آخر الأخبار
"سامحونا".. العائدون إلى منازلهم يعثرون على رسائل من "مقاتلي المقاومة" جنوب لبنان (صور) النزاهة: العراق يُوقّع على اتفاقية مكة المكرمة لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الفساد الحكيم: وقف إطلاق النار في لبنان تعبير عن الصمود الأسطوري لشعب لبنان والمقاومة الإسلامية رئيس مجلس النواب يبحث عددا من القضايا الوطنية الهامة مع رئيس الجمهورية النزاهة تضبط 8 متهمين بالابتزاز والاحتيال في بغداد

المرشد الاعلى في ايران يوجه بالاستعانة بالفريق المفاوض القديم لأحياء "الاتفاقية النووية"

عربي ودولي | 27-03-2023, 18:20 |

+A -A

بغداد اليوم - متابعة 

كشفت مصادر سياسية ودبلوماسية في طهران، اليوم الاثنين، أن المرشد الإيراني علي خامنئي، وجّه بالاستعانة بالفريق النووي المفاوض القديم، مستبعداً حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي، وذلك بهدف إحياء الاتفاق النووي، الذي ما تزال مفاوضاته متعثرة بين إيران والقوى الغربية دون إحراز تقدم يذكر منذ 2022.

قالت المصادر لوسائل اعلام عربية، وتابعتها (بغداد اليوم)، إن "مفاوضات أجريت مؤخراً بين دبلوماسيين إيرانيين وأوروبيين في العاصمة النرويجية أوسلو، بحضور علي عباس عراقجي رئيس الفريق المفاوض الإيراني السابق، ونائب وزير الخارجية الإيراني السابق، محمد جواد ظريف، لإحدى جولات المحادثات النووية".

عراقجي وظريف، كانا يمثلان إيران في الحكومة السابقة بمفاوضات إحياء الاتفاق النووي الذي سبق أن توصلت إليه طهران مع "قوى 5+1" وهي مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين بالإضافة إلى ألمانيا)، بعد أن انسحبت واشنطن من الاتفاق في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

المفاوضات النووية للعودة إلى الاتفاق لا تزال غير مباشرة وبرعاية الاتحاد الأوروبي، ومستمرة منذ أشهر طويلة، بعد أن عاد الديمقراطيون للسلطة بعهد جو بايدن، من أجل إحياء "خطة العمل الشاملة المشتركة"، لكنها توقفت منذ أغسطس/آب 2022، لعدم قدرة الطرفين على حل عدد من العقبات الأساسية.

عودة فريق جواد ظريف

في ظل انسداد الأفق بما يتعلق بمفاوضات الاتفاق النووي، ولكسر حالة الجمود، عاد عراقجي وظريف إلى الواجهة مجدداً، وهما المعروفان بالبراغماتية بالتعامل مع القوى الدولية الخارجية، لا سيما أن الأخير عرف عنه "دبلوماسية الابتسام".

كشف مصدر دبلوماسي إيراني، أن الفريق النووي الإيراني المفاوض في عهد وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف (2013 -2021)، عاد للعمل، وأن الدبلوماسي المخضرم، عباس عراقجي نائب وزير الخارجية السابق، قد اجتمع بدبلوماسيين أوروبيين في الأسابيع القليلة الماضية، في دولة النرويج، لبحث طريقة للخروج من المأزق الحالي للمفاوضات النووية.

أوضح المصدر ذاته، دون الرغبة في الكشف عن هويته: "تم إبلاغ عراقجي برغبة السيد خامنئي المباشرة في السفر إلى أوسلو لإجراء جولة من المحادثات مع الدبلوماسيين الأوروبيين، قبل جلوس الفريق النووي المفاوض الحالي معهم". 

أضاف أن الفريق النووي المفاوض الإيراني الحالي، يقوده الدبلوماسي علي باقري كاني، نائب وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان.

عن كواليس اللقاء، حضر المفاوضات دبلوماسيون من فرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى نائب منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إنريكي مورا، بحسب المصدر ذاته.

في حين قال دبلوماسي إيراني ثان، مطلع على المفاوضات في أوسلو، مفضلاً عدم ذكر اسمه، إن "فريق باقري كاني، التقى بالمسؤولين الأوروبيين في النرويج أيضاً، لتمهيد الأرضية لإيجاد مسار يرضي جميع الأطراف، لحل الأزمة الحالية" التي تعيق التقدم في محادثات الاتفاق النووي.

لكن، لماذا تم الاعتماد على الدبلوماسي عباس عراقجي من أجل الجلوس في محادثات مع الأوروبيين بما يتعلق بالاتفاق النووي؟ يجيب عن هذا التساؤل، مسؤول حكومي إيراني، مقرب من القيادة العليا في طهران، قائلاً، مفضلاً كذلك عدم ذكر اسمه، نظراً لحساسية الموضوع: "الإجابة هي: فشل إدارة إبراهيم رئيسي" بهذا الملف.

