معهد واشنطن ينشر دراسة عن الحشد الشعبي تتناول حقوق أفراده وآليات إعادة تنظمية وتوقعات "سحق" قوة المهندس داخل الحشد
سياسة | 31-03-2020, 18:00 |

بغداد اليوم _ متابعة
نشر معهد اميركي، دراسة شاملة عن الحشد الشعبي وهيكليته التنظيمية ودوره في الساحة الأمنية العراقية، تطرقت إلى آليات لإعادة تنظيم الحشد.
وتتساءل الدارسة التي اعدها معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى عما إذا ما كان أعضاء الحشد الشعبي يحصلون حاليّاً على حقوقهم، وما إذا كانوا على النحو نفسه يفون بالتزاماتهم حالياً كأعضاء في قوات الأمن.
ونقلت الدراسة عن شخصية حكومية عراقية رفيعة المستوى قوله في مقابلة مع أحد الكتاب صيف عام 2019، إن الحشد الشعبي بحاجة إلى "التكريم والاحتواء".
ويُقصَد من هذه الدراسة ـ بحسب المعهد ـ أن تكون بمثابة تمهيدٍ لأي وكالة دولية أو عراقية تفكّر في برامج تُعنى بالحشد الشعبي لإصلاح قطاع الأمن أو نزع السلاح، والتسريح، وإعادة الإدماج.
وذكرت أن الخطوة الأولى في تطوير برامج فعّالة من هذا النوع لهذه القوات هي الحصول على رؤية واضحة عن هذه المؤسسة والقلق المحيط بها، فيما أشارت إلى أن إصلاح الحشد الشعبي يتطلب فهماً آليّاً دقيقاً لهذه القوات كمؤسسة.
وتختتم هذه الدراسة بأفكارٍ تتعلّق بما يمكن وما يجب القيام به للحفاظ على الجوانب الإيجابية للحشد الشعبي مع التقليل من الجوانب السلبية إلى أدنى حد.
وذكر المعهد، أن الدراسة انجزت على مدى فترة طويلة شهدت توحيداً كبيراً لقوة الحشد الشعبي على يد نائب رئيسها، أبو مهدي المهندس، الذي اغتيل في غارة جوّيّة أمريكية في 3 كانون الثاني 2020، إلى جانب قاسم سليماني".
وقالت الدراسة، إن "إعادة بناء هذا النوع من مركز الثقل في قلب الحشد الشعبي، لن تكون عمليةً سهلةً أو سريعةً، وسرعان ما سيتحرّك أولئك الذين استاءوا من قوة المهندس لسحق قاعدته. ويمكن أن يتم دفع هذه الفصائل في الوقت المناسب نحو التماسك من خلال ظهور قائدٍ جديدٍ، أو من خلال التهديد بتسريح الحشد الشعبي، أو خفض ميزانيته أو تنظيمه".
وفيما يلي ملخّص الجزء الأول للدراسة كما هو منشور في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
القاعدة القانونية والتنظيمية للحشد الشعبي:
تتواجد بنية تنظيمية شاملة للحشد الشعبي على الورق، على الرغم من أن العديد من عناصرها بالٍ وقليل الموارد في الواقع. فأصبحت وظائف الحشد الشعبي الأكثر حساسية وأهمية - المالية، والاستخبارات، والشؤون الداخلية، والتلقين الديني، وبعض الأسلحة الثقيلة - مفرطة في المركزيّة تحت حُكم الزعيم الرئيسي الراحل لهذه القوات أبو مهدي المهندس. وفي غضون ذلك، بقيَت قوات عمليات الحشد الشعبي مقسّمة ضمن إمارات وإقطاعيات محلّيّة شبيهة بالميليشيات.
وفي عام 2019، أصبح "الأمر التنفيذي رقم 331" يشكّل الجهد الأوّل لإنشاء بنية هرميّة لأي تعقيد كان لقوات الحشد الشعبي، وهذا الجهد هو فقط في بدايته. وليس من الواضح تماماً ما إذا كان "الأمر التنفيذي رقم 331" سيتم تنفيذه بالكامل في أي وقت.
