حكومة السوداني تحظى بـ"الدعم الكبير".. فرصة أخيرة بأدوات مميزة لإنقاذ العراق
سياسة | 10-01-2023, 13:26 |
بغداد اليوم- بغداد
يتصاعد الحديث عن خطوات الحكومة الجديدة في العراق برئاسة محمد شياع السوداني، والتي جاءت من رحم ائتلاف ادارة الدولة الذي تشكل من جميع المكونات بمسمياتها السياسية بعد فترة عصيبة مرت بها البلاد نتيجة الانسداد السياسي والتظاهرات التي انقسمت بين المطالبة بحكومة الاغلبية الوطنية، واخرى بحكومة التوافقية.
وجاء السوداني بمنهاج وزاري توعد فيه الفساد المتفشي في العراق وكل الاذرع التي تدعمه، في وقت هو يعد من ابرز الشخصيات التي تنقلت بالمناصب السياسية دون ذكر اسمه بملف فساد واحد ادين به، مما يشكل تحديا كبيرا له لوضع بصمته بهذا الجانب الذي يعرقل الكثير من المسارات في البلاد منذ سنوات ابرزها جانب الاعمار والخدمات والكهرباء والصحة والتعليم.
وبالرغم من التحديات الكبيرة والتركة الثقيلة التي ألقت بظلالها على حكومة السوداني إلا أن فرص النجاح تبدو واضحة المعالم كون السوداني جاد في تحريك أصابعه باتجاه تصفية الفساد في مؤسسات الدولة ويمتلك الإرادة السياسية في تحريك قلمه الأحمر في طردهم خارج الدولة والحكومة، وفقا لما يقول الكثير من المراقبين للشأن السياسي.
ويؤكد مراقبون، أن السوداني يحظى بدعم القوى السياسية وتحديدا الشيعية منها، التي ترى فيه الفرصة الثمينة في إنجاح الحكومة وتحقيق برنامج الإطار التنسيقي، بالإضافة إلى المجتمع الدولي الذي أبدى استعداده التام في التعاون باتجاه حكومته كما هو الوضع الإقليمي الذي أبدى ترحيبا ومستعد لبدء الحوار استعدادا لمرحلة جديدة في العلاقات بين العراق وجيرانه.
واضافوا، أنه يمكن للسوداني تحقيق الانجازات الكثيرة في مختلف الملفات وتحديداً ملف الخدمات والكهرباء لما يملكه من دراية في إدارة الملفات كونه اشترك في اغلب حكومات ما بعد عام 2003 ولكن في نفس الوقت يتعين عليه أن يكون حذرا في خطواته وتحديداً في مجال الأمن والنفط والذي يستوجب الخطوات الثابتة والقوية والرصينة في ملاحقة مافيات الفساد وحيتان السرقة، فضلا عن مصالح القوى السياسية المستفيدة التي بالتأكيد ستكون المتضرر الأكبر مع وجود فائض مالي كبير من الموارد المالية والتي تقدر بـ 200 مليار دولار فإن فرص النجاح تبدو كبيرة مع وجود القرار السياسي ودعم فإن تحقيق البرنامج الحكومي يبدو قريباً ويمكن تحقيقه .
وتابع المراقبون، أن البرنامج الحكومي الذي قدمه السوداني في تطوير قدرات القوات الأمنية والتي منها الحشد الشعبي ربما يراه البعض ينذر بالخطر على مصالحهم ويعتبرونه تهديدا لهم، ولكن في نفس الوقت يعطي تطمينات بأن الحشد الشعبي كان وما زال وسيكون بمعزل عن الخلاف السياسي أو اختلاف بين القوة السياسية ولن يكون مصدر تهديد لأي جهة سوى من يهدد أمن البلاد وسلمها الأهلي، وسيكون هناك جهداً حكومياً واضحاً للحد من أي قوة عسكرية تعمل خارج نطاق الدولة والقانون والعمل على حصر السلاح بيدها بعيدا عن جهة تحاول مسك الأرض أو التلاعب بأمن المواطن العراقي.
