بغداد اليوم – بغداد
تسجل الانتخابات العراقية المقبلة ظاهرة جديدة في المشهد السياسي، تتمثل في صعود طبقة من التجار غير التقليديين إلى قلب المعادلة الانتخابية، وهي طبقة لا تنتمي إلى السوق التجاري الطبيعي بقدر ما خرجت من رحم الاقتصاد السياسي المرتبط بالمكاتب الاقتصادية للأحزاب.
الكاتب الصحفي أحمد الشيخ ماجد وصف هذه الظاهرة بأنها “النسخة الأوضح من اقتصاد النفوذ”، موضحًا أن هؤلاء “ليسوا رجال أعمال عاديين، بل مستفيدون من المال العام ومن شبكات النفوذ التي نشأت داخل مؤسسات الدولة”.
ظهور هذه الفئة يعود إلى مرحلة ما بعد 2010، حين تمددت الأحزاب في مفاصل الدولة عبر مكاتب اقتصادية تتولى إدارة العقود والمناقصات. ومع مرور الوقت، تحول عدد من المتعاملين مع هذه المكاتب إلى ممولين أساسيين للحملات الانتخابية، بعد أن راكموا ثروات ضخمة من تلك الأنشطة.
يقول أحد الاقتصاديين العاملين في بغداد إن “الأموال التي خرجت من الموازنة العامة خلال سنوات طويلة عادت اليوم عبر قنوات انتخابية”، في إشارة إلى ظاهرة تدوير المال العام داخل العملية السياسية. بهذا المسار، تبلورت طبقة هجينة تجمع بين رجل الأعمال والفاعل السياسي، تتحرك وفق منطق المنفعة لا منطق السوق أو الدولة.
اعتماد الأحزاب على هذه الطبقة جعل التمويل عنصرًا حاسمًا في تشكيل التحالفات وتحديد المرشحين. الكثير من الحملات تدار حاليًا عبر شبكات تجارية تتكفل بالنفقات مقابل ضمان عقود لاحقة أو نفوذ تشريعي في المستقبل.
في محافظات عديدة، بات تمويل القوائم يمر عبر رجال أعمال يرتبطون مباشرة بمصالح اقتصادية مع الدولة، ما غيّر طبيعة التنافس الانتخابي وأضعف وزن الخطاب السياسي. أحد الخبراء القانونيين يرى أن هذا الوضع “ينقل القرار من المؤسسات إلى رأس المال”، لأن من يمول الحملات يحصل عمليًا على موقع داخل منظومة القرار بعد الانتخابات.
رغم وجود قوانين تنظم تمويل الحملات، إلا أن الرقابة المالية ما تزال محدودة. المفوضية العليا للانتخابات لا تملك أدوات فعالة لتتبع حركة الأموال، والبيانات المعلنة عن مصادر التمويل تظل جزئية وغير دقيقة. تقديرات غير رسمية تضع حجم الإنفاق الانتخابي في موسم 2025 عند 2-4 مليار دولار، أغلبها بلا كشف واضح للمصدر.
بحسب مختصين في الشأن المالي، البيئة النقدية الحالية تسهّل تسييل الأموال المتأتية من العقود الحكومية وتحويلها إلى تمويل سياسي، في ظل ضعف منظومة مكافحة غسل الأموال خلال فترات الحملات الانتخابية.
تزايد نفوذ هذه الفئة سيترك أثرًا واضحًا على تكوين البرلمان المقبل. النسبة الأكبر من المرشحين البارزين يملكون تمويلًا ذاتيًا أو علاقات مالية قوية، ما يعني أن ميزان القوة داخل البرلمان القادم سيتحدد بقدرة الكتل على الإنفاق لا ببرامجها. وبهذا الاتجاه، يتراجع حضور الكفاءات والكوادر المتخصصة لصالح رجال المال الذين يملكون أدوات التأثير المادي.
تقديرات خبراء الانتخابات تفيد بأن بعض الدوائر حُسمت فعليًا قبل يوم الاقتراع عبر التمويل المسبق وشراء الولاءات داخل شبكات محلية مغلقة. إيقاف هذا المسار يتطلب فصل العمل التجاري عن الحزبي ووضع قانون واضح للتمويل الانتخابي بسقوف إنفاق محددة وإلزام الأحزاب بالكشف الدوري عن مصادرها المالية.
كما يجب على الحكومة تفعيل دور هيئة النزاهة والبنك المركزي لمراقبة التحويلات أثناء الحملات، ومنع استخدام المال العام في المنافسة السياسية. دون هذه الخطوات، ستبقى العملية الانتخابية خاضعة لميزان رأس المال أكثر مما هي خاضعة لخيارات الناخب.
يرى مراقبون، أن صعود طبقة التجار الجدد من خلفية المكاتب الاقتصادية غير طبيعة الانتخابات العراقية، وجعل المال عنصراً محدداً في تشكيل السلطة. فالثروة التي وُلدت من داخل مؤسسات الدولة تعود اليوم لتمويل من يسعى إلى قيادتها، ومع استمرار هذا النمط، يزداد الخلط بين الاقتصاد والسياسة حتى يصبح التمويل هو معيار النفوذ داخل البرلمان، لا الكفاءة أو البرنامج.
المصدر: قسم الرصد والمتابعة في بغداد اليوم
 
            
            بغداد اليوم – بغداد أفاد مصدر أمني مخول، اليوم الجمعة (31 تشرين الأول 2025)، بأنه سيتم تنفيذ تفجير مسيطر عليه من قبل السلطات الأمنية المختصة صباح يوم غد السبت، داخل مركز الدعم الدبلوماسي في العاصمة بغداد، وهو منشأة دبلوماسية أمريكية تقع بالقرب من مطار
 
                
                