"كابوس دائم".. أزمة الكهرباء في العراق بلا حل مع "استغلال" إيراني وتصريحات متضاربة
سياسة | 4-06-2021, 20:40 |

بغداد اليوم - خاص
يحمل العراقيون هماً جديداً يضاف إلى قائمة متاعبهم مع كل ارتفاع في درجات الحرارة وموسم صيف جديد، حيث أن أزمة الطاقة الكهربائية تؤرق ليلهم الذي عادة ما يقع ضحية بين ارتفاع اجور المولدات الأهلية للطاقة والتجهيز الحكومي، وتتمحور مشكلة الكهرباء في العراق حول عدم القدرة المزمنة على مواءمة العرض مع الطلب، خصوصاً مابعد التوسع السكاني وتجريف الأراضي الزراعية وتحويلها إلى سكنية، فضلاً عن الانتشار الواسع للعشوائيات ما تسبب بارتفاع كبير في درجات الحرارة نتيجة لقلة الحزام الأخضر وانتشار المولدات الأهلية التي تعوض أحياناً عن الخدمة التي تقدمها الحكومة متمثلة بوزارة الكهرباء.
معاناة كل صيف
يقول ياسر الشمري وهو أحد سكنة منطقة الكرادة وسط بغداد لـ (بغداد اليوم) إن "جميع الحكومات المتعاقبة منذ 2003 ولغاية اليوم عجزت عن حل أزمة الكهرباء التي تحولت إلى معضلة مع كل موسم صيف وارتفاع في درجات الحرارة بسبب الضرر الذي تعرضت له شبكات الطاقة جراء العمليات الحربية والعسكرية، كما ان قطاع الطاقة لم يسلم هو الآخر من الإرهاب، فيستهدف بين الحين والآخر أبراج الطاقة الكهربائية عالية الضغط مع كل صيف".
الاستيراد هو الحل
في الوقت الذي وقع في العراق مع ايران عقداً مدته حسب تصريحات وزير الطاقة الإيراني رضا أردكانيان، لمدة ثلاث سنوات من أجل إعادة بناء صناعة الكهرباء العراقية من قبل القطاع الخاص الإيراني، فهو يسعى إلى تنويع مصادر استيراده من الغاز الطبيعي لتشغيل محطات الكهرباء وعدم الاعتماد على الغاز الإيراني فقط، خاصة في ظل وجود عقوبات أميركية مفروضة على الجانب الإيراني، حيث انه من المرجح حسب تصريحات حكومية تابعتها (بغداد اليوم) بغداد ستطرح على كل من قطر وروسيا وكزاخستان شراء الغاز.
حقول غاز مهدورة
تقول لجنة النفط والطاقة النيابية في تصريح خاص لـ (بغداد اليوم) ان "العراق يمتلك حقول كافية لسد حاجته من الغاز المستخدم في توليد الطاقة الكهربائية، الا ان الشركات النفطية تعيد ضخه إلى باطن الأرض لزيادة انتاجها من النفط،ويتم حرقه ما تسبب بازدياد حالات الاصابة بالأمراض السرطانية في محافظات الوسط الجنوب النفطية".
سياسة الفعل ورد الفعل
عضو مجلس النواب العراقي رعد الدهلكي، وصف السياسة الحكومية في ملف الطاقة الكهربائية بانها سياسة الفعل ورد الفعل، وقال الدهلكي لـ (بغداد اليوم) إن "العراق سيواجه خطراً فيما لو أنهت أميركا تمديد الاعفاء من استيراد الكهرباء من إيران"، فيما دعا الحكومة إلى "العمل الجاد لانشاء مؤسسات حقيقية تخدم المواطن تكون عراقية جغرافياً وفي اداءها، فمن الخطير الاستمرار بسياسة الفعل ورد الفعل لما له من تأثير سلبي على مستجدات الأحداث على الوطن والمواطن".
