آخر الأخبار
رسميا.. فيفا يعلن إيقاف احد الأندية المصرية اهتمامه وحياديته وانفتاحه.. عوامل "حاسمة" تدفع السوداني لوضع بصمته في كركوك حملت رسائل عديدة.. متى يقطف الإقليم ثمار زيارة بارزاني الى طهران؟ إيران عن هجوم إسرائيل على رفح: كيان مارق لا يلتزم بالأعراف الدولية صفقة مبابي تثير مخاوف نجوم الميرنغي

"سورا القديمة".. المدحتية أبرز مدرسة دينية يهودية في تاريخ اليهود القديم

محليات | 26-12-2022, 19:34 |

+A -A

بغداد اليوم- بابل

المدحتية مدينة عراقية تقع جنوب محافظة بابل التي تبعد مئة كيلومتر جنوب العاصمة بغداد. وتعد ثاني أكبر مركز اقتصادي في محافظة بابل بعد مدينة الحلة مركز المحافظة بسبب موقعها الديني المتميز.

وكتبت صحيفة (القدس العربي)، اليوم الاثنين، تقريراً مطولاً عن مدينة المدحتية، وتابعته (بغداد اليوم)، أوضحت فيه أن "مساحتها تبلغ 628 كيلومتر مربع، وتبعد عن الحلة، مركز محافظة بابل، حوالي ثلاثين كيلومتر، وتتبع إداريا هي مركز قضاء الحمزة الغربي التابع لمحافظة بابل، وتنقسم إدارياً إلى أربعة أحياء رئيسية هي: حي الإمام، والجمعية، والحي العسكري، وحي مقصد".

وأضافت أنه "يوجد في وسطها مرقد الحمزة بن القاسم وهو أحد الأئمة الذين يعود نسبهم إلى العباس بن علي بن ابي طالب(ع) المعروف باسم الحمزة الغربي ويمثل مرقده النقطة المركزية التي بنيت حولها أحياء المدينة. يبلغ نفوس المدحتية أكثر من 150 ألف نسمة حسب تقديرات عام 2013".

وأقيمت المدحتية مثل أغلب مدن العراق المدحتية على بقايا مدينة قديمة تعرف باسم سورا أو سوراء، إذ يذكر الباحثون بأن سورا كلمة عبرية، تعني الأرض المنخفضة، وهي موضع في العراق من أرض بابل، سكنها المزيديون قبل تمصير الحلة، وكانت مدينة للسريانيين، تتخلَّلها مجموعة أنهار، أهمها النهر المسمَّى باسمها سورا، وقيل له سوراء، وهو نهر كثير الماء، هو أكبر الأنهار التي تأخذ مياهها من نهر الفرات، ومجراه ما بين الكفل وبين قرية القاسم بن الكاظم (ع).

اما اسم المدحتية الحديث فيعود إلى مطلع سبعينيات القرن التاسع عشر وينسب إلى منشئ المدينة الحديثة الوالي العثماني مدحت باشا الذي حكم ولاية بغداد بين 1869و 1872. ويذكر المؤرخون ان انتفاضات قبلية اشتعلت في إقليم الفرات الأوسط، ما دفع مدحت باشا للتحرك مسرعا لقمع تمرد عشائر ألبو سلطان وخيكان والجبور، وقد استخدم القوة المسلحة المفرطة في قمع التمرد القبلي.

وعندها قرر مدحت باشا نقل دار الحكومة إلى قرية الإمام الحمزة بن القاسم (ع) حيث أصدر أمراً بتحويل القرية إلى درجة ناحية إدارية مرتبطة بمركز لواء الحلة وألحقت بها أكثر من 16 قرية وسميت بالمدحتية تيمنا باسم الوالي، لكن بعض الباحثين يقول إن التسمية جاءت باقتراح من بعض معاوني مدحت باشا لتمييزها عن مدينة الحمزة الشرقي الواقعة جنوب مدينة الديوانية والتي تضم قبر السيد أحمد بن هاشم الغريفي البحراني والذي لقب بالحمزة الشرقي لوقوع مزاره شرق مقام أبو يعلى الحمزة بن القاسم في مدينة المدحتية.

