الدبلوماسية الحذرة.. هل تغيّر إيران ستراتيجياتها في العراق وفق المتغيرات؟

بغداد اليوم - بغداد

في تصعيد جديد يعكس تعقيدات المشهد الإقليمي، كشفت صحيفة The Times الأمريكية، اليوم الأربعاء (9 نيسان 2025)، عن تقارير تفيد بقيام طهران بإرسال صواريخ أرض - أرض متطورة إلى فصائل مرتبطة بها داخل العراق، في خطوة وصفتها الصحيفة بأنها تأتي ضمن الاستعداد لحرب محتملة.

هذه المعلومات، أثارت تساؤلات واسعة بشأن التوازنات العسكرية في المنطقة وتوقيت هذه التحركات.

في المقابل، استبعد الخبير في الشؤون الأمنية صادق عبد الله، في تصريح أدلى به، أن تُقدم إيران على هذه الخطوة، عازياً ذلك إلى ثلاثة أسباب رئيسية تقف حائلاً دون تزويد الفصائل العراقية بتلك الصواريخ.

وقال عبد الله لـ"بغداد اليوم"، إن "إيران لم تخفِ يوماً دعمها للفصائل المسلحة العراقية بجميع عناوينها، وهذا الأمر ليس وليد هذه المرحلة بعد طوفان الأقصى بل يمتد إلى ما قبل وبعد 2003، خاصة وأن لديها مصالح استراتيجية في البلاد وترى أن وجودها القوي في بغداد يخدم مصالحها القومية على مستوى الشرق الأوسط"، مضيفاً أن "إيران تسعى من خلال بعض الفصائل أن تشكل رقماً صعباً في المشهد العام".

وأضاف أنه "بعد الأحداث التي جرت في غزة وصولاً إلى جنوب لبنان، وأحداث الثامن من كانون الأول الماضي في سوريا، والمتغيرات الاستراتيجية التي حصلت على مستوى الشرق الأوسط، أدركت إيران أن حجم الخطر أصبح أكبر وبالتالي عليها تغيير استراتيجيتها في إطار الانفتاح على واشنطن بما يلبي مصالحها بشكل عام، خاصة وأنها تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة ومن مشاكل داخلية ربما هي الأكبر منذ سقوط النظام الإيراني في نهاية السبعينات من القرن الماضي وبروز نظام الجمهورية الإسلامية".

وأشار إلى أن "طهران لن تندفع باتجاه تزويد الفصائل المسلحة العراقية بصواريخ متطورة لثلاثة أسباب: أولاً، لأنها تدرك أن الساحة العراقية تخضع لمتابعة ومراقبة من قبل أجهزة استخباراتية متعددة غربية، ومنها الأمريكية، وبالتالي وقوع أي شحنة بيد الأجهزة الأمنية العراقية سيؤدي إلى أزمة دبلوماسية بين بغداد وطهران، وبالتالي طهران لا تريد خسارة أوراقها في بغداد. إضافة إلى ذلك، هذه الصواريخ تحتاج إلى كوادر وكفاءات ومخازن ودعم لوجستي غير متوفرة في البيئة العراقية".

وأوضح أن "إيران تخشى أن تسقط هذه الصواريخ، التي تحمل تكنولوجيا تدعي أنها سرية وخاصة بها، بيد من تصفهم بالأعداء في الشارع، مثل الأمريكان أو غيرهم، وبالتالي لن تغامر بهذه الخطوة".

ولفت إلى أن "إيران، رغم اشتداد التوتر في الشرق الأوسط، لم تعمد إلى تزويد أي من الفصائل في المنطقة بتقنيات حديثة من الصواريخ أو الطائرات المسيرة، بل كانت عبارة عن أجيال قديمة بعض الشيء".

وأكد أن "الحديث عن أن إيران قد تزود الفصائل بصواريخ متقدمة هو تسريب من دوائر استخباراتية للصحف العالمية، وهو ضمن ما يعرف بأوراق الضغط النفسية"، مشيراً إلى أنه "من المحتمل أن تنطلق مباحثات مباشرة أو غير مباشرة بين طهران وواشنطن عبر إحدى الدول الخليجية خلال الأيام المقبلة".

وكانت بعض الفصائل العراقية قد صعّدت من خطابها خلال الأشهر الماضية، مهددة بتوسيع دائرة الاشتباك، فيما تلوّح واشنطن بالرد على أي تهديد لمصالحها في العراق وسوريا

وبينما تتبادل الأطراف الرسائل النارية في أكثر من ساحة، تُطرح تساؤلات جدّية حول ما إذا كانت الساحة العراقية ستشهد فصلاً جديداً من هذا التصعيد.