بغداد اليوم - بغداد
تعد بيئة المصارف الاهلية في العراق، هشة وغير مطمئنة لما يشاع عن ارتباطاتها الحزبية والتي ثبتت نوعا ما بعد العقوبات الامريكية الاخيرة على طيف واسع منها بسبب تورطها في عمليات التهريب وغسيل الاموال، مما ادى الى تكدس الاموال في منازل المواطنين لتصل الى مايقارب 70 تريليون دينار من مجموع الكتلة النقدية العراقية، وابتعادها عن المنظومة المصرفية، لإنعدام الثقة والفشل باستقطاب هذه الاموال.
خارج الضوابط
ويزداد الوضع هشاشة باعتماد الدولة على تعاملاتها مع المصارف الحكومية، والتي صنفها القانون بأنها "تجارية" ولسيت "تنموية"، اضافة الى تحكمها بالاسواق الموازية وتحميلها مسؤولية انخفاض قيمة الدينار العراقي اما الدولار الامريكي، وفق مراقبين.
ويتصدر العراق دول الشرق الاوسط بأعداد المصارف بـ(81) مصرفاً بينها 7 حكومية، و (74) اهلية، اي مانسبته 91% من المجموع.
واعتبر مختصون، ان هيمنة المصارف الاهلية على الدولار هي سبب الأزمة، بينهم الخبير في الشأن المصرفي أحمد التميمي، وخلال حديثه لـ"بغداد اليوم"، لفت الى ان "المصارف الاهلية أصبحت تستحوذ على الدولار وترفض اعطاءه الى المواطنين، حتى الذين لديهم سفر، وتعمل على إعطاء هذا الدولار بصورة غير شرعية للكثير من التجار من أجل القيام بالحوالات السوداء".
وفي ايلول الماضي، قال مسؤول كبير بوزارة الخزانة الأمريكية، إن البنك المركزي العراقي يجب أن يعالج المخاطر المستمرة الناجمة عن سوء استخدام الدولار في البنوك التجارية العراقية، ليتجنب فرض إجراءات عقابية جديدة تستهدف القطاع المالي في البلاد، مشيرا إلى أعمال احتيال، وغسل أموال وتهرب إيران من العقوبات.
ويذكر المسؤول أن الولايات المتحدة كانت منعت في تموز الماضي، 14 بنكا عراقيا من إجراء معاملات بالدولار، في إطار حملة أوسع نطاقا ضد الاستخدام غير القانوني للدولار.
اين رابطة المصارف؟
وانتقد التميمي رابطة المصارف العراقية، منوهاً بان هناك "تقصير كبير في مهامها وواجباتها، فهي لا تعمل على مراقبة او متابعة عمل المصارف، التي هي سبب كل ازمة الدولار في العراق، وهذا الامر يتطلب تدخل حكومي عاجل من أجل انهاء هذه الهيمنة".وفي وقت سابق، اكدت رابطة المصارف إنها ومصارفها الاعضاء "تراقب" الارتفاع الحاصل مؤخرا في سعر الصرف، فيما استعرضت اجراءات البنك المركزي التي سبق وان كشفها البنك بنفسه في بياناته المتكررة.
هذا البيان دفع عدد من المصرفيين لاستهجان دور الرابطة وضعف موقفها من المصارف المتورطة المنضوية تحتها.
وفي شباط الماضي، قرر البنك المركزي رفع قيمة سعر الصرف الرسمي للدينار مقابل الدولار بنسبة 10 في المئة في إجراء هدف إلى الحد من انخفاض قيمة العملة الذي صاحب اعتماد أنظمة أكثر صرامة بشان التحويلات المالية خارج البلاد.
ووافقت الحكومة حينها على مقترح البنك المركزي برفع قيمة سعر الصرف من نحو 1470 دينارا إلى 1300 دينار للدولار الواحد، وهو ما كان له أثر واضح في سوق الصرف حينها بخفض الأسعار التي وصلت لمستوى 1700 دينار في السوق الموازية.
تحذيرات واجراءات
وبحسب أحد مستشاري حكومة السوداني، فإن "الولايات المتحدة الأميركية حذرت حكومة السوداني ثماني مرات، وبصورة علنية وواضحة من استمرار بيع الدولار بكميات كبيرة عبر نافذة مزاد العملة في البنك المركزي، وقد قدمت أدلة كثيرة على قيام غالبية المشترين للدولار بتهريبه إلى إيران وسورية ولبنان"، موضحاً بتصريحات صحفية، أن "هذا البيع أدى إلى احتكار الدولار لدى التجار، وتراجع وجوده في المصارف المحلية والخاصة".كما نقلت وكالة "رويترز"، عن المدير العام للاستثمار والتحويلات في البنك المركزي العراقي، مازن أحمد، قوله إن "العراق سيحظر السحب النقدي والمعاملات بالدولار الأميركي اعتبارًا من يناير 2024"، معتبراً أن "الحظر هو أحدث حملة للحد من سوء استخدام احتياطيات العراق من العملة الصعبة في الجرائم المالية والتهرب من العقوبات الأميركية على إيران".
فشل بإحتواء الازمة
من جهته، قال النائب المستقل هادي السلامي، إن "الفشل الحالي في ملف الدولار الأميركي، تتحمله كل الحكومات العراقية التي تعاقبت على حكم البلاد منذ 2003 ولغاية الآن، وقد تعهد حكومة محمد شياع السوداني بحل الأزمة من خلال وضع آليات تمنع تهريب العملة الصعبة لكنها لم تنجح في هذا الملف".
وأضاف السلامي في حديثٍ صحفي، أن "إصلاح النظام المصرفي وأزمة الدولار يحتاجان إلى السيطرة على مزاد العملة الذي لا يزال يبيع كميات كبيرة من الدولار، ولا نعرف أين يذهب"، مشيراً إلى أن "المشكلة كبيرة في العراق، ونحن أمام تحديات ضخمة قد تؤدي إلى تصدع النظام الحالي، لا سيما وأن الولايات المتحدة الأميركية حذرت كثيراً من تهريب الدولار إلى دول الجوار".
وطوال السنوات السابقة، كان يتم بيع ما معدله 170 مليون دولار يومياً عبر ما يعرف بمزاد الدولار، والذي يشارك به تجار وبنوك وشركات، بدون حصول مراقبة لمُنتهى تلك الأموال التي تُصنف على أنها تجارة استيراد للسوق المحلية في أغلب الأحيان، أو حوالات خارجية، مع العلم أن الحاجة الفعلية للدولار في الأسواق ولدى التجار لا تتجاوز 50 مليون دولار يومياً، بحسب خبراء.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات