الموصل.. بين حشد “الاتاوات” وجمع “التبرعات“.. هذا دور “المكاتب الاقتصادية“!
سياسة | 10-08-2019, 16:15 |
بغداد اليوم - نينوى
رغم اعتقاد أغلبية العراقيين بأن تحرير محافظة نينوى من سيطرة تنظيم داعش كفيل بإنهاء أزماتها ومشاكلها وبداية عصر جديد بالمحافظة، لكن الوضع ما بعد التحرير كان معقدا، فمشاكل المحافظة تتعقد وتتزايد على كافة الاصعدة الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
مخاوف كبيرة من رجال الأعمال والمستثمرين من العودة الى الموصل بسبب الحديث عن سطوة المكاتب الاقتصادية التابعة لـ "جهات متنفذة" في الحشد الشعبي تمنع هؤلاء من العودة او استثمار اموالهم داخل المدينة.
المكاتب الاقتصادية.. و "الاتاوات"
النائب عن محافظة نينوى اخلاص الدليمي قالت، في حديث لـ(بغداد اليوم)، إن "نواب محافظة نينوى في لجنة تقصي الحقائق شخصوا مخالفات كثيرة من وجود اتاوات تفرض على أغلب أصحاب المصالح الاقتصادية بمدينة الموصل".
وأضافت الدليمي، أن "المكاتب الاقتصادية تابعة لجهات متنفذة في الاحزاب والفصائل الماسكة للملف الأمني"، مبينةً أن "الأجهزة الأمنية من الشرطة والجيش لا تستطيع التحرك لإيقافهم".
وتابعت، "رغم مناشداتنا المتكررة الى الجهات الحكومية وعلى اعلى مستوياتها لكن هذه المكاتب ماتزال تمارس عملها وتبتز أصحاب المصالح، وبسببها يرفض الكثير من رجال الاعمال العودة للاستثمار داخل المحافظة حفاظا على امواله".
الحشد "يقسّم" الموصل !
من جهة أخرى، يؤكد الباحث والخبير الستراتيجي مؤيد الجحيشي، في حديث لـ(بغداد اليوم)، إن "اقتصاد نينوى مكبل نتيجة سيطرة فصائل معينة في الحشد الشعبي وتقاسمها للنفوذ داخل المحافظة"، مشيراً الى أن "هذه الفصائل لديها اتفاق فيما بينها من خلال المكاتب الاقتصادية التابعة ولكل فصيل منطقة معينة بحسب الاهمية وما تحتوي تلك المنطقة من أسواق أو ساحات لوقوف السيارات أو صيدليات ومجمعات تجارية ومكاتب صيرفة وغيرها".
وأشار الجحيشي، الى أن "معظم ساحات الوقوف المهمة في الموصل وخاصة القريبة من الأسواق والدوائر الحكومية تتبع لتلك الفصائل، لا بل حتى بعض الشوارع حولوها إلى ساحات من أجل الاستفادة المالية".
وأوضح أن "المئات من أصحاب رؤوس الأموال والتجار يرفضون العودة الى الموصل، ويستثمرون اموالهم في اقليم كردستان أو تركيا نتيجة لوجود هذه المكاتب الاقتصادية في المدينة"، لافتاً الى أن "هؤلاء لو عادوا لاستطاعوا إحياء الموصل بسبب المشاريع التي من الممكن ان يستثمرونها في المجالات المختلفة".
مجموعة "مأجورة"..!
بدوره، نفى المتحدث باسم لواء 30 في الحشد الشعبي سعد القدو، جميع التهم التي توجه لفصائل الحشد بامتلاكه مكاتب اقتصادية داخل محافظة نينوى، معتبرها تهما "كيدية" واكاذيب من بعض الذين يريدون ارجاع الموصل الى المربع الأول.
وقال القدو، في حديث لـ(بغداد اليوم)، إن "هؤلاء لم يتحدثوا عما كانت تقوم به تنظيمات القاعدة وداعش من فرض الاتاوات على جميع التجار في الموصل وكانت الأموال تصل الى التنظيم في أوقات محددة من كل شهر".
