بغداد اليوم - بغداد
تشهد الساحة السنية العراقية في مرحلة ما قبل الانتخابات المقبلة حالة من الحراك الشعبي والسياسي المكثف، حيث تحوّلت الزيارات الميدانية لزعماء الكتل إلى منصات لعرض القوة وقياس الحضور الجماهيري. المحافظات المحررة مثل نينوى والأنبار باتت مسرحاً لهذا التنافس، إذ تعكس طبيعة الاستقبالات والاحتفالات الشعبية المزاج العام، وتكشف عن رغبة متنامية لدى الأهالي بإحداث تغيير ملموس في التمثيل السياسي بعد سنوات من التحديات الأمنية والخدمية.
الشيخ أنور الندى، أحد وجهاء نينوى، قال لـ"بغداد اليوم"، إن "الاستقبال الذي حظي به السامرائي يعكس وجود شعبية كبيرة لتحالف العزم، وحضور قوي، وطموح لأهالي المحافظة بالمشاركة الواسعة في الانتخابات وتغيير الواقع". هذه المؤشرات – وفق تقديرات سياسية – تمثل تعبيراً عن انتقال الرغبة بالتغيير من مجرد شعارات إلى سلوك جماهيري واسع.
وفي الأنبار، أوضح الشيخ أركان خلف الطرموز خلال حديثه لـ"بغداد اليوم"، أن "الحضور القوي للسامرائي في الأنبار ونينوى، والتفاف الجماهير عليه، يعكس فشل من مثلوا هذه المحافظات في السابق ولم يستحصلوا على حقوقهم"، مؤكداً أن هناك رغبة حقيقية في "طي صفحة الماضي والاستعداد لمرحلة جديدة". هذا الخطاب يعكس – بحسب قراءات قانونية – إدراكاً عميقاً لدى العشائر بأن المرحلة المقبلة لا يمكن أن تُدار بذات الأدوات التي حكمت السنوات الماضية.
الباحث في الشأن السياسي عمر الدليمي أشار بحديثه لـ"بغداد اليوم"، إلى أن "الانتشار الواسع لتحالف العزم في نينوى أدى إلى تعديل جدول زيارة الحلبوسي إلى الموصل"، مضيفاً أن وصوله "جاء بعد الاستقبال الذي حظي به السامرائي، لتأتي زيارته كمحاولة لترتيب أوراق حزبه". وفق مقاربات سياسية حديثة، فإن هذه الزيارة تُقرأ كتحرك دفاعي لإعادة التوازن، ولمنع الخصوم من الاستحواذ على معاقل انتخابية تقليدية في نينوى.
الاحتفالات الشعبية التي رافقت زيارات السامرائي لم تكن مجرد مظاهر اجتماعية، بل شكلت رسائل سياسية مباشرة في محافظات كانت تُعرف بالاستقبال الجماهيري الواسع لقيادات أخرى. منذ 2018 ارتبطت صورة الاستقبال الميداني بالحلبوسي وتحالفه، لكن انتقال هذه المشاهد إلى خصومه اليوم يُظهر تراجعاً في هيمنته الرمزية. وتشير تقديرات بحثية مستقلة إلى أن هذه التحولات لا يمكن فصلها عن ضعف الإنجاز الملموس في السنوات السابقة، ما جعل الاحتفال الجماهيري ينتقل إلى بدائل جديدة.
المشهد في نينوى والأنبار يكشف أن حجم الاستقبال الشعبي لم يعد مجرد تفصيل بروتوكولي، بل معياراً لقياس التوازنات السياسية في البيت السني. ومع دخول العزم بقوة عبر استعراض جماهيري واسع، واضطرار تقدم للتحرك السريع، يبدو أن الانتخابات المقبلة ستشهد إعادة رسم للخريطة السياسية، حيث لم يعد الحضور الجماهيري مضموناً لطرف واحد، بل بات ورقة ضغط متبادلة قد تحدد هوية الممثلين الجدد لهذه المحافظات.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات