آخر الأخبار
لاريجاني بشأن شروط إيران للتخلي عن السلاح النووي: لننتقل إلى اتفاق جديد تعيين اللواء الركن محمد كاظم عطية قائداُ لشرطة محافظة ديالى أسعار الذهب في الأسواق العراقية لهذا اليوم بعد تهديدات إسرائيلية.. رسالة برلمانية عاجلة للحكومة بشأن تأمين الأجواء كندا تسجل أول إصابة بجدري القردة

مرض الربيع.. تجتمع فيه الأعراض النفسية والبدنية

منوعات | 11-04-2023, 21:07 |

+A -A

بغداد اليوم -  متابعة

الربيع هو الفصل المفضل لملايين الناس حول العالم. فهو يعني صفحة جديدة من المناخ الرائع والطبيعة الخلابة ويرمز للبدايات الجديدة. ففيه تنبت الأزهار وتتبرعم الأوراق ويستيقظ العالم من سباته الشتوي الطويل.


وبالمثل، يبدأ الكثير من الناس مع بداية هذا الفصل بالشعور بالحيوية، خاصة مع ازدياد طول الأيام وإشراقها ودفئها بعد انتهاء الشتاء. لكن بالنسبة للبعض الآخر، يمكن أن يكون الانتقال إلى الربيع أمراً مرهقاً وسبباً في والمرض.

يقول مايكل تيرمان، أستاذ قسم الطب النفسي في جامعة كولومبيا، إن الموسم يؤدي إلى نوع من اضطراب الهوس الاكتئابي المؤقت، وفيه يختبر الناس "تحولات سريعة من الحالة المزاجية العالية إلى حالة خاملة من الاكتئاب والمرض العضوي"، وهي ما يُعرف باسم "مرض الربيع" أو "حمى الربيع".

ما هي "حمى الربيع"؟

في حالة وثّقها الشعراء والأدباء لقرون، خاصة منذ القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ميلادياً، لطالما ساد الغموض المرض المعروف باسم "حمى الربيع" أو "مرض الربيع".

وهي مزيج صحي ونفسي تشمل أعراضه احمرار الوجه وزيادة معدل ضربات القلب وفقدان الشهية والأرق وألم العضلات والجسم والخمول وسرعة التقاط العدوى، ويُعتقد أن الإصابة به تحدث على مدى شهري أبريل/نيسان ومايو/أيار من كل عام بحلول فصل الربيع.

يقول مايكل تيرمان إن "حمى الربيع ليست حالة تشخيصية نهائية"، ولكنها في الواقع تبدأ بحالة مزاجية وطاقة متقلبة وغير متوقعة، تتناقض مع الانخفاض النسبي لأشهر الشتاء التي تسبقها.

وبالرغم من أعراضها المتباينة بين النفسية والبدنية، تظل حمى الربيع حالة طبية غامضة، ولكن كان هناك قدر كبير من الأبحاث حول كيفية تأثير التغيرات الموسمية على مزاجنا وسلوكنا وبالتالي على صحة الجسم وكفاءة المناعة.

وفي أحيان معينة خاصة قبل قرون طويلة، كان المرض يتضمن العديد من الأعراض الصحية بشكل جعله قادراً على تهديد حياة الإنسان إذا لم يتم التعامل معه بالشكل السليم.

حالة غامضة كانت تؤدي للموت قديماً

بالرغم من كونه ليس مرضاً معطلاً أو مميتاً كما كان قبل قرنين أو ثلاثة قرون، فقد كانت حمى الربيع، والمعروفة أيضاً باسم "مرض الربيع" في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلادي، مرضاً يحدث عادةً في فصل الربيع ويتضمن التعب والتوعك وسهولة المعاناة من الكدمات وآلام العظام ونزيف اللثة وضعف التئام الجروح، وهي الأعراض التي تحدث بسبب النقص الحاد في فيتامين سي وفيتامين دي بالجسم، علاوة على المعاناة من الاكتئاب الموسمي في الآن نفسه.

وإذا تُرك المريض دون علاج، وهو ما كانت عليه معظم الحالات قديماً، فقد كان يؤدي لليرقان والنوبات المرضية والاعتلال العصبي والموت. لذلك توفي عدة آلاف من الأشخاص بسبب حمى الربيع القديمة قبل اكتشاف العلاج والتشخيص المناسب.

مرض الربيع أو حمى الأسقربوط

ففي منتصف القرن الثامن عشر، اكتشف طبيب اسكتلندي يُدعى الدكتور جيمس ليند أن مرض الربيع، والذي كان معروفاً في السابق باسم مرض الاسقربوط، هو حالة من نقص حاد في فيتامين سي في الجسم، يمكن علاجه بنجاح عن طريق تناول البرتقال والليمون والحامض.

ولأنه لم يكن قد تم اكتشاف حمض الستريك أو فيتامين سي آنذاك، لم يعرف أحد سبب نجاح هذه الفاكهة في علاج الاسقربوط، لكنهم علموا فقط أن العلاج كان شافياً ومجدياً.

