوم".

فيما بيّن المتحدث باسم امانة بغداد، محمد الربيعي، إن "هناك 4 طرق رئيسة لهدر المياه وهي أحواض الأسماك ومربي المواشي والمزارعين وكراجات غسل السيارات وعمليات سحب المياه بطريقة عشوائية في المناطق السكنية والتجارية".

وفي هذا الإطار، قدّم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أخيراً، تقديرات مقلقة حول نصيب الفرد العراقي الواحد من المياه بحلول عام 2030. وقال رئيس البرنامج في بغداد آوكي لوتسما، في تصريح صحافي، إنّ "مستويات الجفاف بلغت مستوى قياسياً في العراق في العامَين الماضيَين، مع ارتفاع درجات الحرارة جنوبي البلاد".

وبيّن لوتسما أنّ "المياه التي تصل إلى العراق انخفضت من نحو 30 مليار متر مكعّب في عام 1933 إلى 9.5 مليارات فقط راهناً"، ورجّح أن "يتراجع نصيب الفرد العراقي من المياه في عام 2030 إلى نحو 480 متراً مكعّباً فقط، وهو رقم بعيد جداً عن معيار منظمة الصحة العالمية الذي يُقدَّر بـ1700 متر مكعّب سنوياً".

فيما أشار ناشطون في المجال البيئي إلى أنّ "المشاهد الأخيرة التي رصدتها جمعيات ومنظمات البيئة في العراق تشير إلى تراجع غير مسبوق بمناسيب المياه في محافظات الفرات الأوسط والجنوب، وهي تنذر بكارثة إنسانية وتغيير ديموغرافي في تلك المناطق، بالإضافة إلى احتمال وقوع مجاعة مرتقبة"، مستغربين من أنّ "الحكومة الحالية لم تلتفت نهائياً إلى هذه الأزمة، بل هي تسعى إلى مساعدة الشرائح المتضرّرة في التكيّف مع الوضع، مع العلم أنّ هذا التكيّف غير ممكن، لأنّ ثمّة مناطق باتت كلياً بلا مياه".

وكانت وزارة البيئة قد اعلنت في قوت سابق من حزيران، إطلاق "مشروع تكيّف الأسر الريفية في جنوب العراق مع ندرة المياه الناجمة عن تغيّر المناخ من خلال تمكين النساء كعوامل للتحوّل ومعالجة العلاقة بين الغذاء والطاقة والمياه، بدعم من الحكومة الكندية وبالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في جمهورية العراق".

ونقل البيان عن وزير البيئة نزار ئاميدي قوله إنّ "الهدف من هذا المشروع الذي يواكب التوجّهات الوطنية العراقية هو تعزيز إجراءات التكيّف مع التأثيرات السلبية لتغيّر المناخ، بخاصة على المجتمعات الريفية التي تُعَدّ الأكثر هشاشة، ولما لهذه التأثيرات من علاقة مع الواقع الاجتماعي وكذلك الاقتصادي والصحي لهذه المجتمعات".

وتتصاعد وتيرة الغضب والاستنكار لدى سكان المدن والبلدات والأرياف التي تقع على ضفتي النهرين العريقين دجلة والفرات ضد كل من تركيا وإيران، وهي الدولتان التي يمر منها النهران، قبل أن يلتقيا في القرنة ليتوحدا في شط العرب الذي تتعرض إحياؤه المائية إلى الهلاك بسبب ارتفاع نسبة الملوحة فيه بعد أن قطعت إيران روافدها التي تصب فيه والذي يسير لمسافة 160 كلم قبل أن يصب في الخليج العربي.