أوضح المسؤول الحكومي الإيراني أن "إدارة إبراهيم رئيسي، أثبتت أيضاً فشلها، وحتى الآن لم تتوصل إلى أي اتفاق بشأن المفاوضات النووية، بل على العكس، زادت الأمور تعقيداً بعد الأزمة السابقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

وكانت أزمة اندلعت بعد تقرير غير معد للنشر للوكالة الدولية للطاقة الذرية الثلاثاء، اكتشف جزيئات من اليورانيوم المخصب بنسبة 83.7%، أي أقل بقليل من 90% اللازمة لإنتاج قنبلة ذرية، في مصنع فوردو الواقع تحت الأرض على مسافة مئة كيلومتر جنوب العاصمة طهران.

بررت إيران، التي تنفي رغبتها في حيازة سلاح نووي، الأمر بالإشارة إلى "تقلبات لا إرادية" أثناء عملية التخصيب، مؤكدة في الوقت ذاته "عدم قيامها بأي محاولة للتخصيب بما يتجاوز 60%"، إلا أن ذلك سبب أزمة مع الدول الأوروبية الراغبة بالعودة للاتفاق النووي.

الاعتماد على شمخاني وغياب "الخارجية"

كان بارزاً أيضاً، اعتماد طهران في تواصلها الدبلوماسي الإقليمي على مسؤول أمني رفيع المستوى، وهو سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، ما أثار التساؤلات عن غياب دور وزارة الخارجية الإيرانية فيما يخص الاتفاق السعودي الإيراني، وما زاد منها أيضاً، الزيارات الإقليمية لشمخاني إلى الإمارات والاتفاق الأمني مع بغداد.

للإجابة عن ذلك، قال مصدر مقرب من مكتب المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، إن تولي شمخاني لهذه المهام كان بناء على رغبة مباشرة من خامنئي.

أضاف بهذا الصدد: "لا نستطيع القول بأن خامنئي فقد ثقته بشكل كامل في قدرة حكومة رئيسي على إحداث أي تغيير سواء داخلياً أو خارجياً، لكن في الوقت ذاته، فإن الحكومة تقف مكانها بلا تقدم، لذلك رأى المرشد الأعلى أنه من الأفضل الاعتماد على أدوات أخرى، لتوسيع التواصل الإقليمي والدولي لإيران".

بحسب المصدر السابق، فإن هذا الأمر "ينطبق أيضاً على المفاوضات النووية بين إيران والغرب، والمجمدة منذ أشهر"، لكنه أكد أن ذلك لن يسبب استبعاداً تاماً للفريق النووي المفاوض التابع لحكومة رئيسي. 

وقال: "من الأفضل بالنسبة للقيادة في إيران، أن يتعاون الجميع لحل العقبات الحالية، دون استبعاد لأي طرف من الأطراف".

مفاوضات النرويج

بحسب المسؤولين والدبلوماسيين، فإن المفاوضات في أوسلو كان هدفها في المقام الأول تمهيد الأوضاع لاستئناف المفاوضات النووية غير المباشرة بين واشنطن وطهران، بالإضافة إلى التفاوض على صفقات صغيرة دون الحاجة إلى إحياء كامل للاتفاق النووي.

في هذا الصدد، قال دبلوماسي إيراني مقرب من الفريق النووي المفاوض الإيراني الحالي، ومطلع على جلستي المحادثات مع المسؤولين الغربيين في أوسلو: "الخطوات الإيجابية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد زيارة رئيسها رافائيل غروسي الأخيرة إلى طهران، كانت المحرك الأساسي لحدوث جلسات المحادثات في أوسلو".

أضاف أن "من ضمن أهم الأهداف للجلستين، تنفيذ اتفاقية تبادل السجناء بين واشنطن وطهران، مقابل الإفراج عن الأصول الإيرانية المجمدة".

اتفاقية تبادل السجناء أو إطلاق سراح السجناء الإيرانيين-الأمريكيين من مزدوجي الجنسية، المعتقلين في إيران على إثر اتهامات أمنية، كان من الأساس من عمل فريق وزير الخارجية السابق، جواد ظريف.

الجدير ذكره، أنه بعد تمكن إيران من عقد اتفاق مع السعودية برعاية الصين في 10 مارس/آذار 2023، وإعادة فتح السفارات بين البلدين، بعد قطيعة دبلوماسية بدأت في يناير/كانون الثاني 2016، صرح وزير الخارجية الإيراني الحالي، حسين أمير عبد اللهيان، بأن اتفاقية إطلاق سراح السجناء الأمريكيين في إيران، جارٍ العمل عليها بموافقة أمريكية.

لكن في الوقت ذاته، رفضت إدارة جو بايدن الأمريكية مزاعم أمير عبد اللهيان، نافية أن يكون هناك أي اتفاق تم مع الجانب الإيراني فيما يخص هذه المسألة.

إلا أنه بحسب الدبلوماسي الإيراني المطلع على محادثات أوسلو بين الدبلوماسيين الإيرانيين والأوروبيين، فإنه من المتوقع أن يتم تنفيذ اتفاقية إطلاق سراح السجناء الأمريكيين وعلى رأسهم الإيراني الأمريكي سياماك نمازي، مقابل الإفراج عن 7 مليارات دولار أمريكي من الأصول الإيرانية المجمدة، وبالتحديد في كوريا الجنوبية.

