أفغانستان تحت سيطرة طالبان: قاضيات أفغانيات يختبئن خشية الانتقام
عربي ودولي | 28-09-2021, 19:16 |
بغداد اليوم - متابعة
كن رائدات حقوق النساء في أفغانستان، ومدافعات شرسات عن القانون، وباحثات عن العدالة للفئة الأكثر تهميشا في وطنهن. والآن تتوارى أكثر من 220 قاضية أفغانية خوفا من الانتقام تحت حكم طالبان.
وقد تحدثت ست قاضيات سابقات لبي بي سي من أماكن سرية على امتداد أفغانستان عن مخاوفهن في حقبة طالبان الجديدة.
خلال عملها كقاضية، أصدرت معصومة أحكاما على مئات الرجال بتهم ارتكاب العنف ضد نساء، كالقتل والاغتصاب والتعذيب.
وبعد سيطرة طالبان بأيام أطلق سراح آلاف المجرمين، وبدأت تهديدات القتل توجه لمعصومة.
تقول معصومة "عند منتصف الليلة علمنا بأن حركة طالبان أطلقت سراح جميع المجرمين. لذنا بالفرار في الحال. غادرنا منازلنا وتركنا كل شيء خلفنا".
في العشرين سنة الماضية حلت 270 امرأة في مقاعد القضاة في أفغانستان، ولأنهن كن من أقوى النساء في البلاد أصبحن شخصيات معروفة.
الهروب من طالبان
"حين غادرت المدينة في السيارة ارتديت البرقع حتى لا يتعرف على ملامحي أحد. لحسن الحظ استطعت المرور عن كل حواجز طالبان"، تقول معصومة.
بعد مغادرتها بفترة قصيرة تلقت معصومة رسائل من جارتها تخبرها بأن عناصر من طالبان بحثوا عنها في منزلها.
تقول إنها حين سمعت أوصاف الرجال تعرفت على شخصياتهم.
فقبل عدة شهور، وقبل وصول طالبان إلى السلطة، كانت معصومة تحكم في قضية قتل أحد عناصر طالبان لزوجته بوحشية.
تقول: "لا أزال أرى صورة تلك المرأة الشابة في خيالي. كانت جريمة وحشية. بعد الحكم في القضية تقدم المتهم إلي وقال لي: حين أخرج من السجن سأفعل معك ما فعلته مع زوجتي".
وتقول معصومة إنها لم تأخذ الأمر على محمل الجد في ذلك الوقت، لكن منذ أن وصلت طالبان إلى السلطة اتصل بها أكثر من مرة، وقال إنه أخذ كل المعلومات عنها من سجلات المحكمة، وإنه سيجدها وينتقم.
هناك معلومات عن ما لا يقل عن 220 قاضية سابقة عمدن إلى الاختفاء بعد وصول طالبان إلى السلطة في أفغانستان
وفي رده على الاتهامات، قال المتحدث باسم طالبان بلال كريمي لبي بي سي "يجب أن تعيش القاضيات السابقات مثل أي عائلة، بدون خوف. يجب أن لا يتعرضن للتهديد. من واجب وحداتنا العسكرية الخاصة التحقيق في الشكاوى واتخاذ إجراءات في حال كانت هناك انتهاكات."
وكرر وعد طالبان بالعفو العام عن جميع الموظفين الحكوميين السابقين في جميع أنحاء أفغانستان، وقال "العفو العام صادق، لكن لو طلب العض مغادرة البلاد سوف نطلب منهم ألا يفعلوا".
وقد أطلق سراح العديد من المجرمين غير المرتبطين بطالبان ايضا.
وبخصوص أمن القاضيات، قال كريمي "بخصوص مهربي المخدرات وأعضاء المافيا نحن ننوي القضاء عليهم. ستكون إجراءاتنا ضدهم جادة".
كنساء عاليات التأهيل كانت تلك القاضيات المعيلات الرئيسيات لعائلاتهن، لكنهن الآن، وبعد توقف مصدر دخلهن وتجميد حساباتهن البنكية أصبحن يعشن عالة على الأقارب.
العنف ضد النساء والأطفال
على مدى أكثر من ثلاثة عقود قامت القاضية سناء بالتحقيق في حالات العنف ضد النساء والأطفال.
وتقول إن معظم القضايا التي نظرت فيها انتهت بالحكم على عناصر من طالبان أو تنظيم القاعدة.
وتضيف "تلقيت أكثر من 20 مكالمة تهديد عبر الهاتف من سجناء سابقين أطلق سراحهم مؤخرا".
هي الآن مختفية مع أكثر من عشر من أفراد عائلتها.
في إحدى المرات ذهب أحد أقربائها إلى منزل العائلة، لكن بينما كان يحزم بعض الملابس وصلت عناصر من طالبان في عدة عربات مليئة بالمسلحين مع قائدهم. يقول "فتحت الباب ، وسألونا إن كان هذا منزل القاضية. وحين قلت إنني لا أعرف مكانها دفعوني على السلم الحجري وضربني أحدهم ببندقيته وبدأ بضربي. بدأ الدم ينزف من فمي وأنفي."
بعد أن غادر المسلحون توجه قريب سناء إلى المستشفى.
يقول شقيق سناء "أخبرت قريبا آخر إن علينا تغيير مكان سكن شقيقتي باستمرار. لا طريقة أخرى الآن، لا نستطيع مغادرة البلاد حتى إلى باكستان".
الكفاح من أجل حقوق النساء
على مدى عقود كانت أفغانستان تصنف على أنها أقسى البلدان في العالم. وتفيد تقارير هيومن رايتس ووتش بأن 87 في المئة من النساء والفتيات يتعرضن للانتهاكات خلال حياتهن.
وعملت هذه القاضيات خلال فترة خدمتهن على تطبيق قوانين تناصر النساء، وساعدن في الدفاع عن فكرة معاقبة من يمارسون العنف ضد النساء والفتيات.
وتضمن هذا تقديم لائحة اتهام ضد من يغتصب امرأة أو يعذبها، وفي حالات الزواج بالإكراه، وكذلك في حالات منع النساء من تملك العقارات أو الذهاب إلى المدرسة أو العمل.