إن الحشد الشعبي هو منظّمة شابّة وديناميكية ومشكَّلة جزئيّاً، تشمل كلّاً من هيئتها المدنية في مكتب رئيس الوزراء (هيئة الحشد الشعبي) وقوّاتها المسلّحة الميدانية (قوات الحشد الشعبي). وهي غير متجانسة في تكوينها الفصائلي، ومع ذلك يمكن القول أيضاً إنها أصبحت أكثر مركزية إلى حد ما في قادة من فصيل واحد مدعوم من الحرس الثوري الإيراني - هو كتائب حزب الله- وحلفائه المقرّبين.
ومن الأمور المبتذلة المتعلّقة بالحشد الشعبي هي أنه غير متجانس وغير وحدوي، وهذا صحيحٌ إلى حدٍّ ما، لكنّه يمكن أن يُخفي واقع أنّ بنية هيئة الحشد الشعبي قد وفّرت آليّةً تَمكن من خلالها المهندس وحلفاؤه من تعزيز قوتهم بشدّة بحلول أواخر عام 2019. كما أنّ معسكر المهندس كان يهيمن في وقت وفاته على القوة القتالية للألوية القتالية المرقمة التابعة للحشد الشعبي.
ملخص الجزء الثاني: حقوق أعضاء الحشد الشعبي وواجباتهم
يبحث هذا الجزء من الدراسة في حقوق وواجبات أفراد الحشد الشعبي كأعضاء في قوّات الأمن العراقية. ويرفض المدافعون عن الحشد الشعبي كمؤسسة أمنيّة منفصلة الفكرة بأنّ الحشد الشعبي هو ميليشيا أو مجموعة من الميليشيات (المحظورة بموجب الدستور)، وبدلاً من ذلك يشيرون إلى أنّ سلسلةً من الأوامر التنفيذية، ومراسيم مجلس الوزراء، وقانون الحشد الشعبي تحدّد هذه المنظّمة كجزءٍ رسميٍّ من قوّات الأمن.
ومن خلال تبنّي وجهة النظر هذه والإشارة إلى أنّ الحشد الشعبي مشمول قانونيّاً بنفس التشريع التنفيذي الذي يغطّي كافة قوات الأمن العراقية الأخرى، تتساءل الدراسة عما إذا ما كان أعضاء الحشد الشعبي يحصلون حاليّاً على حقوقهم، وما إذا كانوا على النحو نفسه يفون بالتزاماتهم حالياً كأعضاء في قوات الأمن.
تشير تغطية التقرير لحقوق أعضاء الحشد الشعبي وامتيازاتهم أولاً إلى الصعوبة التاريخية المتمثلة في تحديد من يخدم بالضبط في الحشد الشعبي في أيّ وقتٍ معيّن. وإلى أن يتم تحديد عضوية الحشد الشعبي بشكل جيد وثابت وشفاف، فإن أي تدقيق لسلوك أعضائه سيكون صعباً. وإذا تمّ الشروع بعمليات تدقيق شاملة وعند إجرائها، فيجب أن تتم من قبل هيئة مستقلّة وليس الحشد الشعبي بنفسه.
ويشير القسم الخاص بحقوق الخدمة العسكرية والتقاعد العسكري إلى أنّ أفراد الحشد الشعبي تمتّعوا ببعض المزايا على قوات الأمن النظامية بسبب الافتقار إلى التنظيم والانضباط، لكنّ هؤلاء الأعضاء عانوا أيضاً من انخفاض الأجور، وشهدوا المزيد من التدريب والمعدّاتٍ الأقلّ تطوّراً، ودعماً لوجستيّاً وحياتيّاً محدوداً جدّاً.
إن الحشد الشعبي بحاجة ماسّة إلى الطابع الاحترافي، كما أن عموم جنوده هم من بين أكثر القوات التي تعاني من نقص الخدمة في البنية الدفاعية العراقية.
