اقتصاد / ملفات خاصة اليوم, 17:08 | --

المواطن يدفع الثمن


الاستحقاق السياسي يضغط على السوق.. العلاقة المعقدة بين الانتخابات وسعر الصرف

بغداد اليوم – بغداد

يشهد العراق في الفترة التي تسبق الانتخابات النيابية تقلبات اقتصادية واضحة، تعكس حساسية العلاقة بين الاستحقاقات السياسية الكبرى والاستقرار المالي. فمن المعروف أن الأسواق في الأنظمة التي ترتبط فيها السياسات الاقتصادية بالمخرجات السياسية تتأثر مباشرة بمناخ عدم اليقين، وهو ما يتجسد حالياً في سوق الصرف المحلي.

فبعد أن كان سعر صرف الدولار قد انخفض في وقت سابق إلى ما دون 140 ألف دينار لكل 100 دولار، عاد ليسجل في التعاملات الصباحية بالبورصة الرئيسية ببغداد 143250 ديناراً لكل 100 دولار، فيما بلغ في الأسواق المحلية 144250 ديناراً للبيع و142250 ديناراً للشراء. هذا المناخ يفسر جانباً من موجة الارتفاع الأخيرة في أسعار الدولار، كما يوضح المختص في الشأن المالي والاقتصادي ناصر التميمي لـ"بغداد اليوم".

ففي قراءته للوضع، يربط التميمي استمرار صعود الدولار بـ"حالة الترقب وعدم اليقين التي تسبق الانتخابات النيابية المرتقبة، إضافة إلى عوامل اقتصادية ومالية داخلية متراكمة". هذه الإشارة تسلط الضوء على أن العوامل السياسية ليست منفصلة عن الدورة الاقتصادية، بل تُضاف إلى ضغوط قائمة أصلاً، مثل العجز في إدارة السياسة النقدية وضعف أدوات الرقابة المالية، وهو ما تشير إليه دراسات بحثية متخصصة في الاقتصاد الانتخابي.

ويتضح البعد السلوكي للأسواق عندما يوضح التميمي أن "غالباً ما تشهد الأسواق المالية تقلبات ملحوظة كلما اقتربت الاستحقاقات السياسية الكبرى، خاصة في الأنظمة التي ترتبط فيها القرارات الاقتصادية بمخرجات العملية السياسية"، مشيراً إلى أن المستثمرين والمتعاملين يلجأون عادة إلى الدولار كمخزن للقيمة "في ظل تراجع الثقة بالاستقرار النقدي في المرحلة المقبلة". هذا السلوك يتوافق مع ما ترصده تقارير اقتصادية دولية عن أسواق ناشئة، حيث يتزايد الطلب على العملات الأجنبية مع تصاعد المخاطر السياسية.

كما يلفت التميمي إلى جانب آخر يرتبط بالممارسات الاقتصادية الداخلية، مبيناً أن "بعض القوى الاقتصادية المحلية تستغل أجواء الانتخابات في المضاربات أو نقل الرساميل إلى الخارج تحسباً لأي تغيرات محتملة في السياسات المالية أو في مراكز القرار الحكومي". هذه الممارسات، كما تشير تقديرات اقتصادية، تؤدي إلى زيادة الطلب على الدولار داخلياً وتُضعف الثقة في العملة الوطنية، لتتحول الانتخابات من حدث سياسي إلى عامل ضغط مباشر على السوق.

وفي البعد المؤسسي، يشدد التميمي على أن "الاستقرار النقدي لا يتحقق فقط عبر الأدوات الاقتصادية، بل يتطلب أيضاً بيئة سياسية واضحة المعالم، وتواصل شفاف من قبل الدولة مع المواطنين والأسواق". هذه الملاحظة تؤكد أن غياب الحسم في الملفات السياسية الكبرى لا يقتصر أثره على موازين القوى، بل يمتد ليشكل عبئاً إضافياً على سعر الصرف، وهو ما تُظهره المداولات الاقتصادية في دول تمر بانتخابات تنافسية.

تبيّن قراءة المشهد أن ما تغيّر في المرحلة الحالية هو ارتفاع درجة الحساسية السياسية للأسواق مع اقتراب الانتخابات، فيما لم تتغيّر حقيقة أن أدوات السياسة النقدية وحدها غير قادرة على تحقيق الاستقرار ما لم ترافقها بيئة سياسية مستقرة. الأثر المباشر يتمثل في زيادة الضغط على العملة الوطنية وارتفاع كلفة المعيشة على المواطن العادي. وبذلك، يظل الرابط بين السياسة والاقتصاد في العراق وثيقاً، حيث تصبح الانتخابات اختباراً مزدوجاً: اختباراً للعملية الديمقراطية، واختباراً لاستقرار السوق النقدي في آن واحد.

المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

أهم الاخبار

رئيس هيئة النزاهة: مُعالجة آفة الفساد بطرق المنع والوقاية أكثر وقعاً على مرتكبيه وأقلُّ تكلفة

بغداد اليوم- بغداد دعا رئيس هيئة النزاهة، محمد علي اللامي، اليوم الخميس، (11 أيلول 2025)، إلى تكثيف الجهود التوعويَّـة والتثقيفيَّـة في التصدّي للفساد، بما يُعزّز من نشر ثقافة النزاهة ويحافظ على المال العام في أوساط المُجتمع، لافتاً إلى أنَّ مُعالجة آفة

اليوم, 18:33