محليات / ملفات خاصة اليوم, 19:30 | --

العراق 2050


كوارث البلاد لا تنتهي: 300 يوم غبار كل عام.. تصحر وأمراض وخسائر فادحة ونزوح بيئي متصاعد - عاجل

بغداد اليوم - بغداد

يشهد العراق منذ عقدين تفاقمًا حادًا في ظاهرة العواصف الغبارية التي تحولت من حالة موسمية إلى أزمة وطنية ذات أبعاد بيئية وصحية واقتصادية وأمنية. الدستور العراقي في مادته (33) يكفل حق المواطن في بيئة سليمة، كما تضمن النصوص العامة الحق في العيش الكريم، لكن الواقع المناخي والميداني يشير إلى فجوة واسعة بين الالتزامات القانونية والوقائع المتدهورة. وتشير مراجعات بحثية إلى أن العراق، ضمن إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يُعد اليوم من أكثر الدول عرضة لمخاطر العواصف الترابية، مع مؤشرات على بلوغ مستويات غير مسبوقة بحلول منتصف القرن.

مرصد العراق الأخضر كشف ببيان، تلقته "بغداد اليوم"، أن البلاد سجّلت زيادة في عدد "الأيام المغبّرة" من قرابة 243 يومًا إلى 272 يومًا سنويًا خلال العقدين الماضيين، مع تحذيرات رسمية من احتمال بلوغ قرابة 300 يوم مغبّر بحلول عام 2050. هذا الرقم يضع العراق على حافة فقدان أغلب أيام السنة لصالح الغبار والعواصف الرملية. تؤكد تحليلات قانونية معمقة أن استمرار هذا المسار يعني تقويضًا لحق المواطن في الصحة والتعليم والعمل، إذ أن الحياة الطبيعية لا يمكن أن تستمر في ظل هذا المستوى من التلوث المستمر.

وأضاف المرصد أن هذه العواصف تسببت بخسائر اقتصادية تُقدَّر بأكثر من 150 مليار دولار سنويًا على مستوى إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تشمل العراق بشكل مباشر. هذه الخسائر تتوزع بين تعطيل النقل الجوي والبحري والبري، تراجع إنتاج الطاقة الشمسية، وتلف المحاصيل الزراعية. تشير قراءات بحثية متخصصة إلى أن العراق يخسر يوميًا نحو مليون دولار بسبب تعطيل النشاط الاقتصادي والخدمات العامة أثناء العواصف الترابية. وفق تقديرات سياسية-اقتصادية متقاطعة، هذه الأرقام تجعل العواصف الغبارية بندًا ماليًا يوازي كلفة الحروب في بعض الأحيان.

وبحسب المرصد أيضًا، فإن موجات الغبار التي شهدتها البلاد خلال أعوام 2022–2025 أدت إلى إغلاقات متكررة للمطارات وإصابة آلاف المواطنين بحالات اختناق، مع تسجيل ضغط متزايد على المؤسسات الصحية. وتؤكد دراسات منظمة الصحة العالمية أن العواصف الغبارية ترتبط بزيادة الدخول إلى المستشفيات وارتفاع معدلات الوفيات المرتبطة بأمراض الجهازين التنفسي والقلبي. تفيد ملاحظات أكاديمية أن هذه الأعباء الصحية لا تمثل كلفة طبية فقط، بل تهدد الأمن الإنساني من خلال تقليص العمر الصحي والإنتاجية.

كما حذّر المرصد من أن للعواصف الغبارية أثرًا مباشرًا على الأمن المائي عبر تلوث مصادر المياه السطحية وزيادة الملوحة ونقص المياه العذبة، فضلًا عن أثرها على الأمن الغذائي بتفاقم التصحر وتلف المحاصيل وارتفاع تكاليف الغذاء. تُبرز الدراسات التطبيقية أن كل موجة غبار واسعة تتزامن مع تراجع حاد في إنتاج الخضروات والمحاصيل الموسمية، الأمر الذي يضاعف من فاتورة الاستيراد.

وأشار المرصد إلى أن أعلى تكرار سنوي للعواصف الرملية والغبارية خلال 30 عامًا سُجّل في محافظة ذي قار بمعدل 278 تكرارًا، فيما كانت خانقين الأقل بمعدل 3 تكرارات، تلتها العمارة بـ23 تكرارًا، والبصرة وكركوك بـ29 تكرارًا لكل منهما. هذه الأرقام تضع الجنوب العراقي على رأس قائمة المحافظات المهددة بالتصحر الشامل. وفق مقاربات فكرية معاصرة، فإن هذا التوزيع الجغرافي يعكس هشاشة البنية البيئية في الجنوب مقابل هامش أفضل قليلًا في الشمال.

هذه الأزمة تكشف حدود المؤسسات العراقية في التعامل مع التغير المناخي. فوزارة البيئة، ووزارة الموارد المائية، والسلطات المحلية، ما تزال تعمل دون إطار وطني موحد للتكيف مع التغير المناخي. يذهب خبراء القانون الدستوري إلى القول بأن غياب تشريعات تنفيذية للمادة (33) من الدستور جعل الحق في بيئة سليمة مجرد نص غير مُلزم عمليًا. سياسيًا، فإن استمرار 300 يوم مغبّر محتمل يعني أن الدولة ستواجه ضغطًا شعبيًا متصاعدًا نتيجة الأعباء الاقتصادية والصحية والاجتماعية.

إن بلوغ العراق نحو 300 يوم مغبّر سنويًا بحلول عام 2050 ليس مجرد توقع مناخي، بل إنذار بانهيار بيئي شامل يهدد استقرار الدولة. الأرقام التي عرضها مرصد العراق الأخضر — من 243 يومًا إلى 272 يومًا حاليًا، واحتمال الوصول إلى 300 يوم، وخسائر 150 مليار دولار سنويًا، ومليون دولار يوميًا في العراق — تعكس أن العواصف لم تعد ظاهرة طبيعية عابرة بل أزمة هيكلية. إن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب خطة وطنية عاجلة للتكيف المناخي تشمل إصلاح إدارة المياه، مكافحة التصحر، استثمار الغطاء النباتي، وإدماج الملف البيئي في السياسات الاقتصادية. فالأمر لم يعد مسألة بيئية فحسب، بل قضية دستورية وسياسية تمس بقاء المجتمع والدولة.

المصدر: بغداد اليوم + وكالات 

أهم الاخبار

المرتفع الجوي يؤجل أمطار الخريف في العراق والجزيرة العربية حتى أواخر تشرين الأول- عاجل

بغداد اليوم – متابعات توقعت التنبؤات الجوية متوسطة المدى، اليوم الثلاثاء (30 أيلول 2025)، استمرار سيطرة مرتفع جوي في الطبقات العليا من الغلاف الجوي على أجواء العراق والجزيرة العربية حتى بداية الثلث الأخير من شهر تشرين الأول، وهو ما يعني استقرارا عاما في

اليوم, 21:30