آخر الأخبار
المشهداني يستقبل رئيس البرلمان المقال ويناقش معه القوانين وتفعيل دور مجلس مجلس النواب رئيس الجمهورية يطّلع على إيجاز عمل هيئة المساءلة والعدالة هل ستُشمل "مادة إيقاف التعيينات" بتعديل الموازنة؟.. نائب يوضح - عاجل المشهداني: اسعدتنا الانباء من لبنان بوقف اطلاق النار بغداد وجهة إسرائيل الجديدة.. مخاوف عراقية "شعبية وسياسية" من وقف النار في لبنان

حرب الناقلات بين ساحة للصراع الإقليمي والابتزاز الدولي

عربي ودولي | 7-06-2022, 16:14 |

+A -A

بغداد اليوم-متابعة

 

في شهر مايو (أيار) الماضي، استولت إيران على ناقلتين يونانيتين في مياه الخليج. السلوك الإيراني في مياه الخليج يؤشر إلى كيف تحولت مياه الخليج إلى مسرح وميدان توظفه إيران لابتزاز دول العالم، أو لتصفية الحسابات بينها وإسرائيل، لتصبح أحد مسارح الصراع الإقليمي، حيث خربت إسرائيل عدة ناقلات نفط إيرانية، كما قصفت إيران ناقلات نفط إسرائيلية بطائرات من دون طيار.
جاءت الخطوة الإيرانية بعد يوم واحد فقط من احتجاز الولايات المتحدة شحنة الوقود الإيراني لناقلة ترفع العلم الروسي، احتجزتها اليونان الشهر الماضي، بناء على طلب واشنطن. وقال الحرس الثوري الإيراني، في بيان، عقب العملية إن السفن ارتكبت انتهاكات. وقالت وزارة الخارجية اليونانية، إن مروحية إيرانية هبطت على إحدى السفن في المياه الدولية بالخليج العربي على بعد نحو 22 ميلاً من الساحل الإيراني. وقالت الحكومة اليونانية، إن عمليات الضبط ترقى إلى مستوى القرصنة، وحذرت من التأثير السلبي في علاقات إيران مع الاتحاد الأوروبي.
تعيد هذه العمليات الضوء إلى ما يسمى حرب الناقلات، التي كانت قد هدأت بين إيران والأطراف الأخرى، لكنها عادت لتشتعل مرة أخرى بين الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائها من جهة، وإيران من جهة أخرى، على الرغم من كون مصادرة ناقلات النفط قد أصبحت أقل توتراً خلال الأشهر الماضية، حيث انخرطت إدارة بايدن مع إيران عبر وسطاء في فيينا. وقد لاقت حرب الناقلات اهتماماً دولياً كبيراً، لأن تأثيراتها شملت شحن عديد من دول العالم، وكان ينظر إليها على أنها تنطوي على إمكانية التأثير في صادرات النفط العالمية وأسعاره، وعلى جر الدول الأخرى إلى الصراع، بهدف ضمان حرية الملاحة، نظراً إلى التداعيات التي تشكلها مثل هذه الهجمات على الاقتصاد الدولي، الذي يعتمد بقوة على صادرات النفط الخليجية التي تعبر مضيق هرمز.
تصنف الحرب الإيرانية- العراقية، التي بدأت في سبتمبر (أيلول) 1980، كواحدة من أطول الصراعات بين الدول في القرن العشرين، وعلى الرغم من أن حرب الناقلات في مياه الخليج مجرد عرض جانبي للحرب العراقية الإيرانية، فإنها جذبت انتباه دول العالم.
وقد بلغ عدد الضحايا في كلا الجيشين مئات الآلاف، وكانت في الأساس حرباً برية واسعة النطاق، ومع ذلك، فإن الجانب البحري للحرب، لا سيما قرار كلا الجانبين بمهاجمة السفن التجارية لكل طرف، يتردد صداها اليوم أكثر مع بدء التوترات بين إيران والولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة مرة أخرى.
أصبح استهداف إيران والعراق للشحن التجاري لبعضهما بعضاً، بخاصة ناقلات النفط، معروفاً باسم حرب الناقلات، وأسفرت عن مقتل أكثر من 400 بحار مدني، وتدمير مئات السفن التجارية وخسائر اقتصادية فادحة. ففي عام 1981، أعلن العراق أن جميع السفن المتجهة من وإلى الموانئ الإيرانية في المنطقة الشمالية للخليج تتعرض للهجوم.
استخدم العراق قوته الجوية لفرض تهديداته، وبدأ هجمات على السفن لإضعاف قدرة إيران على القتال، وهاجم السفن التي تحمل إمدادات عسكرية إلى جبهة الحرب، كما هاجم السفن التي تحمل الصادرات الإيرانية، وردت طهران بمهاجمة السفن التابعة لشركاء العراق التجاريين والدول التي أقرضت العراق أموالاً لدعم مجهودها الحربي.

استخدمت إيران والعراق صواريخ كروز المضادة للسفن في أكثر من نصف جميع الهجمات على السفن خلال حرب الناقلات، كما استخدمت بغداد الصواريخ في نحو 80 في المئة من هجماتها على السفن التجارية، وكان نحو 61 في المئة من السفن التي تعرضت للهجوم خلال حرب الناقلات ناقلات نفط، كما جرى إغراق 55 ناقلة نفط من أصل 239 ناقلة نفط، وأدت حرب الناقلات إلى انخفاض 25 في المئة في الشحن التجاري، وارتفاع حاد في أسعار النفط الخام.
ورداً على التأثيرات المتزايدة للهجمات الإيرانية في عام 1987، طلبت الكويت من الولايات المتحدة حماية حركة ناقلات النفط، فقامت الولايات المتحدة بتغيير علم الناقلات الكويتية، مما جعلها سفناً أميركية مؤهلة لمرافقة البحرية الأميركية، وعملت على تأمين الشحن من وإلى دول الخليج.
ودأبت إيران من حين إلى آخر بالتهديد بإغلاق مضيق هرمز، وعلى الرغم من التهديدات المتكررة منذ حرب الناقلات، لم تنفذ طهران التهديد، حيث تعتمد هي نفسها على الممرات البحرية لتصدير النفط.
ساعد التدخل الأميركي على احتواء الأنشطة الإيرانية المناهضة للشحن البحري، وضمان حرية للشحن الدولي في الخليج، مما زاد الضغط على إيران للسعي لتحقيق السلام مع العراق. في النهاية، لم تؤد حرب الناقلات إلى إغلاق مضيق هرمز، ولم تؤثر بشكل كبير في صادرات النفط من الخليج، أو أدت إلى زيادات مستمرة في أسعار النفط.
لذا، نتيجة لتأثير المواجهات البحرية منذ الثمانينيات، استثمر الحرس الثوري الإيراني بكثافة في مجموعة من القدرات المضادة للشحن البحري، بما في ذلك الغواصات الصغيرة والألغام والأسلحة المضادة للسفن، وأعداد كبيرة من قوارب الهجوم السريع الموجهة.
وأخيراً، توقفت إيران عن تهديد للملاحة الدولية وحرية الحركة عبر مضيق هرمز، لأنه في ظل مواجهة الإجراءات الأميركية والدولية الرافضة لمثل هذا السلوك تظل قدرة طهران على إغلاق المضيق موضع شك. ومع ذلك تتعامل إيران مع مياه الخليج على أنها مساحة لممارسة استعراض القوة من جهة، والضغط على استقرار تدفق الطاقة من جهة أخرى، وميدان لحرب الظل المتصاعدة بينها وبين إسرائيل أخيراً.