بغداد اليوم – بغداد
ردت حركة النجباء، اليوم الأربعاء (17 أيلول 2025)، على إدراجها ضمن لائحة الجماعات الإرهابية من قبل الولايات المتحدة الأميركية، مؤكدة أن القرار لا قيمة له ولا يغيّر من مسارها.
وقال المعاون العسكري للحركة، عبد القادر الكربلائي، في تدوينة تابعتها “بغداد اليوم”، إن النجباء ماضية في “طريق الحق والعدل والعزة والكرامة”، مشدداً على أن قرار واشنطن “سيوضع تحت الأقدام ولا يمثل شيئاً أمام إرادة المقاومة”، على حد تعبيره.
وتمثل قرارات الإدراج على لوائح الإرهاب إحدى أكثر الأدوات القانونية والدبلوماسية حساسية في السياسة الأمريكية، إذ تُستخدم لتقييد حركة الأفراد والكيانات وقطع ارتباطها بالأنظمة المالية العالمية. في الحالة العراقية، يحمل إدراج أربعة فصائل على هذه اللوائح أبعادًا تتجاوز الجانب الأمني المباشر، ليعكس ملامح مواجهة متصاعدة بين واشنطن ومحور إقليمي يرتبط بإيران.
وتشير المداولات الدستورية إلى أن مثل هذه الخطوات تُلقي بظلالها على سيادة الدول المضيفة، إذ تجد الحكومات نفسها أمام التزامات متشابكة بين ضغوط خارجية والتوازنات الداخلية. وبحسب قراءات قانونية، فإن قرارات التصنيف الإرهابي لا تقتصر على تجميد الأرصدة وتشديد القيود على السفر، بل قد تتحول إلى أدوات ضغط سياسي تُلزم بغداد بمواقف أو إجراءات لم تكن مطروحة في السياق المحلي.
غير أن لهذه التصنيفات بعدًا داخليًا معقدًا، إذ غالبًا ما تُترجم لدى الفصائل كوسام نضالي يضيف لرصيدها الشعبي. فزعماء الجماعات المسلحة يتفاخرون أمام جمهورهم بأن إدراجهم على القوائم الأمريكية أو ارتباطهم باستهداف واشنطن وتل أبيب يمثل اعترافًا بكونهم "في قلب معركة المقاومة". ووفق مقاربات سياسية حديثة، فإن هذه الديناميكية تكتسب أهمية خاصة مع اقتراب الانتخابات، حيث يترشح بعض قادة الفصائل مباشرة أو يدعمون قوائم محددة، مستثمرين التصنيف الأمريكي في تعزيز خطابهم الدعائي وإقناع قواعدهم بأنهم يواجهون "المشروع الأمريكي–الإسرائيلي" داخل العراق.
يرى باحثون في الشأن الاستراتيجي أن إدراج الفصائل العراقية على لائحة الإرهاب لا يمثل مجرد خطوة رمزية، بل يدخل في إطار مسار تصعيدي متدرج بين الولايات المتحدة وهذه الجماعات المسلحة. ويشير الخبير في الشؤون الاستراتيجية عباس الجبوري، في حديثه لـ"بغداد اليوم"، إلى أن "هذا القرار يعكس تصاعد حدة المواجهة بين الولايات المتحدة وبعض الفصائل المسلحة في العراق، ويعد خطوة تهدف إلى تضييق الخناق على مصادر تمويلها وحركتها داخل وخارج البلاد".
وفق تقديرات قانونية، فإن هذا النوع من القرارات يترتب عليه تجميد للأرصدة المحتملة وتشديد للقيود على السفر، إضافة إلى فتح الباب أمام ملاحقات قضائية دولية بحق القيادات المصنفة.
وبحسب قراءات سياسية، فإن التداعيات المباشرة قد لا تظهر سريعًا في الداخل العراقي، لكنها على المدى المتوسط قد تضع الحكومة أمام معادلة صعبة بين حماية مفهوم السيادة الوطنية من جهة والحفاظ على شراكتها مع واشنطن من جهة أخرى.
