آخر الأخبار
منخفض ممطر يطرق الأبواب.. والبرد القارس يعود للعراق ليلة رأس السنة البنتاغون يعترف رسمياً بوجود قوات أمريكية "غير معلن عنها" في العراق مدير البطاقة الوطنية: الموحدة تصدر مباشرة للطفل عند ولادته المغرب.. وزير العدل يكشف عن أبرز مقترحات تعديل مدونة الأسرة اتحاد الكرة يرد على اساءة أحد مقدمي البرامج الرياضية ليونس محمود

عبد المهدي في طهران.. ترويض البراغماتية الايرانية ما عاد صعباً والاتفاقيات هي الإجابة

سياسة | 6-04-2019, 16:32 |

+A -A

بغداد اليوم- بغداد

حطت طائرة رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي، صباح السبت (6 نيسان 2019)، في مطار طهران، معلنة بدء زيارة رسمية تمتد على يومين "مزدحمين باللقاءات"، وهي تحمل 7 وزراء وعدد كبير من النواب ورجال الاعمال، إلى جانب آمال عراقية كبيرة برسم خارطة جديدة للعلاقات بين البلدين، تقوم على التوازن، والمصلحة المشتركة.

 وجه وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، كان هو الوجه الأول الذي رآه عبد المهدي في العاصمة طهران، قبل أن تتوالى بعدها اللقاءات، جماعية ومنفردة، وتُفتح الملفات المتعلقة بالمياه والتجارة والحدود والأمن، وليس انتهاء بالشؤون المالية.

المياه وقرب الأزمة العراقية وشط العرب

ويسابق العراق الوقت بحثاً عن مخرج لما سيسببه بدء تركيا بملء سد اليسو، من أزمة قد تكون مخلفاتها عليه أمضى مما عاشه رافداه خلال الصيف الماضي، خصوصاً مع إعلان أنقرة نيتها إعادة البدء بملء السد مطلع حزيران المقبل.

ومن جارين يحكمان قبضتهما على المياه، هما إيران وتركيا، إلى دول جارة عطشى كالأردن والسعودية، وضعت بغداد "فرشة" للاستفادة من علاقاتها والبدء بتحرك عاجل على مستوى العلاقات المائية، رغم موسم الأمطار الحافل الذي عاشته البلاد، والذي منحها شيئاً من الأريحية.

الرئيس الايراني حسن روحاني، الذي تعيش بلاده سيولاً وفيضانات، كان ضحيتها العشرات من المواطنين، أعلن في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع عبد المهدي، اتفاق الجانبين على "التعاون لتنظيف نهر الوند"، الذي يبلغ طوله نحو 150 كم، وينبع من جبال زاكروس غرب إيران، قبل أن يدخل العراق، ويصب في نهر ديالى.

وأضاف روحاني، أنه "اتفق مع عبد المهدي ايضاً، على تنظيف شط العرب، والاسراع ببدء التحضيرات بين اللجنتين التنسيقيتين بين البلدين، للشروع بعمليات التنظيف عقب شهر رمضان المقبل".

لكن مصدراً مطلعاً على الزيارة، قال في حديث لـ (بغداد اليوم)، إن "عبد المهدي وروحاني عقدا لقاء آخر حضره ظريف، اتفقا من خلاله على إعادة رسم الاحداثيات الخاصة بشط العرب، والعودة بالحدود العراقية الايرانية إلى ما كانت عليه في العام 1975".

وأضاف المصدر، أن "الاتفاق الخاص بشط العرب، يعني في حال تطبيقه، زحف الشريط الحدودي الى داخل إيران بضعة كيلومترات".

ويتهم مسؤولون عراقيون إيران بالتحكم بـ 15 مصباً للماء العذب، وإغلاقها أمام العراق، بينها الكارون، والكرخا.

روحاني يشتكي "البنك المركزي" ويطلب من عبد المهدي زيادة التبادل

ووفق المصدر ذاته، فقد طلب الرئيس الايراني من عبد المهدي، زيادة التبادل التجاري بين البلدين، فيما اشتكى بيروقراطية الاجراءات التي يتبعها البنك المركزي العراقي.

وأشار المصدر إلى أنه "بعد اتفاق روحاني وعبد المهدي على إعادة العمل بميناء المعقل، المتوقف منذ الحرب العراقية الايرانية، في ثمانينات القرن الماضي"، طالب الرئيس الايراني بـ "رفع التبادل التجاري إلى 20 مليار دينار سنوياً".

وبلغت قيمة التبادل التجاري الايراني العراقي في 2018 نحو 12 مليار دولار، وهو اقل بـ 4 مليار دولار من تبادل العراق وتركيا، الذي بلغ في العام نفسه 16 مليار دولار، وهو رقم قياسي تطمح أنقرة ايضاً الى رفعه ليصل 20 مليار، وفق تصريح صحفي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أدلى مطلع العام الجاري.

وتستثني واشنطن، بغداد، من العقوبات التي تفرضها على طهران، الى جانب عدة دول أخرى، ما يجعل الصادرات الايرانية الى العراق، هي الأكبر بالنسبة الى طهران، وتبلغ نحو 750 مليون دولار شهرياً.

