سياسة / أمن / ملفات خاصة اليوم, 11:15 | --

تشكيل الوعي الانتخابي


الذكاء الاصطناعي والمعلومات المزورة: كيف تواجه الانتخابات العراقية شبح التضليل الرقمي

بغداد اليوم - بغداد

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، تتبدل ساحات المنافسة في العراق. لم تعد الحملات تُقاس بعدد اللافتات أو التجمعات، بل بعدد المشاهدات والنقرات، وبقدرة الخوارزميات على توجيه الانتباه وصناعة القناعات. الذكاء الاصطناعي، الذي بدأ كأداة لتسهيل الحياة، أصبح اليوم لاعباً خطيراً في تشكيل الوعي الانتخابي، يصنع صوراً وأصواتاً ووجوهاً لا وجود لها، لكنه يزرع الشكوك ويعيد تعريف الحقيقة.

الخبير في التقنيات الرقمية علي العمران يقول في حديثه لـ"بغداد اليوم" إن البلاد تواجه مرحلة حساسة تستدعي وعياً رقمياً ومواجهة جماعية للتضليل المنظم. ويضيف أن الذكاء الاصطناعي بات يستخدم في إنشاء محتوى سياسي مزيف، سواء عبر التزييف العميق أو الحسابات الوهمية المدعومة بالروبوتات الآلية، وأن انتشار هذا النوع من المحتوى في بيئة تعاني من ضعف الوعي الإعلامي يمكن أن يوجه الرأي العام ويحدث انقساماً مجتمعياً واسعاً.

العراق يدخل اليوم ما يمكن وصفه بعصر التضليل الصناعي، حيث يمكن لتقنية واحدة أن تغير اتجاه النقاش العام في دقائق. فالمقاطع المصنوعة بدقة عالية تُنسب إلى سياسيين أو رجال دين أو شخصيات عامة، وتُتداول بسرعة تفوق قدرة المؤسسات الرسمية على نفيها أو التحقق منها. ويشير العمران إلى أن التضليل لم يعد محصوراً في الأخبار الكاذبة المكتوبة، بل تطور إلى مقاطع مرئية ومسموعة يصعب على الجمهور تمييزها عن الواقع، مما يجعل أي إشاعة قابلة للتحول إلى أزمة حقيقية في لحظات.

تقرير بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق أشار إلى تسجيل أكثر من ألف وثمانمئة حالة تضليل رقمي خلال انتخابات عام 2021، فيما تؤكد دراسات دولية أن أكثر من ثمانين بالمئة من دول العالم شهدت استخدام الذكاء الاصطناعي في العمليات الانتخابية خلال العامين الماضيين. ومع دخول العراق هذا السباق التكنولوجي دون تشريعات رادعة أو بنى رقمية متماسكة، تبدو الحقيقة نفسها مهددة بأن تُدار بخوارزميات لا تعرف معنى النزاهة أو المسؤولية.

العمران يحذر من أن الخطر لا يقف عند حدود الدعاية السياسية، بل يمتد إلى تشويه سمعة المرشحين ونشر الشائعات حول التزوير وبث الشكوك في المفوضية العليا للانتخابات. ويقول إن مجرد تداول إشاعة واحدة مصنوعة بتقنيات الذكاء الاصطناعي كفيل بخلق أزمة ثقة عامة، مشيراً إلى أن العراق يعيش حالياً حرباً معلوماتية صامتة تُدار من أطراف داخلية وخارجية تسعى إلى التأثير على خيارات الناخبين والتلاعب بمسار العملية الديمقراطية.

في ظل غياب التشريعات الواضحة، تبدو الحاجة إلى تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام والسياسة مسألة عاجلة، إلى جانب برامج وطنية لتعزيز الوعي الرقمي وإدخال مهارات التحقق من المعلومات في التعليم والإعلام. فالمعركة المقبلة لن تُحسم في مراكز الاقتراع فقط، بل في العالم الافتراضي الذي يصنع الرأي العام ويعيد رسم حدود الثقة.

العراق يقف اليوم أمام اختبار جديد، ليس بين الأحزاب والمرشحين فحسب، بل بين الحقيقة والوهم. وإذا لم تُدار هذه المواجهة بوعي وتشريعات صارمة، فقد تتحول الخوارزميات إلى ناخب خفي يصوّت بالنيابة عن الجميع، بحسب مراقبين.

المصدر: قسم الرصد والمتابعة - بغداد اليوم

أهم الاخبار

العاصمة تختنق بالتلوث .. والاسباب الثلاثة تعصف بالاجواء بلا توقف

بغداد اليوم - بغداد اكد مرصد العراق الاخضر، اليوم الاحد (26 تشرين الاول 2025)، وجود ثلاثة اسباب لاستمرار تلوث الاجواء في العاصمة بغداد. وقال المرصد في بيان تلقته "بغداد اليوم"، إن "التلوث في سماء بغداد جاء نتيجة عدم محاسبة معامل الطابوق

اليوم, 13:30