يقول المصدر الدبلوماسي الإيراني، فإنه "من المتوقع أن تقوم واشنطن بإيداع جزء من الأموال الإيرانية المجمدة في أحد البنوك في الإمارات أو قطر، مقابل الإفراج عن السجناء الأمريكيين".

أضاف أن "هذا الأمر يعدّ ضمن خطة عقد صفقات صغيرة داخل الصفقة النووية الأكبر، حتى يتم التوصل إلى اتفاق نهائي لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة".

الاتفاق مع الوكالة الدولية الذرية

أصدر مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مؤخراً، انتقاداً لإيران بسبب مسألة عدم تعاون إيران في تحقيق الوكالة بما يتعلق بآثار اليورانيوم المكتشفة في 3 مواقع نووية إيرانية قديمة، ولكن غير معلن عنها، كانت طهران قد قدمت في السابق أجوبة عن أسئلة الوكالة بشأن هذا الأمر، لكنها لم تقتنع، وطلبت إجابات جديدة.

في المقابل، رفضت إيران التحقيق برمته، وأعلنت حكومتها أن التحقيق "مسيس لصالح إسرائيل"، التي ترفض الاتفاق النووي. وطالبت طهران بإغلاق التحقيق بشكل كامل ضمن شروطها لاستئناف المفاوضات النووية غير المباشرة مع واشنطن.

جاءت هذه الأزمة وسط تقارير عن اقتراب طهران من تخصيب اليورانيوم بنسبة 90%، وسط منعها لتحقيق مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإغلاق كاميرات مراقبة الوكالة منذ وقت، بالإضافة إلى قمع السلطات الإيرانية للاحتجاجات المناهضة للحكومة، التي بدأت عقب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني، بعد اعتقالها من قبل إحدى دوريات الإرشاد بمزاعم عدم ارتدائها الحجاب بشكل لائق.

هذا إلى جانب مجموعة من التوترات الأخرى على الصعيد الخارجي بالنسبة لإيران، مثل التعاون العسكري بين طهران وموسكو، والمزاعم الغربية ببيع إيران لطائراتها بدون طيار إلى روسيا، لاستخدامها في الحرب الأوكرانية، ما زاد من سوء الأمور فيما يخص الصفقة النووية بين إيران والغرب.

لكن زيارة رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، في وقت سابق من الشهر الجاري مارس/آذار 2023، وعقده لصفقة مع هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، ساعد في حل جزئي للأزمة النووية الحالية.

بحسب مسؤولين إيرانيين مطلعين، فإن الحكومة الإيرانية وافقت على إعادة تشغيل كاميرات المراقبة التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي كانت قد أغلقتها العام الماضي 2022، ضمن خطواتها لتقليل التزاماتها بقيود الاتفاق النووي الإيراني بعد الانسحاب أحادي الجانب من إدارة ترامب في مايو/أيار 2018، كما وافقت طهران على زيادة عدد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

معلقاً على ذلك، قال مسؤول حكومي إيراني آخر: "الصفقة مع غروسي جاءت بمباركة وتأييد كبير من خامنئي، كما أنها عملت على طمأنة الغرب بشأن الأنشطة النووية الإيرانية بأنها مراقبة بشكل كبير".

العامل الاقتصادي

بالإضافة إلى التفاؤل الذي سببه الاتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، هناك عامل اقتصادي مهم لتسريع الخطوات الإيرانية للوصول إلى مسار لحل الأزمة النووية واستئناف المفاوضات النووية الإيرانية، بحسب مصدر إيراني مسؤول.

المصدر المقرب من مكتب المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، قال: "لا ننكر ثقل العقوبات على اقتصادنا، كما أننا بعد دراسة مئات التقارير الاقتصادية، وجدنا أن السبب في الأزمة الاقتصادية في إيران ليس فقط اقتصادياً، وإنما يعتمد في الأساس على السياسية الخارجية، سواء تجاه الإقليم أو دولياً".

وقال إن "الضغط الاقتصادي والتضخم وانهيار قيمة العملة الإيرانية، كلها أسباب من الممكن أن تؤدي إلى انفجار مجتمعي، واحتجاجات في غنى عنها بالنسبة للسلطات، لذلك كانت توجيهات المرشد الأعلى تؤكد ضرورة إيجاد حلول لهذه الأزمات، من خلال العمل على تكثيف الدبلوماسية الإيرانية".

اعتبر أن هذا التوجه "أثمر عنه الاتفاق السعودي الإيراني، واستعادة الريال الإيراني لبعض قيمته أمام سعر صرف الدولار الأمريكي".

يشار إلى أن إيران تواجه أزمات اقتصادية بسبب عقوبات أمريكية وغربية عليها، بسبب برنامجها النووي، الذي تؤكد أنه لا يسعى للتوصل إلى قنبلة نووية، إلى جانب أنها تشهد احتجاجات منذ سبتمبر/أيلول 2022 بعد مقتل الشابة أميني، توسعت لتصبح مطلبية، ومنادية بتحسين الاقتصاد، وتهتف ضد القيادة والمسؤولين في البلاد.