المنافذ الحدودية.. ثروة كبرى يبددها الفساد و تتقاسمها ’’الجهات المتنفذة’’!
محليات | 24-08-2019, 14:25 |
بغداد اليوم _ بغداد
تمثل المنافذ الحدودية العراقية بوابات البلاد للتجارة والاستيراد مع دول الجوار، إلا أنها تفتقر إلى أبسط الخدمات، على الرغم من ايراداتها السنوية التي تقدر بـ10 مليار دولار، تستحصل من البضائع إلى جانب عشرات الالاف من الزوار الذين يتوافدون لزيارة المراقد الدينية، في مختلف أنحاء البلاد.
تلك البوابات التجارية، اضحت بحاجة ماسة لتطوير نبيتها التحتية المتهالكة لتنسجم مع التطور الحاصل في حركة النقل البري، فضلا عن حاجتها لعدد من الكلاب البوليسية "K9" واجهزة كشف المخدرات، التي تفتقر لها أغلب المنافذ الخاضعة لسلطة الحكومة الاتحادية.
مليارات مهدورة
في البصرة، يؤكد عضو مجلس المحافظة، أحمد عبد الحسين، أن "منافذ البصرة البرية والبحرية وعددها 7 منافذ حدودية، تشكو اغلبها من سوء الادارة واستشراء الفساد".
وأضاف عبدالحسين، في حديث لـ(بغداد اليوم)، إن "نصف ايرادات تلك المنافذ تهدر، ولو تم العمل بها بشكل صحيح، لكانت قد وفرت للدولة أضعاف المبالغ المستحصلة، ولكن للأسف أغلب تلك الاموال تذهب الى جيوب الفاسدين".
وبموجب قانون مجالس المحافظات، فان البصرة وباقي المدن التي تمتلك منافذا حدودية تستحصل على نصف الايرادات، من اجل توظيفها في مجال الاعمار، في وقت يبلغ عدد المنافذ الرسمية في عموم البلاد، 22 منفذا بريا وبحريا، لكنها تعد واحدة من اكبر بوابات الفساد، بفعل سيطرة بعض الاحزاب عليها وغياب الرقابة وضعفها مقابل الجهات الحزبية، بحسب مسؤولين.
يؤكد عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب، سالم طحمير، أن "غياب المخازن الحديثة المبردة ومحطات الاستراحة المناسبة، إضافة الى اجهزة السونار القديمة المستخدمة في المنافذ، كلها عوامل ساهمت وزادت من حجم الفساد"، مشيراً إلى "هدر ما يقارب 4 مليار دولار بسبب الفساد".
أضاف طحمير، في حديث لـ(بغداد اليوم)، إن "الفساد الذي يمر عبر المنافذ الحدوية وإدخال المواد الممنوعة، يتم بالاتفاق مع جميع الدوائر العاملة في المنافذ"، لافتاً إلى أن "بغداد ليس لديها سيطرة على منافذ إقليم كردستان".
وتابع، أن "الاقليم غير ملتزم في تطبيق القرارات الوزارية، في موضوع حماية المنتج، على الرغم من صدور قرار رقم 13 لسنة 2019"، مؤكداً أن "هيأة المنافذ لا تمتلك الصلاحيات لمعاقبة الاقليم وانما الامر مرتبط بمجلس الوزراء".
وقدر عضو اللجنة الاقتصادية، واردات المنافذ الحدودية سنويا بـ"نحو 10 مليار دولار، تصل إلى أكثر من 15 مليار دولار سنويا، في حال اضيفت لها واردات منافذ الاقليم"، موضحاً أن "المنافذ ثروة كبرى بددتها سوء الادارة واستشراء الفساد".
200 مخالفة خلال 2019
من جانبه أكد المتحدث باسم هيأة المنافذ، علاء الدين القيسي، أن "المنافذ الحدودية تحت سيطرة الدولة، وليست هناك قوة أكبر من الدولة"، مبيناً أن "الخروقات التي تحدث نتيجة وجود عصابات خارجة عن القانون تقوم بالعبث بأمن المواطن خارج المنفذ واحيانا تفرض نفوذها داخله"، مشيراً بذات الوقت إلى "القضاء على تلك الممارسات بفضل دعم رئيس الوزراء للهيئة بشكل مباشر".
