بغداد اليوم - ترجمة
أثار معهد "بروكينز" للدراسات جدلاً واسعاً في أوساط الصحافة الأجنبية بعد نشره تقريراً كشف عن "الدور الرئيس" الذي لعبته الولايات المتحدة الامريكية في "خلق أنماط الفساد" داخل العراق والتي قال انها لم تتوقف عند مؤسسات الدولة بل شملت حتى "منظمات المجتمع المدني".
وبين المعهد في تقرير، ترجمته (بغداد اليوم)، ان بداية أنماط الفساد الذي "زرعته" الولايات المتحدة في العراق، بدأ مع برنامج النفط مقابل الغذاء والدواء الذي أطلق خلال تسعينات القرن الماضي، مؤكدا "خلال تلك الفترة، تعرض العراق الى عملية خداع ونصب احتيال عملاقة شارك بها مسؤولون عراقيون في حكومة صدام، مسؤولون في الأمم المتحدة، شركات أمريكية وسياسيون امريكيون متنفذون".
أنماط الفساد التي زرعت من قبل الإدارة الامريكية حينها في العراق، بحسب المعهد، استمرت عقب اسقاط النظام السابق وإقامة النظام الجديد، موضحا أن معاناة العراق مع الفساد الذي خلقته الولايات المتحدة والجهات الدولية المنتفعة منه استمر بعد عام 2003، من خلال "التدخل الأمريكي المباشر عبر برنامج إعادة اعمار العراق سيء الصيت".
البرنامج القى بحسب المعهد بمليارات الدولارات من الأموال العراقية المحتجزة لدى واشنطن الى جهات محلية ودولية فاسدة داخل البلاد خالقا بذلك "توجها نحو الحصول على المال السهل دون عوائق"، تلك المرحلة قادت الى خلق أنماط الفساد التي ما تزال مستمرة في السيطرة على مقدرات الدولة العراقية حتى اليوم، على حد تعبيره.
الفساد الأمريكي في العراق قاد الى إفقاد البلاد لنحو 220 مليار دولار امريكي من أمواله المحتجزة سابقا من قبل واشنطن، هذه الأموال "اختفت عبر فساد على كل المراحل"، بحسب وصف المعهد، الذي شدد على ان "جهات دولية ومحلية وبمساعدة من الحكومة الامريكية تمكنت من سرقة تلك الأموال بوضح النهار".
الولايات المتحدة وعبر نفوذها في العراق قامت وبشراكة من مسؤولين محليين بـ"حماية" بعض الجهات الفاسدة داخل العراق من خلال التدخل المباشر او المساعدة على اغلاق الملفات المتعلقة بالفساد وما يتبعه من عمليات اغتيالات وخطف، موردة عملية اختطاف وقتل وكيل وزير الصحة عام 2006 عمار السفار كأحد الأمثلة.
عمليات الفساد التي قادتها الولايات المتحدة في العراق بحسب المعهد، هي "الأكبر في تاريخ المنطقة" والتي قال انها ما تزال مستمرة حتى اليوم، بروكينز أكد أيضا، ان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني "يعي" مشكلة الفساد المستشري في البلاد والحماية والتورط الدوليين، مشيرا الى وصفه مشكلة الفساد بانها "تضاهي خطر الإرهاب على العراق" كجزء مهم من التوجه الحكومي الرسمي الذي يجب ان يتخذ لمكافحته.
المعهد أوصى أيضا، السوداني بالتحرك إزاء "تفكيك نظام الفساد الذي اقامته الولايات المتحدة في العراق"، من خلال "العمل على إيقاف الأنماط التي خرجت بها مرحلة إعادة اعمار العراق الامريكية"، مشيرة الى ضرورة "اقصاء" تلك الأنماط من خلال تحجيم دور الولايات المتحدة والعوامل التي خلقتها وقادت الى انتشار الفساد في العراق الى الشكل الذي وصلت عليه اليوم.
الفساد الأمريكي والذي شمل "شركاء دوليين من الأمم المتحدة" لم يتوقف عند الاستحواذ على مقدرات البلاد من خلال المؤسسات الرسمية وأذرع الفساد داخل الدولة، بل تعداه بحسب المعهد الى "منظمات المجتمع المدني" والتي قال انها استغلت من قبل ذات الأطراف الخارجية لتسهيل سرقة الأموال العراقية ومنها المنح والقروض الدولية المقدمة للبلاد من الدول والجهات المانحة.