ملخّص الجزء الثالث: القيادة والسيطرة والعمليات في الحشد الشعبي
يطرح هذا الجزء من الدراسة هذيْن السؤاليْن الأساسييْن: من الذي يقود الحشد الشعبي ويسيطر عليه، وما هي الأدوار والمهام التي ينفّذها الحشد الشعبي حاليّاً على الأرض في العراق؟ فيما يتعلق بمسألة القيادة والسيطرة، من الواضح أن الحكومة العراقية - بما فيها رئيس الوزراء، الذي يحمل لقب القائد العام للقوات المسلحة - تفتقر تاريخيّاً إلى قبضة قوية على قوات الحشد الشعبي.
من ناحية السيطرة العملياتية والتكتيكية والعمليات المحلّيّة، يضم الحشد الشعبي ثلاثة أنواع رئيسية من الوحدات. الأولى هي وحدات الحشد الشعبي المحلّيّة التي يتم تجنيدها محلّيّاً وتخدم فقط في مناطقها الأصلية. والفئة الثانية هي وحدات الحشد الشعبي "المزروعة"، التي يتمّ تجنيدها غالباً في جنوب العراق، ولكنها استقرت وادّعت أن بعض مواقع العمليات في شمال وغرب العراق هي من مجالٍ اختصاصها.
والنوع الأخير هو وحدة الحشد الشعبي"السائبة"، التي غالباً ما تضم الميليشيات المدعومة من إيران التي كانت قائمة قبل عام 2014. وترسل هذه الوحدات السائبة كتائب إلى جميع مناطق العراق (وسوريا) تقريباً كما تشاء، وغالباً ما تؤدي مهام خاصة أو تدرّب ألويةً أصغر حجماً من الحشد الشعبي وتقدّم المشورة لها. وفي ظلّ غياب هدف صريح أو أي توجيهات بشأن الأدوار والمهام، يتصرّف قادة الحشد الشعبي إلى حدٍّ كبير كما يشاؤون، مما يؤكد الحاجة إلى إنشاء أدوار ومهام محددة للحشد الشعبي.
أولويات سياسات الولايات المتحدة والتحالف المتعلّقة بـ الحشد الشعبي
يتوخّى قسم المشورة المتعلق بالسياسات أن يكون مفيداً لجميع شركاء العراق الدوليين ولا يتبنى نظرة أمريكية محددة. والهدف من ذلك هو تحديد قضايا الإجماع - داخل العراق وخارجه - والتي تمثّل الثمرة الأسهل منالاً لجهود الإصلاح، وكذلك التمييز بين القضايا الأكثر شائكة الطويلة المدى التي يجب معالجتها لاحقاً.
يتناول قسم السياسات ثلاث نقاط أساسية. أوّلاً، يجب تجميد نموّ الحشد الشعبي. وإذا لم يتمّ ذلك، فهناك خطر من إمكانية تطوّر الجوانب السلبية للحشد الشعبي بسرعة كبيرة تتجاوز القدرة على صدّها من خلال عملية تدريجية لإصلاح قطاع الأمن. يجب عدم السماح للجهات الفاعلة السلبية داخل الحشد الشعبي بإنشاء وقائع جديدة على الأرض. وفي هذه المرحلة، يبقى كلٌّ من عمل الحشد الشعبي وميزانيته وبنيته التحتية المؤسسية محدوداً، وينبغي أن تكون الأولوية هي تجميده عند هذا المستوى من أجل الحفاظ على خيارات العراق طوال عملية إصلاح قطاع الأمن التي تمتد من خمس إلى عشر سنوات.
ثانياً، حالياً ليس الوقت المناسب - ليس لمصالح الولايات المتحدة أو التحالف ولا للمصالح العراقية - لمحاولة حل القضايا الكبرى المحيطة بالحشد الشعبي بشكلٍ كامل أو اتّخاذ قرارات رئيسية. فبسبب التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، وإسرائيل وإيران، وبسبب عدم الاستقرار العراقي المحلي، يحتاج الأمر إلى مرور المزيد من الوقت لكي تصبح القضايا أقلّ حساسيةً ولتشجيع النقاش المنطقي حول مستقبل الحشد الشعبي. فالواقع هو أنه لا يوجد بديلٍ قابلٍ للتطبيق سياسيّاً لنهج يتّسم بالتطوّر والصبر بل الحازم. يجب أن تقوم السياسات الدولية بشأن العراق على الواقع.