حبر على ورق
من جانبه، أكد عضو لجنة النزاهة النيابية كاظم الشمري خلال حديث لـ (بغداد اليوم)، أن مشاريع الربط الكهربائي سواء مع الأردن ومصر أو الخليجي مع السعودية والكويت لاتعدو كونها حبر على ورق، حيث أن الحكومة لم تتحرك باتجاه تنفيذها على أرض الواقع والمباشرة بها"، مطالباً الحكومة "بالاعتماد على جولة التراخيص الخامسة المتمثلة بحقول الغاز، كون انه من غير المعقول أن يستورد العراق الغاز من دول الجوار ولديه حقول غاز تحترق منذ عشرات السنين وجولة التراخيص الخامسة التي تم إحالتها في عام 2018 غير مفعلة.
سياسية بامتياز
وصف عضو مجلس النواب العراقي عن محافظة ديالى عبد الخالق العزاوي في تصريح تابعته (بغداد اليوم)، أزمة الكهرباء التي تتجدد مع كل صيف على انها سياسية بامتياز ولن تنتهي حتى لو تم تغيير مئة وزير، حسب تعبيره،"، مؤكداً أن "ملف الطاقة الكهربائية بات مصدراً لثراء قوى وشخصيات سياسية كبيرة وهو يدر عليها ملايين الدولارات سنوياً، ولولا هذا لكان ممكناً حلّها منذ سنوات، فالعراق أنفق أموالاً كافية لبناء محطات، تؤمّن الكهرباء له ودول الجوار".
إيران تستغل الأزمة
ويرى خبراء الطاقة العراقيون أن "إيران تلعب دوراً كبيراً في ملف الكهرباء في العراق، وهي تستخدمه وكورقة للضغط على الحكومات العراقية، مستدلين بالعرقلتها مشروع الربط الخليجي العراقي في مجال الكهرباء، فالطاقة العراقية تعتمد بشكل رئيسي وأساسي على الغاز الإيراني، مع أن الغاز العراقي أرخص بكثير، لو قررت الحكومة العراقية استثماره".
محطات إيرانية غامضة
وفي تصريح لقناة العالم تابعته (بغداد اليوم) قال السفير الإيراني في العراق إيرج مسجدي إن "طهران تباشر حالياً في انشاء محطتين لتوليد الطاقة الكهربائية في العراق"، مشيراً إلى أن "أحد المشروعين سيتحول إلى محطة كبرى تزود العراق بالطاقة الكهربائية".
استغراب حكومي للتصريحات
وزارة الكهرباء من جانبها أبدت "استغرابها من تصريحات مسجدي"، حيث أكدت في حديث خاص لـ (بغداد اليوم) "انها لاتمتلك أي معلومة حول موضوع محطات الطاقة الكبرى التي تعتزم طهران انشاءها في العراق، على الرغم من انها الجهة الرسمية الوحيدة المخولة بمثل هذه الاتفاقيات والتعاقدات".
ربط الطاقة بالخليج
ويرد المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى على موضوع الربط الخليجي في تصريح خاص لـ (بغداد اليوم) قائلا: "الربط سواء مع الخليج أو مع المملكة الهاشمية الأردنية لن يدخل خط الانتاج هذا الموسم، كون المشروع وقت أكثر فهو بحاجة إلى دراسات ومسح أراضي والتأكد من تأمينها من أجل المضي بالمشروع، مبيناً أنه "قد يكون جاهزاً صيف 2022 اذا سارت الأمور بشكل جيد".
يذكر أن العراق حقق أعلى مستوى تجهيز للطاقة الكهربائية في عام 2020 حيث أعلنت وزارة الكهرباء انذاك عن تخفيض الطاقة المستوردة من إيران بنسبة 75 %، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع الانتاج الذي أكد المتحدث باسم الوزارة حينها أحمد العبادي ان مقدار الانتاج يقدر بـ 13400 ميغا واط.