كيف اختار الحلبوسي "التوقيت الخطأ" للدخول في مناكفات مع السوداني؟
سياسة | 8-04-2023, 23:00 |
بغداد اليوم - متابعة
ناقش تقرير صحفي، مدى تأثر التوقيت الذي اختاره رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي للدخول في مناكفات مؤخرا مع رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، على مستقبله السياسي "المتأرجح".
تنشغل الساحة السياسية في العراق هذه الأيام بالأزمة المستجدة بين رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني ورئيس
مجلس النواب محمد الحلبوسي، وسط تساؤلات حول ما إذا كان الحلبوسي أخطأ التوقيت لجهة فتح جبهة مع السوداني.
وتفجرت الأزمة بين الجانبين على خلفية تعمد الحلبوسي التأخير في عرض مشروع الموازنة العامة الذي قدمته حكومة
السوداني الشهرالماضي، للنقاش تمهيدا للتصويت عليه من قبل النواب.
وفي الوقت الذي كانت فيه الحكومة تنتظر تسريع خطوات إقرار الموازنة المخصصة للأعوام الثلاثة (2023 ـ 2024 ـ 2025)،
والتي تعدالأضخم في تاريخ العراق الحديث حيث أنها تناهز 153 مليار دولار، قرر الحلبوسي منح نفسه إجازة لمدة أسبوعين.
وهو ما دفع الحكومة إلى إصدار بيان استنكار لهذا التأخير، حاثة رئاسة المجلس (الحلبوسي) والقوى السياسية على ضرورة
الإسراع في مناقشة المشروع والتصديق عليه. ولم يكتف رئيس الوزراء بذلك بل عمد إلى إرسال إشارات إلى الحلبوسي بشأن فتح ملفات فساد تتعلق بنافذين مقربين منه، في المحافظات التي يسيطر عليها.
وكانت هيئة النزاهة العراقية أعلنت الثلاثاء عن تنفيذها عملية “كبرى واستثنائية” بمديرية التسجيل العقاري في محافظة
الأنبار غرب العراق أسفرت عن اعتقال مديرها وخمس مسؤولين فيها بتهمة التلاعب والتزوير في أضابير تمليك عشرات الآلاف من الأراضي.
وتحرك السوداني أثار مخاوف لدى رئيس مجلس النواب، الذي عمد إلى الركون إلى التهدئة بينه ورئيس الوزراء، وطلب بعض
الوساطات لعقدجلسات مع السوداني فكان أن اجتمع الطرفان في منزل رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، لكن ذلك الاجتماع لم يحقق المصالحة المنشودة. واستمرت محاولات الحلبوسي لإنهاء التوتر مع السوداني، فكان أن رعى رئيس المجلس الأعلى للقضاء فائق زيدان في منزله لقاءب ينهما.
وكان رئيس مجلس النواب نفى في وقت سابق أن يكون هناك خلاف بينه وبين رئيس الوزراء وقال في بيان “ننفي ما تداولته
بعض وسائل التواصل الاجتماعي بشأن وجود وساطات من قيادات سياسية بداعي الصلح بين رئيسي مجلس النواب والوزراء، حيث أنه لا يوجد أي خلاف شخصي يتطلب الوساطة أو المصالحة”.
وتقول أوساط سياسية عراقية إن الحلبوسي كان يسعى من من خلال تأخير عرض الموازنة لنوع من المساومة لاسيما مع
استشعاره أن رئيس الوزراء ومن خلفه قوى الإطار التنسيقي يسعيان إلى التملص من الاتفاق السياسي الذي جرى بموجبه التوصل إلى تسوية أنهت الأزمة التي شهدتها البلاد لنحو عام وتم على إثرها الإفراج عن التشكيل الحكومي.
ويشمل المنهاج الحكومي الذي يتبنّاه السوداني جملة من الاتّفاقات مع تحالف السيادة السني، أبرزها إصدار قانون العفو
العام، وإلغاء التدقيق الأمني في المحافظات الغربية والشمالية، والذي يُعتبر مصدر قلق للأهالي، وإعادة نازحي ناحية جرف الصخر شمالي محافظة بابل.
وكان مجلس النواب أقر في العام 2016 قانون العفو العام، بعد مطالبات ملحة من المكون السني، لكن بعض الكتل السياسية اعترضت علىحذف بعض بنود القانون وفقراته المتعلّقة بمراجعة ملفّ المحكومين وظروف اعتقالهم.
وخلال الفترة من عام 2006 إلى عام 2014، اعتُقل الآلاف من المدنيين، في المناطق السنية، بالاستناد إلى وشايات من مخبرين سرّيين أوبانتزاع اعترافات منهم تحت التعذيب، ومن ثمّ إدانتهم بالانتماء إلى خلايا تنظيم داعش. وقد طالب الحلبوسي بضرورة أن يتم تفعيل قانون العفو العام خلال شهر رمضان لكن هذه المطالب قوبلت برفض وصد من القوى الشيعية.
ويشير البعض إلى أنه إلى جانب مسألة العفو العام وإعادة النازحين فإن الحلبوسي يضغط أيضا باتجاه اتفاق مماثل لذلك
الذي جرى بين الحكومة الاتحادية وأربيل بشأن حصة الأكراد من الموازنة العامة والتي تقدر بنحو 12.67 في المئة، أي بما يقارب الـ16 تريليون دينار (أكثرمن 12 مليار دولار). ويلفت هؤلاء إلى أن الحلبوسي يطالب بمبلغ قريب من ذلك تحت يافطة مخصصات “المحافظات المحررة”، يتولى هوالإشراف عليها.
وتلفت الأوساط إلى أن الحلبوسي كان يعتقد أن خطوته بالمماطلة في عرض الموازنة قد تشكل حالة ضغط على السوداني
وحلفه الشيعي لكنها أتت على ما يبدو بنتائج عكسية، وعزّزت موقف بعض قوى الإطار وفي مقدمتهم ائتلاف دولة القانون الذي يرى بأن الوقت حان للتخلص من صداع رئيس مجلس النواب، لاسيما وأن البيئة السنية باتت مهيأة لهذه الخطوة، مع اتساع قاعدة الرافضين للأخير.
ويواجه الحلبوسي حالة من الرفض المتصاعد في المحافظات السنية، وسط دعوات مكثفة للمطالبة بعزله عن منصب رئاسة البرلمان، ويقول مراقبون إن رئيس مجلس النواب يبدو أنه أخطأ التقدير بالاحتكاك مع السوداني في هذا التوقيت، حيث أن الكثير يتربص بأيّ خطوة للانقضاض عليه، خصوصا مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات، التي ستعيد ترتيب مواطن النفوذ داخل الحكومات المحلية.