ويضيف الجبوري أن "الإدراج على لائحة الإرهاب يعني أيضًا زيادة الضغوط على الحكومة العراقية لاتخاذ موقف أكثر وضوحًا، وهو ما قد يفاقم حالة الاستقطاب السياسي ويؤثر على التوازنات داخل المشهد العراقي، خصوصًا إذا ما ترافقت الخطوة مع ضغوط أو عقوبات إضافية".
وتُظهر التجارب المقارنة أن مثل هذه التصنيفات غالبًا ما تُستخدم كأداة لإعادة رسم التوازنات السياسية، وهو ما يضع بغداد أمام استحقاقات جديدة قد تتجاوز البعد الأمني إلى صلب العملية السياسية.
تزامن القرار الأمريكي مع ضغوط متزايدة من داخل الكونغرس، خصوصًا من نواب الحزب الجمهوري الذين يدفعون باتجاه سياسة أكثر صرامة تجاه النفوذ الإيراني في العراق. فقد أعرب النائب الجمهوري جو ويسلون في تغريدة على منصة (إكس) عن شكره للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعدد من المسؤولين، مؤكداً أن "الإجراء يمنح المدعين العامين القدرة على تجفيف مصادر الأموال التي تستخدمها هذه الجماعات"، وداعيًا إلى تصنيف منظمة بدر باعتبارها "الأم لجميع الجماعات المدعومة من إيران"، بحسب وصفه.
وفق مقاربات سياسية حديثة، فإن مثل هذه المواقف تعكس التقاء الإرادة التشريعية مع التوجه التنفيذي، ما يعزز زخم القرارات ويمنحها أفقًا أوسع من مجرد تدبير أمني.
في السياق ذاته، شددت وزارة الخارجية الأمريكية على أن إدراج حركة النجباء وكتائب سيد الشهداء وحركة أنصار الله الأوفياء وكتائب الإمام علي على لوائح الإرهاب يأتي ضمن التزام واشنطن بمواجهة إيران ومنع الجماعات التابعة لها من شن هجمات ضد أفراد ومنشآت أمريكية. وتشير بيانات رسمية أمريكية إلى أن هذه الجماعات، المدعومة ماليًا ولوجستيًا من طهران، تورطت في هجمات مباشرة على القواعد والمصالح الأمريكية في العراق وسوريا والأردن.
ويفسّر خبراء في الشأن الدولي أن هذا الربط العلني بين الفصائل العراقية والمشروع الإيراني يهدف إلى عزلها دوليًا، وتجفيف مواردها، وحرمانها من المناورة السياسية والمالية، بما يعزز الخطاب الأمريكي القائل إن العراق ما زال ساحة مواجهة إقليمية مفتوحة.
تدل الخطوة الأمريكية على أن الصراع مع الفصائل العراقية دخل مرحلة جديدة لن تتوقف عند حدود التصنيف القانوني، بل قد تفتح المجال أمام مسارات تصعيد سياسي وأمني متتابع. فبينما تسعى واشنطن إلى عزل هذه الجماعات دوليًا وتجفيف مواردها، تحاول الأخيرة تحويل الضغط إلى مكسب داخلي عبر تعزيز خطاب "المقاومة" واستثماره انتخابيًا. وبذلك يصبح العراق ساحة اختبار مزدوجة: اختبار لقدرة الحكومة على موازنة علاقاتها مع الولايات المتحدة من دون خسارة الاستقرار الداخلي، واختبار للفصائل في قدرتها على الصمود أمام القيود الدولية من دون أن تفقد موقعها في المشهد السياسي. ما ستكشفه المرحلة المقبلة هو ما إذا كانت هذه القرارات ستنجح في تقليص نفوذ الفصائل فعليًا، أم أنها ستمنحها زخمًا جديدًا في معركتها على الشرعية داخل العراق، بحسب مراقبين.
المصدر: قسم الرصد والمتابعة في "بغداد اليوم" + وكالات
بغداد اليوم – متابعات أقدم الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، اليوم الأربعاء (17 أيلول 2025)، على خفض أسعار الفائدة لأول مرة هذا العام بمقدار 25 نقطة أساس، ليصبح نطاق الفائدة بين 4.0% و4.25%، مشيراً إلى تباطؤ في سوق العمل وارتفاع المخاطر المحيطة بالتوظيف.