اما بما يخص الخلافات الداخلية بين بغداد واربيل، يؤكد خبراء في الجانب السياسي، أن العلاقة مع إقليم كردستان وحوكمة القوانين المرتبطة بين الإقليم والمركز ربما ستكون حلقة الوصل والاهتمام في جدول أعمال حكومة السوداني وسيكون الحكم الفيصل هو الدستور في أي اختلاف أو نزاع بينهما كما هو الاتجاه في إخراج الحشد الشعبي من المناطق الغربية والتي طالبت بها القوى السنية بعد أن تم تحرير هذه المناطق من قبضة داعش الإرهابي.
وبالمقابل، فلا يقل ملف العلاقات الخارجية اهمية عن بقية الملفات، حيث تسعى حكومة السوداني لبناء علاقات وثيقة مع المجتمع الدولي وابرز من فيه هو المحيط الاقليمي والعربي بالدول المجاورة كإيران والسعودية والاردن والكويت وتركيا وقطر والامارات والبحرين ولبنان، كما من المرجع أن تلعب هذه الحكومة دورا كبيرا في ملف التهدئة بالمنطقة بما يخدم المصالح المشتركة ويؤسس لبنى مهمة اقتصاديا وامنيا واجتماعيا تتشارك فيها البلدان.
من جهته، فقد تعهد السوداني أن "حكومة الخدمة عازمة على غلق منافذ الفساد عبر القوانين والتشريعات الصارمة، بالتعاون مع السلطتين التشريعية والقضائية"، مشيراً إلى أن "محاربة الفساد ستكون في مقدمة أولويات الحكومة، وندعو الجميع إلى تحمل المسؤولية والمشاركة في حملة وطنية شاملة في مكافحة الفساد".
وبين في مناسبات عدة، أن "رؤيتنا واضحة وبرنامجنا داعم للحكومات المحلية لتمكينها من تقديم أفضل الخدمات لمواطنينا وتنفيذ واجباتها وتلبية المطالب المشروعة لأبنائنا إلى جانب التزامنا بالعمل على وفق الدستور في تمتين العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان وفك الخلافات والمسائل العالقة منذ أمد بعيد، فنحن العراقيين جميعاً نأمل بحياة تليق بنا وبحضارتنا، في ظل عراق موحد ومستقر".
وأكد أنه حكومته ستسعى إلى إجراء انتخابات محلية ونيابية، في أجواء حرة ونزيهة وفي ظل نظام انتخابي شفاف يطمئن كل المتنافسين، مضيفاً "لقد آن الأوان لاسترداد هيبة الدولة، وفرض احترام القانون، وإيقاف نزيف التدهور والانفلات بجميع تسمياته وأشكاله، والانتصار لقيم المجتمع العراقي الأصيلة، فالدولة هي صاحبة الحق الشرعي في نشر الأمن وبسط القانون والذود عن السيادة الوطنية عبر مؤسساتها العسكرية والأمنية الرسمية وسنعمل بشكل جاد لخلق بيئة آمنة للشركات الاستثمارية والبعثات الدبلوماسية".
وبعد ذلك كله، يبدو أن حكومة السوداني امام الفرصة الاخيرة لانتشال البلاد من الغرق في بحر الضياع وانعدام الحلول، حيث ومع أن الأموال لا تنقص السوداني للتصرف، فإنه الآن يجلس على تل هائل من الذهب والنقد الأجنبي، لكن هذه الأموال ستكون سلاحاً ذا حدين أمام حكومته، بل تمثل تحدياً آخر يضاف إلى ما يواجهه من تحديات.
ففي وقت لم يجد فيه من سبقه برئاسة الحكومة مصطفى الكاظمي حين تولى مسؤوليته أواسط عام 2020 سوى 600 مليون دولار في الخزينة، بسبب انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا، فإن السوداني، لا سيما بعد أن يقر البرلمان الموازنة المالية قريباً، يستطيع الإنفاق على أي قطاع من قطاعات الدولة.
وطبقاً للكثير من المتابعين، فإن هذه الوفرة المالية سوف تفقد السوداني أي حجة يمكن أن يستند إليها في حال أخفق في أي ميدان من الميادين الخدمية أو الاستثمارية خلال عمر حكومته.
تحرير: أ.ف