وعلى الجانب المالي والمصرفي، قال المصدر نفسه، إن "الرئيس الايراني اشتكى لعبد المهدي من الاجراءات البيروقراطية التي يتبعها البنك المركزي العراقي، وعلاقته بالبنك الايراني، وطالب بمرونة أكثر"، الأمر الذي أكده روحاني بالمؤتمر الصحفي أيضاً، بالقول: "نتمنى من خلال زيارة رئيس البنك المركزي الإيراني الى بغداد، أن تستكمل الخطوات التي تم الاتفاق عليها".

ربط كهربائي وماء وغاز ومدن صناعية

وشهدت لقاءات الجانبين العراقي والايراني، اتفاقيات عدة، على مستويات الغاز والنقل والماء والكهرباء، وهو ما أكده روحاني بالقول: "بحثنا تصدير الكهرباء وربطة الشبكة الكهربائية وانابيب الغاز بين البلدين، ونتمنى ان تستمر هذه الجهود".

وقال روحاني: "نعتقد ان ربط السكك بين البلدين، لن يفيد الشعبين فقط، بل تفيد الدول الأخرى في المنطقة"، مشيراً إلى "الاتفاق على بناء مدن صناعية مشتركة في المناطق الحدودية بين البلدين، وانشاء ثلاث منها، بينها واحدة في منطقة الجنوب وواحدة في المنطقة الغربية، وثالثة في الاقليم، كبداية".

كما اتفق الجانبان، خلال لقاءاتهما، على "ربط الشبكة الكهربائية، وأنابيب الغاز، والتواصل في المجالات الطبية، والشركات المختصة بها"، مؤكدين على أهمية "العلاقات التاريخية بين البلدين، الى جانب العلاقة الوطيدة بين النجف وقم، كحوزتين مرجعيتين للشيعة في العالم".

أوضاع العراق والمنطقة.. عبد المهدي يذكر بما فعلته سوريا

وبالجانب السياسي، قال المصدر الذي تحدث لـ (بغداد اليوم)، إن "عبد المهدي أكد خلال اللقاء الذي عقد بحضور ظريف، إن العراق حذر سوريا من ارتداد الارهاب عليها، في الفترة التي كانت الحدود السورية تسرب فيها الإرهابيين الى العراق".

وشدد رئيس الوزراء، بحسب المصدر، على أن "بغداد تسمى دار السلام، والحكمة، والعلم، ونريد أن نعيدها الى ما كانت عليه".

أما على الجانب الآخر، فقد طالبت إيران عبد المهدي بـ "تجسير العلاقات مع السعودية"، عبر لقاء ثلاثي محتمل يجمع اطرافاً من العراق وإيران والسعودية، في بغداد.

وتنتظر عبد المهدي، خلال هذا الشهر ايضاً، زيارة الى الرياض، ضمن عملية "التوازن في العلاقات والزيارات" التي تحدث عنها في مؤتمره الصحفي، في 26 اذار الماضي، وعقب الزيارة التي اجراها الى مصر، بحضور ملك الاردن، عبد الله بن الحسين، والتي أكد من خلالها أن "هذا الاجتماع لا يعتبر تمحوراً ضد جهة".

وعلى الصعيد ذاته، كشف الرئيس الايراني، خلال المؤتمر الصحفي المشترك، عن وحدة الرؤى العراقية الايرانية تجاه سوريا، واليمن والجولان، مؤكداً أن "العراق يؤمن مثل إيران بأن الحل السياسي ممكن في اليمن، وأن الجولان أرض سورية، وان القدس مدينة عربية محتلة".

الأمن والوجود الأمريكي في العراق

وتتخلل الزيارة، في يومها الأول، لقاءات جانبية، بينها ما يتعلق بالأمن، والذي تعنى به وزارتا الداخلية العراقية والايرانية، حيث يتفق الجانبان على إن "هناك تهديدات تأتي من الاراضي بين البلدين" وقد أكدا ايضاً على "وجوب انهائها".

وأكد عبد المهدي لروحاني، أن "الدستور العراقي يمنع استخدام الاراضي العراقية لاستهداف أي دولة مجاورة"، مطمئناً بذلك الإيرانيين بأن العراق لن يسمح بتهديد أمريكا لإيران، باستخدام الاراضي العراقية، بعد شهور من تصريحات للرئيس الامريكي دونالد ترامب، قال فيها إنه "يريد البقاء في العراق، من أجل ان يكون قريباً من إيران".

ورأى مراقبون، تحدثوا لـ (بغداد اليوم)، إن "الزيارة تمثل منعطفاً مهماً في العلاقة بين إيران والعراق، بالتزامن مع تعافي الأخير من تنظيم داعش، وتطلعه للبناء والاستثمار، والوضع الذي تعيشه طهران، بسبب العقوبات الاقتصادية".

وبحسب معنيين بالشأن السياسي ايضاً، فإن "الفرصة مواتية لأن ينهي عبد المهدي النظرة المتعلقة بالعلاقات بين بغداد وطهران لدى الدول العربية"، مشيرين الى أن "استحصال شيء من الجانب الايراني، في ظل السياسة الخارجية البراغماتية التي تتبعها طهران، سيرفع من أسهم عبد المهدي السياسية".