سياسة / ملفات خاصة اليوم, 12:32 | --

سوق السياسة


آخر تحديث لأسعار البطاقات الانتخابية.. من 100 دولار إلى 500 ألف دينار وصولاً إلى المليون

بغداد اليوم – بغداد

لم تعد ظاهرة شراء بطاقات الناخبين في العراق خافية على أحد، لكن ما تكشّف مؤخراً من أساليب جديدة يوضح حجم الانحراف الذي أصاب العملية الانتخابية. فبحسب رصد ومتابعة ميدانية، يعتمد بعض المرشحين على استمالة الشباب والفقراء عبر وعود بتشغيلهم كمراقبين انتخابيين ليوم واحد مقابل 400 ألف دينار أو 100 دولار، ثم يطلبون منهم جلب 35 ناخباً من أقاربهم وأصدقائهم مع بطاقاتهم الانتخابية لقاء المبلغ نفسه. وفي بعض الحالات، ولا سيما مع المرشحين "الثقيلة أسماؤهم"، يصل السعر إلى مليون دينار للبطاقة الواحدة، ما حوّل الصوت الانتخابي إلى سلعة تُباع وتُشترى في سوق السياسة.

النائب ثائر الجبوري كشف لـ"بغداد اليوم"، عن إحباط ثلاث محاولات لشراء بطاقات الناخبين في مناطق متفرقة، كان آخرها في ديالى، مؤكداً أن "الأجهزة الأمنية المختصة اعتقلت عدداً من المتورطين وضبطت العشرات من البطاقات بحوزتهم". وأشار إلى أن "ما يحدث إساءة للعملية الانتخابية ومحاولة لتضليل الرأي العام من قبل سماسرة الانتخابات الذين يمثلون أجندة سوداء، سواء كانت مدعومة داخلياً أو خارجياً". وأضاف بوضوح أن "شراء بطاقات الناخبين لا نستبعد أن يكون مدعوماً بأموال خارجية"، معتبراً أن الخطر لا يقتصر على الفساد المحلي وإنما قد يفتح الباب أمام تدخل قوى خارجية في مسار الانتخابات العراقية. ووفق تقديرات قانونية، فإن مجرد وجود شبهات بهذا المستوى يفرض على الدولة التعامل مع الملف كقضية أمن قومي لا مجرد جريمة انتخابية.

النائب السابق فوزي أكرم ترزي بدوره حذّر من "انتشار ظاهرة شراء البطاقات بشكل منظم"، موضحاً أن "السماسرة يدفعون مبالغ ضخمة مقابل البطاقة الواحدة وصلت أحياناً إلى 100 دولار، ما يستدعي تشكيل لجان تحقيق عاجلة ومحاسبة صارمة". وأكد أن "التعامل مع هؤلاء السماسرة غير قانوني وله تبعات خطيرة، وأن المطلوب هو نشر الوعي بين المواطنين لكشف الشبكات السوداء التي تتاجر بالانتخابات".

أما أمين تيار الحكمة في ديالى فرات التميمي، فقد شدّد على أن "المعلومات حول شراء البطاقات لا يمكن التستر عليها، ويجب رفعها إلى اللجان الرقابية وهيئة النزاهة والمفوضية"، مبيناً أن "خلق فرص متكافئة للمرشحين شرط أساسي لضمان ثقة الناخبين، وليس ترك الساحة للألاعيب الملتوية التي يلجأ إليها بعض المفلسين".

التحقيقات الميدانية أظهرت أيضاً أن عمليات الشراء لم تعد تقتصر على الأموال، بل شملت تقديم هدايا مثل قطع سلاح لشيوخ عشائر وملابس نسائية لبعض الناخبات. النائب علي البديري أكد أن "الظاهرة باتت علنية في محافظات الوسط والجنوب، وتمارسها جهات متنفذة"، مضيفاً أن "المرشحين يشترون البطاقات ويعيدونها يوم الاقتراع لاستخدامها في التصويت".

هيئة النزاهة الاتحادية أعلنت مؤخراً عن إحباط عملية كبرى أطاحت بمرشح وأربعة من مساعديه بتهمة شراء بطاقات الناخبين مقابل وعود بالتعيين ورواتب رعاية اجتماعية. وبيّنت في بيانها أن فريقاً مشتركاً مع جهاز الأمن الوطني ضبط مصورات لبطاقات انتخابية وسجلات بأسماء وأرقام ناخبين وأجهزة مرتبطة بهذه العمليات، وأصدرت مذكرات قبض وتوقيف بحق المتورطين. وأكدت الهيئة أن "دور المواطنين في الإبلاغ كان حاسماً"، معلنة تخصيص خط مجاني للشكاوى وإصدار لائحة سلوك انتخابي لعام 2025.

وفي بيان آخر، شددت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على أن "بيع أو شراء بطاقات الناخبين أو الشروع بهذا الفعل يدخل ضمن الجرائم الانتخابية التي يعاقب عليها القانون"، لافتة إلى أن العقوبات قد تصل إلى استبعاد المرشحين وإلغاء المصادقة على قوائمهم. لكن مراقبين يشيرون إلى أن النصوص القانونية تبقى عاجزة إذا لم تُنفّذ بصرامة ميدانية، خصوصاً مع وجود مخاوف من تمويل خارجي يوسع دائرة الفساد ويهدد الإرادة الوطنية للناخب العراقي.

ما يجري لا يقتصر على عمليات معزولة، بل يمثل تحولاً خطيراً في طبيعة الانتخابات. فاستغلال الفقراء والشباب عبر وعود تشغيل وهمية وتحويلهم إلى وسطاء لجلب أصوات مقابل مبالغ زهيدة، يكرّس صورة قاتمة عن مستقبل الديمقراطية في العراق. ومع اتساع السوق السوداء للأصوات وظهور مؤشرات على دعم خارجي لبعض هذه الشبكات، تصبح ثقة المواطنين في العملية السياسية مهددة أكثر من أي وقت مضى، وتتعزز مخاوف المقاطعة الشعبية. فبدلاً من أن يكون الناخب صانع القرار، أصبح هدفاً للابتزاز والشراء، وهو ما يضع الانتخابات المقبلة أمام اختبار وجودي لمصداقيتها ونزاهتها، بل لسيادة العراق السياسية نفسها.

المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

أهم الاخبار

الصين ترد على ترامب بشأن واردتها النفطية: سنحمي مصالحنا

بغداد اليوم - متابعة أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية غو جيا كون، اليوم الأربعاء (24 أيلول 2025)، بأن بكين ستتخذ جميع الإجراءات الضرورية للدفاع عن مصالحها القانونية. وقال غو جيا كون خلال مؤتمر صحفي وتابعته "بغداد اليوم":

اليوم, 14:22