سياسة / ملفات خاصة 18-04-2025, 23:09 | 988


بين القطيعة والمراجعة.. كيف رسم الصدر طريقه إلى مقاطعة الانتخابات؟

بغداد اليوم – بغداد

في مشهد سياسي متقلب لا يعترف بالثوابت، يبدو قرار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بمقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة كواحد من التحولات الكبرى التي ترسم معالم المرحلة القادمة في العراق.
رغم أن السياسة العراقية اعتادت على المفاجآت، إلا أن طبيعة القرار وتوقيته وحيثياته تعكس هذه المرة مستوى جديدًا من الحسم والمراجعة الداخلية داخل التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري سابقا)، بحسب ما يؤكده الباحث السياسي المقرب من التيار مجاشع التميمي، في تصريح خاص لـ"بغداد اليوم".

قال التميمي:

"قرار الصدر بشأن مقاطعة الانتخابات بات قاطعاً وحاسماً، خاصة أنه صدر بعد مراجعة داخلية وتقييم للمشهد السياسي، وقد أعلنه بوضوح عبر بياناته وخطاباته.
لكن في السياسة العراقية، تبقى الأبواب مواربة وفقاً لحسابات المصلحة الوطنية أو ضغط الشارع أو وساطات داخلية وإقليمية".
وأضاف التميمي: "ردّ الصدر بخط يده على رسالة رئيس الجمهورية يحمل رمزية عالية؛ فهو تعبير شخصي مباشر يؤكد تمسكه بالموقف ويقطع الطريق أمام التأويلات، كما أنه يحمل رسالة احترام للمخاطب دون التراجع عن القرار".
وأشار إلى أن: "التيار الصدري سيبقى فاعلاً شعبياً وسياسياً، وأي تغيير محتمل في موقفه سيكون مرتبطاً بتغيرات كبيرة في البيئة السياسية أو بظهور ضمانات حقيقية للإصلاح، وهي شروط وضعها الصدر أساساً لمشاركته".
وختم بالقول: "بات الصدر يُنظر إليه من قبل شريحة واسعة كرَمز للإصلاح، خاصة بعد مواقفه المناهضة للفساد ومطالباته المستمرة بتغيير الطبقة السياسية. تحركاته الجماهيرية وقراراته الجريئة، كالمقاطعة، تعزز صورته كزعيم يسعى لتصحيح المسار السياسي بعيداً عن المصالح الضيقة".

محطات أساسية أسهمت في بناء القرار

بعد استعراض تصريح التميمي، تبرز عدة محطات أساسية ساهمت في رسم المسار الذي أدى إلى قرار مقتدى الصدر النهائي بمقاطعة الانتخابات:

الانسحاب من البرلمان

في تموز 2022، انسحب الصدر من البرلمان بعد سلسلة محاولات لتشكيل حكومة أغلبية وطنية.
الانسحاب مثل بداية واضحة للقطيعة مع النظام السياسي القائم، ودشن مرحلة جديدة من مراجعة الخيارات السياسية.

الاعتصام داخل مجلس النواب

لاحقاً، قاد الصدر تحركاً جماهيرياً تمثل باقتحام مجلس النواب والاعتصام داخله، رافعاً شعار إصلاح النظام السياسي من جذوره.
الاعتصام كان إعلاناً بأن أدوات التغيير التقليدية قد انتهت صلاحيتها، وأن التيار الصدري بدأ يختبر الضغط الشعبي كوسيلة بديلة.

إعلان الاعتزال السياسي

في آب 2022، وعقب المواجهات الدامية داخل المنطقة الخضراء، أعلن مقتدى الصدر اعتزاله الحياة السياسية.
الاعتزال جاء تعبيراً عن حالة السخط من الواقع السياسي، وأكد أن البقاء في المشهد يحتاج إلى شروط جديدة لم تتوفر حتى الآن.

تثبيت المقاطعة خلال الانتخابات المحلية

مع تحديد موعد الانتخابات المحلية، ظل موقف التيار الصدري ثابتاً بالابتعاد عن المشاركة، مؤكداً أن الأجواء السياسية ما تزال بعيدة عن تحقيق الإصلاحات المطلوبة.

الرد بخط اليد على رسالة رئيس الجمهورية

اختار الصدر أن يرد بخط يده على رسالة رئيس الجمهورية بخصوص الانتخابات، في موقف يؤكد احترامه للسلطة الدستورية، دون أن يتراجع عن قناعته بضرورة المقاطعة، معززاً بذلك صورته كزعيم مبدئي في قراراته.

تأثير القرار في المشهد السياسي

هكذا تتكامل الصورة: قرار مقتدى الصدر بمقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة لم يكن خطوة معزولة عن سياق سياسي معقد، بل كان حصيلة مراجعات متراكمة وتحولات حادة في تعاطيه مع المشهد السياسي العراقي.
فمن الانسحاب من البرلمان إلى الاعتصام داخل مجلس النواب، مروراً بالاعتزال السياسي وتثبيت قرار المقاطعة، وانتهاءً بالرد الرمزي على رئيس الجمهورية، جاءت كل خطوة لتعبر عن تراكم قناعات لم يعد ممكناً التراجع عنها بسهولة.

تصريح الباحث السياسي مجاشع التميمي وضع النقاط على الحروف، حين أكد أن القرار حاسم ومرتبط بقراءة معمقة للمشهد، وأن أي مراجعة مستقبلية ستظل مشروطة بتغيرات جوهرية لم تتبلور بعد.

وفي ظل استمرار الواقع السياسي كما هو، يبدو أن التيار الصدري ماضٍ في خيار المقاطعة، محتفظاً بثقله الشعبي، ومؤكداً أن التأثير لا يرتبط دائماً بالمقاعد البرلمانية، بل بقوة الحضور والإرادة الجماهيرية.

أهم الاخبار

رواتب الإقليم بين مطرقة القضاء وسندان الأحزاب.. محاولات للالتفاف وقرار لا يُنفذ

بغداد اليوم - بغداد أكد النائب الكردي السابق، غالب محمد، اليوم السبت (19 نيسان 2025)، أن هناك محاولات واضحة من قبل الأحزاب الحاكمة في إقليم كردستان للالتفاف على قرار المحكمة الاتحادية بشأن توطين رواتب الموظفين. وقال محمد في تصريح لـ”بغداد اليوم”، إن

أمس, 23:30