بغداد اليوم – بغداد
لم يكن إدراج أربع فصائل عراقية جديدة على "لائحة الإرهاب" الأمريكية حدثًا معزولًا عن مسار التطورات الأخيرة، بل جاء في توقيت بالغ الحساسية، بعد أيام قليلة من تحرير الباحثة الروسية – الأمريكية إليزابيث تسوركوف من قبضة كتائب مسلحة في العراق. المفارقة أن التقديرات الأولية كانت تتجه نحو وجود صفقة غير معلنة أفضت إلى إطلاق سراحها، غير أن المعطيات التي تكشفت لاحقًا بيّنت أن الفصائل لم تتعامل معها كرهينة في سياق تفاوضي، بل أخضعتها لأساليب قاسية من الاحتجاز، وهو ما دفع دوائر أمريكية إلى قراءة الخطوة باعتبارها إهانة تستوجب الرد. وفق مقاربات سياسية حديثة، فإن هذا التتابع في الأحداث يوحي بأن التصنيف لم يكن مجرد عقوبة قانونية، بل قد يكون تمهيدًا لمرحلة انتقامية مفتوحة.
ويفسّر المختص في الشأن العسكري والاستراتيجي اللواء المتقاعد جواد الدهلكي، خلال حديثه لـ"بغداد اليوم"، هذا التحول بالقول إن "الخارجية الأمريكية أصدرت عقوبات على أربع فصائل جديدة وبذلك تصبح ست فصائل وتكون ضمن دائرة 5 po أي ضمن لائحة العقوبات الجنائية وستنال عقوبات دولية"، موضحًا أن "هذا يمكن إسرائيل ذراع أميركا من توجيه ضربات بعيدًا عن حصول موافقات من الولايات المتحدة"، محذرًا من أن "الضربات لن تحتاج إلى إذن مسبق أممي وبدون تحديد وقت لها أو إيقافها حتى تحقق أهدافها بدقة مع قائمة أهداف ذات عمق مدني وعسكري". وتشير المداولات الأمنية إلى أن إدراج الكيانات على قوائم الإرهاب يفتح الباب أمام شرعنة الضربات الخارجية تحت غطاء قانوني، بما يعفي المنفذين من قيود مجلس الأمن أو الحاجة إلى تفويض دولي.
من جانبه، يرى الخبير في الشؤون الاستراتيجية عباس الجبوري أن "القرار يعكس تصاعد حدة المواجهة بين الولايات المتحدة وبعض الفصائل المسلحة في العراق، ويعد خطوة تهدف إلى تضييق الخناق على مصادر تمويلها وحركتها داخل وخارج البلاد". ووفق تقديرات بحثية مستقلة، فإن الجمع بين تصنيف هذه الجماعات وبين حادثة تسوركوف يضاعف احتمالية اللجوء إلى عمليات انتقامية مركّزة، سواء عبر ضربات إسرائيلية بطائرات مسيّرة أو عبر عمليات دقيقة بغطاء أمريكي، وهو سيناريو يهدد بفتح فصل جديد من المواجهة المباشرة داخل الأراضي العراقية.
في البعد الداخلي، لا تقتصر انعكاسات هذه القرارات على الجانب الأمني، بل تحمل تأثيرات سياسية واضحة. فالتجارب المقارنة تُظهر أن مثل هذه التصنيفات تتحول إلى أدوات دعاية تُستثمر في الخطاب الشعبي للفصائل، التي ترى في إدراجها على اللوائح الأمريكية وسام "مقاومة" يعزز حضورها الانتخابي. وتفيد تقديرات سياسية بأن بعض قادة الفصائل سيحاولون استثمار هذه الخطوة لتعزيز شرعيتهم أمام جمهورهم، باعتبارهم في مواجهة مباشرة مع "المشروع الأمريكي–الإسرائيلي". لكن المفارقة تكمن في أن هذا الاستثمار الدعائي قد يتزامن مع ضربات فعلية تهدد بنيتهم العسكرية والتنظيمية، ما يخلق معادلة صعبة بين خطاب القوة والواقع الميداني.
أما على المستوى الدولي، فقد شددت وزارة الخارجية الأمريكية على أن إدراج حركة النجباء وكتائب سيد الشهداء وحركة أنصار الله الأوفياء وكتائب الإمام علي، جاء ضمن التزامها بمنع إيران من استخدام الجماعات التابعة لها لمهاجمة الأفراد والمنشآت الأمريكية. وتوضح بيانات رسمية أن هذه الفصائل متهمة بتلقي دعم مالي ولوجستي من طهران وتنفيذ هجمات ضد القواعد الأمريكية في العراق وسوريا والأردن. ويفسر خبراء في الشأن الدولي هذا الربط بأنه محاولة لعزل الفصائل دبلوماسيًا وتجفيف مواردها، مع توفير مبرر مسبق لأي عمليات عسكرية مستقبلية، سواء أمريكية مباشرة أو عبر إسرائيل.
المشهد الجديد يوضح أن قرار الإدراج الأمريكي لم يكن مجرد خطوة قانونية، بل نقطة تحوّل تمهّد لاحتمال ردود عسكرية مقبلة. التبدّل الأبرز يتمثل في إدخال عنصر الانتقام إلى الحسابات، مستندًا إلى معطيات حادثة تسوركوف والتصنيف المتزامن للفصائل. في المقابل، بقيت الفصائل متمسكة بخطابها التعبوي الذي يوظف العقوبات كوسيلة لتعزيز شرعيتها السياسية والشعبية. النتيجة المتوقعة أن العراق قد يواجه قريبًا معادلة حساسة: التعامل مع ضربات محتملة تستهدف جماعات نافذة، مقابل محاولة الحفاظ على تماسكه الداخلي واستمرار شراكته مع واشنطن. المرحلة المقبلة ستُظهر ما إذا كان الإدراج سيظل ورقة ضغط سياسية، أم يتحول إلى غطاء لعمليات عسكرية مباشرة تحمل رسائل إقليمية أوسع.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
بغداد اليوم - البصرة نفت قيادة شرطة البصرة، اليوم الجمعة (19 أيلول 2025)، ما تداولته بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن مقتل شاب بهجوم مسلح في قضاء المدينة شمالي المحافظة. وذكرت القيادة في بيان تلقته "بغداد اليوم" أنها "تنفي