“قوة سيبيريا 2”.. خط غاز روسي–صيني يرسم خريطة طاقة جديدة ويضع العراق أمام تحديات وفرص

بغداد – بغداد اليوم

أكد الخبير في الشؤون الاقتصادية أحمد التميمي، اليوم الاثنين (22 أيلول 2025)، أن مشروع خط أنابيب الغاز الروسي–الصيني “قوة سيبيريا 2” يمثل تحولا استراتيجيا في معادلة الطاقة العالمية، بما يتجاوز كونه مجرد اتفاق اقتصادي.

وأوضح التميمي في حديث لـ”بغداد اليوم”، أن المشروع يكرّس نشوء محور طاقة جديد في أوراسيا، يعكس تقارباً روسياً–صينياً يهدف إلى تقليص الاعتماد على الأسواق الغربية وتجاوز الهيمنة التي يفرضها الغرب عبر الدولار ونظام التسعير التقليدي. وأضاف أن تدفق الغاز الروسي بكميات ضخمة إلى الصين لا يعزز فقط أمن الطاقة لبكين، بل يمنح موسكو منفذاً بديلاً لتعويض الأسواق الأوروبية التي فقدتها بفعل العقوبات.

وأشار التميمي إلى أن “قوة سيبيريا 2” قد يشكل بداية لانزياح تدريجي عن هيمنة الدولار في تجارة الطاقة، مع فتح الباب أمام نماذج تسعير جديدة بالعملات الوطنية أو عبر تسويات ثنائية، وهو ما قد يعمق من التراجع البطيء للنفوذ الغربي في الاقتصاد العالمي.

أما بالنسبة للعراق، فقد أوضح أن تدفق الغاز الروسي إلى الصين قد يقلل اعتماد بكين على مصادر بديلة، مما يضع ضغوطاً تنافسية على صادرات الطاقة من الشرق الأوسط. لكنه شدد في المقابل على أن النفط العراقي سيظل مكوناً أساسياً في واردات الصين، رغم ما قد يواجهه من تحديات تتعلق بتقلبات الأسعار العالمية وتغير موازين الطلب.

وختم التميمي بالقول إن صعود محور أوراسي جديد بقيادة موسكو وبكين يمنح العراق فرصة لإعادة صياغة توازناته بين الغرب والقوى الصاعدة، فضلاً عن إمكانية جذب استثمارات صينية وروسية في مجالات الطاقة والبنية التحتية ضمن مبادرة “الحزام والطريق”. أما مالياً، فإن الاتجاه نحو تسويات تجارية خارج الدولار قد يضع بغداد أمام استحقاقات جديدة في إدارة مواردها المالية وآليات تسعير صادراتها النفطية، الأمر الذي يتطلب استراتيجيات أكثر مرونة في التعامل مع النظام الاقتصادي العالمي المتغير".

مشروع خط أنابيب “قوة سيبيريا 2” هو امتداد استراتيجي لمشروع “قوة سيبيريا 1” الذي بدأ تشغيله عام 2019 لتصدير الغاز الروسي إلى الصين.

الخط الجديد، المخطط أن ينقل أكثر من 50 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً عبر منغوليا إلى الصين، يأتي كجزء من استراتيجية موسكو لتنويع أسواقها بعد فقدانها جزءاً كبيراً من السوق الأوروبية بفعل العقوبات الغربية التي أعقبت الحرب في أوكرانيا.

هذا المشروع، وفقا لخبراء، لا يحمل أبعاداً اقتصادية فقط، بل يمثل خطوة مهمة في التحولات الجيوسياسية العالمية، حيث تسعى روسيا والصين إلى تقوية تحالفهما في مواجهة الضغوط الغربية، وبناء منظومات تجارية وطاقوية بديلة تقلل الاعتماد على الدولار.