توصيات مفصّلة لإصلاح قطاع الأمن
تشير الأقسام السابقة إلى أنّ الوقت ليس مناسباً بالتأكيد لمتابعة مقاربات نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج فيما يتعلق بالحشد الشعبي، في حين أن الوقت قد حان بدلاً من ذلك لجهود إصلاح قطاع الأمن. ففي السنوات المقبلة، قد يتم ترشيد الموارد والأدوار المخصصة حاليّاً للحشد الشعبي وإعادة توزيعها، لكن على العراق أن يمرّ أوّلاً بعدد من المراحل المؤقتة. وبمرور الوقت، قد يتّخذ الحشد الشعبي حجمه الصحيح، وقد يتنازل عن بعض أسلحته الثقيلة أو كلّها، وقد يعيد انتشاره من الحدود السورية وغيرها من المناطق الساخنة في الأنحاء ذات الأغلبية السنّيّة في العراق، غير أنّ مدة تحقيق هذه المقترحات تتراوح بين خمس وعشر سنوات، وليست وشيكة الحدوث.
تجميد توسّع الحشد الشعبي
في المرحلة الانتقالية، تتمثّل الأولوية القصوى للمجتمع الدولي في تعزيز بعض التوجّهات البديهية الأكثر جدارة بالثناء الخاصة بالحكومة العراقية فيما يتعلق بـ «الحشد الشعبي»:
أولاً، إن الحكومة العراقية محقّة في تجميد هيئة الحشد الشعبي ككيان وزاري فرعي لا يُخصص له تمثيل وزاري أو ميزانية دائمة. يجب أن يكون الحفاظ على هذا الوضع الراهن المهمة رقم واحد لجميع شركاء التحالف في العراق لكي يتمكّنوا من منع اتّخاذ المزيد من الخطوات التي لا رجعة فيها تقريباً.
يجب ألا يتجاوز عدد القوات المسلحة المأذون بها رسميّاً في الحشد الشعبي العدد الحالي البالغ 135،000، ولا يجب أن تتجاوز ميزانيته 2.58 تريليون دينار عراقي (2.16 مليار دولار). يجب مقاومة التوسّع الجديد في القوى البشرية للحشد الشعبي أو المهام الخاصة به، وهو الأمر بالنسبة لتحويل التمويل الحكومي لدعم الإنفاق على مشتريات الحشد الشعبي من خارج الميزانية.
ومع نهاية العمليات القتالية الكبرى ضد تنظيم داعش من الواضح أنّ الدور العسكري للحشد الشعبي لا يتوسّع، ولا يجب أن تتسع موارده. وكَوْن التحالف مانحاً رئيسياً للمساعدة الأمنية للعراق، فإنه في موقع جيّد للضغط من أجل ردع المزيد من التطوّر الموازي والمضاعَف للأجهزة الأمنية في العراق.
ويشمل أحد التوجّهات البديهية السليمة التي أظهرتها الحكومة العراقية إحدى التعليمات الصادرة في 1 تموز 2019 [القاضي] بإزالة مكاتب الحشد الشعبي من المُدُن، والذي يجب أن يشكّل الخطوة الرائدة لإخراج قوات الحشد الشعبي من جميع المناطق الحضرية، حيث يجب أن يكون لـ جهاز الشرطة المحلّيّة مكان الصدارة.
ويشكّل الدعم المستمر من التحالف لوزارة الداخلية ولفروع جهاز الشرطة المحلّيّة التابع لها أفضل السبل للشركاء الدوليين للمساعدة في السيطرة على الأعمال الإجرامية التي تقوم بها عناصر الحشد الشعبي داخل المُدُن.