ووصف التقرير "وفرة مياه الأنهر والجداول المحيطة بها وتتبعها إداريا عدة قرى، وهي من مدن الفرات الأوسط المهمة في الإنتاج الزراعي، بالإضافة إلى تميزها في صناعة السجاد اليدوي الذي حاز شهرة محلية وإقليمية وبات مشهورا باسم السجاد الحمزاوي". 

وأوضحت الصحيفة أهمية الزراعة للمدينة وقالت إن "الزراعة تبقى لها الحصة الأكبر في اقتصادها، إذ تزرع في قرى مدينة المدحتية الذرة الصفراء، والحبوب ومختلف أنواع الفواكه والخضر، إضافة إلى انتشار بساتين النخيل في قراها التي تنتج أنواعا ممتازة من التمور. وكذلك تتميز قرى المدحتية بتربية المواشي والأبقار وتحتوي على أكبر سوق للماشية في مدن الفرات الأوسط".

وتشتهر المدحتية بصناعة السجاد الذي يحمل مميزات فنية تطبع إنتاج هذه المدينة بطابعها الخاص. ويأتي تفوق المدحتية بصناعة السجاد اليدوي بسبب وجود اليد العاملة التي تتقن هذه الحرفة إضافة إلى توفر المواد الأولية من الأصواف والشعر بمختلف أنواعها. 

وكانت صناعة السجاد اليدوي في بداياتها متواضعة، الغرض الأساسي منها سد حاجة سكان المدينة قبل أن يصبح موردا اقتصاديا مهما لسكانها. ثم تطور إنتاج السجاد بسبب الحاجة المتزايدة للسكان، ما دعا أصحاب هذه الصناعة إلى الارتقاء بها حتى تتمكن من منافسة النوعيات التي تصنع في بقية مدن العراق، أو السجاد اليدوي الذي يستورد من الخارج وخاصة من إيران وتركيا. وقد أصبحت صناعة السجاد اليدوي في المدينة تضاهي المنتوج الأجنبي وخاصة في التصميم والزخرفة، وعلى هذا الأساس أنشأت وزارة الصناعة في سبعينيات القرن العشرين مصنعا للسجاد اليدوي في المدحتية تابع للقطاع العام لتوفر الخبرة الفنية التي تجيد هذه الصناعة.

كذلك تحتوي على بعض المصانع مثل مصنع السجاد التابع لوزارة الصناعة، ومصنع أكد للمشروبات الغازية، ومن معامل شركة الاتحاد للصناعات الغذائية معمل السكر ومعمل الزيوت بالإضافة إلى شركة المدحتية لتجارة الحبوب، والسايلو الحكومي لتخزين الحبوب.

وتناول التقرير شخصية الحمزة الغربي، الإمام الذي تحمل المدينة اسمه، وهو عالم ورع جليل القدر، يعد أحد مشاهير علماء الإجازة من الشيعة الأمامية، ويروي سكان المدينة التي تضم مشهد الحمزة بن القاسم، من القبائل العربية وبشكل خاص البو سلطان الذين أطلقوا على صاحب المقام لقب (أسد البو سلطان) عدة روايات وحكايات عن كرامات صاحب المقام، حتى غدا قبر الحمزة بن القاسم مزارا شهيرا مميزا في الفرات الأوسط، يزوره المريدون من مختلف أنحاء العراق طلبا للشفاعة والاستشفاء.

وأُنشأت في مدينة سورا أبرز مدرسة دينية يهودية في تاريخ اليهود القديم، تأسست سنة 247م، وكان فيها كبار الحاخامات، ومنهم سعديا الفيومي، وتميزت هذه المدرسة الدينية تأريخياً بأنها قد تم فيها كتابة وتدوين التلمود البابلي، وما يزيد من أهمية هذه المدرسة، أنها تقع في قلب إقليم بابل القديم، كما إنها كانت أكبر مدرسة لإعداد علماء الدين اليهود وكبار الأحبار، إضافة لكونها مقراً لرئاسة الجالوت اليهودي في العراق والمشرق، قبل انتقال هذا المقر إلى بغداد العاصمة، ورغم هذا الانتقال لرأس الجالوت إلى بغداد في العهد العباسي بقي لحاخام سورا حق الأفضلية الدينية في انتخاب رأس الجالوت للطائفة اليهودية.

 


تحرير: ليندا. ر