وكان عادة ما يحدث مرض "داء الاسقربوط" في الربيع من كل عام، وبشكل أكثر شيوعاً في المناطق الحضرية، التي كانت خالية إلى حد كبير من الفواكه والخضراوات (وخاصة الحمضيات) خلال فصل الشتاء. 

وكانت المناطق الزراعية في العالم تتمتع بفرص أفضل للحصول على الفواكه والخضراوات التي تم تخزينها خلال الأشهر الدافئة لاستهلاكها خلال فصل الشتاء. 

ونظراً لأن نقل المواد الغذائية وتخزينها كان يمثل مشكلة أكبر لسكان الحضر في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، فقد كان هؤلاء الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بمرض الاسقربوط حيث أصبحت مستويات فيتامين سي لديهم منخفضة خلال أشهر الشتاء مع عدم توفر الفواكه والخضراوات، ونظراً لقصر اليوم وبرودة الفصل فقد صاحبها أعراض مثل الخمول وكثرة النوم والاكتئاب. وبالتالي بحلول الربيع، كانوا يصابون بالمرض البدني علاوة على العديد من الأعراض النفسية.

وبالفعل تعافى المرضى قديماً من التداعيات المزاجية والبدنية للمرض الربيعي الغامض بتناول الحمضيات والخروج في الهواء الطلق، وذلك على الرغم من أن السبب الدقيق للمرض ظل لغزاً حتى عام 1932 عندما تم اكتشاف حمض الأسكوربيك (فيتامين ج) من قبل العلماء في الولايات المتحدة والمجر.

المعاناة من اكتئاب الربيع الموسمي كعامل إضافي

كذلك من العوامل المهمة التي يجب الإشارة لها عند الحديث عن حالة "حمى الربيع" أو "مرض الربيع"، هي الاكتئاب الموسمي المرتبط باختلاف الفصول.

إذ تحتوي كل خلية ونظام في جسم الإنسان على ساعة بيولوجية دقيقة. هذه الساعات تحافظ على إدراك الجسم للوقت وتعمل على مدار 24 ساعة تقريباً، وينظمها ضوء النهار في المقام الأول.

أكثر من أي وقت آخر من العام، يمكن أن يتسبب فصل الربيع في إحداث فوضى في هذه الساعات اليومية. فخلال أيام الشتاء الباردة، الخالية نسبياً من الضوء، يميل الناس إلى النوم لفترة أطول، وتناول المزيد من الطعام، ويعانون من مستويات أعلى من التعب أثناء النهار؛ ما يسبب نوعاً من الاكتئاب يُعرف بالاضطراب العاطفي الموسمي (SAD). وبالتالي فإن حمى الربيع، على الرغم من عدم دراستها بشكل دقيق، قد تكون "التشخيص السريري" للاضطراب العاطفي الموسمي.

لأنه مع حلول فصل الربيع والتزايد السريع في توافر ضوء النهار، حتى بالنسبة للأشخاص الذين يستمتعون بالربيع، فإن التبديل إلى التوقيت الصيفي يمكن أن يؤدي إلى بعض الأعراض.

على سبيل المثال، وجدت دراسة نُشرت عام 2014 في مجلة "أوبن هارت" (Open Heart) في تأثير التوقيت الصيفي في الربيع على النوبات القلبية. ووجدت الدراسة أن عدد النوبات القلبية في يوم الإثنين الذي يلي التوقيت الصيفي قفز بنسبة 24% مقارنة ببقية العام.

يمكن أن تؤثر التحولات اليومية في فصل الربيع أيضاً على عمل جهاز المناعة؛ إذ وجدت دراسة عملية أجراها باحثون بريطانيون عام 2016 ونشرتها مجلة "ميديام" (Medium) أن الالتهاب وعلامات أخرى على نشاط المناعة تنحسر استجابة للتقلبات اليومية الموسمية.

وبالتالي يمكن أن تؤدي اضطرابات ساعات الجسم اليومية في بعض الحالات إلى زيادة الالتهاب وتفاقم الألم أو أعراض بدنية أخرى. ووجدت الدراسة أن هذه الاضطرابات يمكن أن تزيد بشكل مؤقت من خطر إصابة الشخص بالعدوى.

من بين أعراض الحالة الشعور باليأس والاكتئاب والخمول وألم العضلات والجسم – Shutterstock

العلاج بسيط.. الشمس والهواء الطلق!

ولكن في حين أن "حمى الربيع" قد تشكل تحدياً بالنسبة للبعض، تشير المزيد من الأبحاث إلى أن التعرض لأشعة الشمس على بشرتنا قد يعزز بعض الآثار الممتعة للتغيرات الموسمية.

ويعتقد الخبراء أن التعرض المباشر لأشعة الشمس وقضاء الوقت في الهواء الطلق والطبيعة لا يعززان مستويات فيتامين (د) لدينا فحسب، بل يؤدي أيضاً إلى ظهور عدد من التأثيرات الفسيولوجية الأخرى التي تعمل على تحسين مزاجنا وصحتنا العامة والصحة العقلية والمعرفية للناس والمساهمة في تقليل التوتر والاكتئاب.