وأضاف القيسي، أن "التوصيات التي تصدر من مجلس الوزراء، بشان حماية المنتج او شهادة المنشأ وعملية فحص المادة ومدى تطابقها للمواصفات العراقية، تطبق 100%"، مبيناً أن "البضائع غير الصالح للاستهلاك البشري التي يتم كشفها من خلال الجهاز المركزي لتقيس السيطرة النوعية، تعاد او يتم تلفها داخل المنفذ، وفق محضر اصولي مع الجهات ذات العلاقة".
ولفت القيسي، خلال حديث لـ(بغداد اليوم)، إلى "ارتفاع معدلات المخالفات التي يتم ضبطها داخل المنافذ بموجب قانون 30 لسنة 2016"، مبيناً أن "النصف الاول من العام الجاري 2019 سجل 2000 مخالفة، وهو دليل على تطبيق القانون من قبل الهيأة".
12 جهة تسيطر على المنافذ.. لا تمتلك أجهزة كشف مخدرات!
بالمقابل يعزو مصدر في هيأة المنافذ، اسباب الخروقات الحاصلة والمرتبطة بالجانب الايراني، إلى "مغادرة الشركات الفاحصة العالمية الاراضي الايرانية بعد العقوبات التي فرضت على طهران، مما ادى الى حدوث عجز في خمسة منافذ حدودية مع ايران وتكدس البضائع".
وأوضح لـ(بغداد اليوم)، أن "عملية الفحص الان من مسؤولية الجهاز المركزي العراقي الذي يمتلك ثلاثة مراكز في محافظة البصرة وواسط وبغداد، مما يؤدي في بعض الاحيان الى تأخر دخول البضائع لأكثر من اسبوعين"، مشيراً إلى وجود "12 جهة مسؤولة عن ادارة المنافذ جميعها تتحمل عمليات تأخير دخول البضائع".
وتابع المصدر، أن "الكثير من حالات التهريب التي تحدث في المنافذ يتم كشفها في الغالب بالبوابة الخارجية، ففي عام 2018، سجلت 1486 مخالفة كمركية تمثلت معظمها بتغيير نوع المادة من قبل التجار بقصد التهرب من الدفع الكمركي، أو تمرير مواد ممنوعة مثل المخدرات والاسلحة".
وبشان اليات واجراءات كشف المخدرات في المنافذ، أكد المصدر "عدم وجود بنى تحتية متطورة تمكن من كشف المخدرات، والاجهزة الموجودة لا علاقة لها بالمخدرات"، مبيناً أن " البلاد فيها 21 منفذ رسمي خاضع للسيطرة الحدودية، ومنفذ الشلامجة الوحيد فيه K9 واحد فقط، في حين تخلو بقية المنافذ من كلاب الـ K9 البوليسية، واجهزة كشف المخدرات".
وأشار إلى أن "المنافذ بحاجة الى 180 من كلاب الـ K9، توزع على المنافذ للحد من عمليات تهريب المخدرات، فيما تحتاج بعض كوادر المنافذ والاجهزة الامنية، إلى تغيير، نظرا لانتماءاتهم الحزبية لبعض الاطراف".
وكشف المصدر، أن "الهيأة تفكر في احالة المنافذ الى الاستثمار من اجل تطوير البنى التحتية التي عجزت الحكومات المحلية عنها، على الرغم من تحصيلها على نصف الايرادات"، مشيراً إلى أن "منفذ زرباطية تم احالته بالفعل، وهناك توجه لإحالة منفذ طريبيل الى مستثمر، وفقا لقرار مجلس الوزراء 347".
دعوات لتدخل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد.. وأخرى لوزير المالية
من جانبه دعا النائب عن تحالف البناء، حسين عرب، المجلس الاعلى لمكافحة الفساد الذي أقر بوجود مخالفات واشكاليات في المنافذ إلى "مكافحة عمليات تقاسم واستحواذ العصابات على المنافذ بشكل غير قانوني".
وأضاف عرب، في حديث لـ(بغداد اليوم) أن "ايرادات منافذ كردستان لا تدخل حتى الان ضمن خزينة الدول"، مؤكداً أن "ضم تلك المنافذ للسلطة الاتحادية يخضع الى التفاهمات السياسية بين بغداد واربيل، وعلى وزير المالية فؤاد حسين، تحديد موقفه من تلك الخروقات".