ولفت القدو، الى ان "هؤلاء الذين يتحدثون عن المكاتب الاقتصادية عبارة عن مجموعة مأجورة اغلبهم يعيشون في أربيل ولا يستطيعون توجيه الانتقاد لما كان به الحزب الديمقراطي والبيشمركة التابعة له بحق أهالي مدن محافظة نينوى، ولكنهم يوجهون اكاذيبهم الى الحشد ولواء 30 بشأن المكاتب الاقتصادية التي هي عبارة عن كذبة اخترعوها لضرب الحشد ومحاولة ايجاد حجة لإخراجه من محافظة نينوى".
وأكد أن "الحديث عن فرض الاتاوات على التجار غير موجود بشكل رسمي كما يتحدثون، وإذا كانت هنالك حالات فردية ممن يدعون انتسابهم للحشد الشعبي فنحن نتصدى لها بقوة ويحاسب من يدعى انتمائه للحشد ويبتز المواطنين بأشد العقوبات وهواتفنا مفتوحة دائما لتلقي الشكاوى بهذا الموضوع".
نازحون يرفضون العودة
إلى ذلك، أشار عضو مجلس محافظة نينوى حسن السبعاوي، في حديث لـ(بغداد اليوم)، إن "الحكومة الاتحادية تعلم ما يجري في الموصل ولا يوجد شيء مخفي وقضية المكاتب الاقتصادية تم تسليط الضوء عليها من قبل لجنة تقصي الحقائق وتم ارسال الكتب الرسمية، لكن لم توضع لها حلول تنهي هذه القضية".
وأضاف السبعاوي، أن "نينوى تعيش حالة من الخراب نتيجة الاهمال الموجود من قبل الحكومة الاتحادية في كافة الأصعدة، وهذا يدفع ضريبته سكان المحافظة وبسببه يرفض العديد من المواطنين العودة من أماكن النزوح".
الحشد العشائري يجمع "تبرعات"
إلى جنوب الموصل، ومع وجود مصادر تؤكد فرض الحشد العشائري "اتاوات" ومبالغ على المواطنين وأصحاب المصالح الاقتصادية هناك، رد قائد الحشد في المنطقة العميد ابراهيم المرسومي على تلك المعلومات.
المرسومي قال في حديث لـ(بغداد اليوم)، إن "العديد من عناصر الحشد العشائري لا يستلمون رواتب من الدولة ومع ذلك يقومون بالسهر والحماية والوقوف على السواتر بشكل منتظم وهؤلاء لديهم عوائل وأطفال، ونحن نجمع تبرعات من أصحاب الأسواق وبعض المصالح"، مبيناً أن "التبرعات تجمع بشكل طوعي وغير اجباري لغرض توزيعها على بعض المقاتلين ليستطيعوا إعانة عوائلهم والاستمرار بالعمل داخل الحشد وهذا يعود لعدم وجود رواتب تدفع لهم من قبل الحكومة".
مواطنون وتجار أكدوا تعرضهم للابتزاز وفرض الإتاوات بشكل شهري من قبل جهات تدعي انتسابها للحشد الشعبي وهم عبارة عن مكاتب اقتصادية تتجول بشكل شهري لجمع الأموال بحجة توفير الحماية الأمنية.
وقال المواطن محمد حسن الآغا، في حديث لـ(بغداد اليوم)، إن "جهة مدنية كانت تأتي إلى محله (صياغة الذهب)، في الجانب الأيمن من الموصل بشكل شهري تأخذ منه مبلغ 100 ألف دينار"، مشيراً الى أن "الأمر يسري على باقي المحلات الموجودة في المنطقة وأنه يضطر للدفع حفاظا على ديمومة رزقه وحياته أيضا".
وتابع أن "الأيام السابقة كانت تأتي الينا بالشهر الواحد أكثر من 3 جهات ونضطر للدفع إليهم جميعا، لكن الآن جهة واحدة تأتي الينا وندفع لها بشكل منتظم".