بحسب دراسة أوردها المعهد، فان المعلومات التي بحثت في العراق حول دور الفساد وتأثيره المباشر على حياة المواطنين، قاد الى مقتل نحو 405 ألف عراقي بين الأعوام 2003 وحتى 2011، نتيجة للبنى التحتية المنهارة والتلوث وغياب الرعاية الصحية التي خلقها الفساد "المصنع أمريكيا" داخل العراق.
العراق الذي وقع في المرتبة الثالثة والعشرين بنسب الفساد العالمية للعام الماضي، يعاني اليوم بحسب المعهد من تأثيرات "جانبية ومباشرة" للفساد أدت الى تبعات "شديدة التأثير حاليا ومستقبلا" على البلاد، ومنها وقوع ما يزيد عن ثلاثة ملايين طفل تحت طائلة الجهل خارج المدارس لغياب الأسس المناسبة لإقامة العملية التربوية نتيجة للفساد، امر شدد المعهد على "تبعاته السلبية الكبيرة" على مستقبل البلاد والاجيال القادمة.
بروكينز شدد، على أهمية ان يتخذ السوداني "خطوات قاسية" لإيقاف أنماط الفساد المصنعة أمريكيا في العراق مع إقرار البلاد لميزانية، قال انها من بين الأكبر برقم وصل الى 152 مليار دولار امريكي، معلنا ان مسؤولية السوداني الأهم الان الحرص على ان تتجه تلك الأموال نحو الاستثمار وإصلاح القطاعات الخدمية الداخلية بمواقعها الصحيحة والتيقن من عدم تعرضها للسرقة كما هو النمط المعتاد منذ بدا التدخل الأمريكي في الشؤون العراقية، بحسب وصفه.
من بين الخطوات التي اوصها بها المعهد، انشاء ما وصفها بــ "جزر نزاهة"، مستندا على دراسة لخبراء مثل جايمس لاكستون حول وضع الأموال والمخصصات للمؤسسات الرسمية في مواقع مالية خارجية تسيطر عليها إدارة السوداني بشكل كامل وتتحكم خلالها بكافة التعاملات الصادرة الى مؤسسات القطاعات العامة والخاصة داخل البلاد بهدف منع التلاعب من قبل الوزراء والمسؤولين المتنفذين داخل الدولة.
خطوات أخرى تضمنت ما اقترحه الباحث في معهد سينتشري سجاد جياد للمعهد، وهي إقامة "شبكة" من أعضاء منظمات المجتمع المدني، المسؤولين والصحفيين لمكافحة الفساد بالتعاون المباشر مع السوداني ومكتبه، بالإضافة الى حلول أخرى من بينها انهاء اعتماد العراق على التعاملات المالية الورقية والتحول نحو العملات الرقمية بشكل كامل.
اما الخطوة الأخيرة والاهم التي قدمها المعهد للسوداني كمقترحات، فهي "السيطرة الكاملة" على المقدرات النفطية العراقية التي قال انها تخضع للنزاعات السياسية المسلحة أحيانا وتمول عبرها الجماعات الخارجة عن سيطرة الدولة العراقية، معلنة "ان السيطرة على المقدرات النفطية للبلاد هي الخطوة الأهم في جهود مكافحة الفساد داخل العراق بشكل قطعي".
المعهد اختتم تقريره بإيراد مثل شعبي عراقي معلنا "المال السائب يعلم السرقة"، ليوضح ان عراق ما بعد 2003 وبالتورط الأمريكي المباشر اصبح "مثالا لتحقق هذه المقولة"، ومشيرا الى ان "فهم أنماط الفساد" ستساعد السوداني وحكومته على مكافحته، الامر الذي بات "ضرورة قصوى" في العراق الان.
بغداد اليوم - دهوك أقدم رجل، اليوم الاثنين (21 نيسان 2025)، على إطلاق النار باتجاه ثلاثة من أفراد عائلته، هم والده ووالدته وزوجته، مما أدى إلى إصابتهم بجروح بليغة، في محافظة دهوك. وأفاد مصدر أمني في حديث لـ"بغداد اليوم"، أن "الحادث وقع في