بغداد اليوم – بغداد
لم تعد ظاهرة التسريبات في العراق مجرد أدوات هامشية للتأثير على الرأي العام، بل تحولت مع اقتراب الانتخابات إلى وسيلة ابتزاز علني وتسقيط سياسي يُمارس بشكل مكشوف، من دون اعتبار للأخلاقيات أو حدود المنافسة الديمقراطية. الباحث في الشأن السياسي حسين الأسعد أشار لـ"بغداد اليوم" إلى أن "في ظل اقتراب موعد الانتخابات، تبرز مجدداً ظاهرة خطيرة تهدد نزاهة العملية الديمقراطية، وهي نشر التسريبات المفبركة والمعلومات المضللة التي تستهدف شخصيات سياسية أو مؤسسات رسمية". هذا التحذير يعكس، وفق محللين، أن المشكلة لم تعد محصورة في تزوير محتوى أو تضليل رقمي، بل في توظيفه كسلاح لتصفية الخصوم وإرباك المجتمع عبر إثارة الفتن وزعزعة الثقة بالمؤسسات.
الأسعد أوضح أن "هذه الممارسات لا تعد فقط خرقًا لأخلاقيات العمل الإعلامي والسياسي، بل تمثل تهديداً مباشراً للاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد". هذه الجملة تكشف أن الخطر لا يقف عند حدود تشويه صورة بعض المرشحين، بل يمتد إلى تقويض ثقة الجمهور بالنظام الانتخابي برمته، وهو ما يفتح الباب أمام استقطاب أوسع قد يتحول إلى أزمة ثقة بين المواطن والمؤسسات. وهنا يربط مختصون بين هذا الخطر وبين هشاشة التجربة الديمقراطية العراقية التي لم تستطع أن تضع حتى الآن آليات فعالة للحد من الفوضى الرقمية أو فرض قواعد صارمة على الحملات الإعلامية.
ويضيف الأسعد أن "هذه التسريبات، والتي غالباً ما تكون مدفوعة الأهداف وموجهة بدقة، تؤدي إلى تشويه صورة مرشحين، أو زرع الفتنة بين مكونات المجتمع، أو تقويض ثقة المواطن بالمؤسسات الانتخابية". هذا التحليل يسلط الضوء على البعد الأخطر للظاهرة، فالتسريبات هنا ليست مجرد مادة انتخابية عابرة بل أداة لإعادة تشكيل الخريطة السياسية عبر بث الشكوك بين المكونات.
الأسعد شدد كذلك على أن "من الخطير أن تتحول بعض المنصات الإعلامية أو حسابات التواصل الاجتماعي إلى أدوات لترويج هذه الأكاذيب، خاصة في غياب الرقابة القانونية الرادعة أو التحقق المهني الجاد"، مؤكداً أن "التسريبات الملفقة، حتى وإن كشفت حقيقتها لاحقاً، تكون قد أدت دورها التخريبي وأثرت في الرأي العام بشكل لا يمكن التراجع عنه بسهولة". هذه النقطة تتقاطع مع ما طرحه الصحفي عثمان المختار الذي أوضح في تدوينة على منصة "أكس" أن "في العراق نعاني من أُمية كبيرة بين الصحفيين والإعلاميين في هذا المجال المتعلق بالذكاء الاصطناعي وتوليد المحتوى المسموع والمرئي". هذه الأمية الرقمية، بحسب محللين، هي ما يفسر قدرة التسجيلات المزيفة على الانتشار من دون فحص مهني جاد أو أدوات تقنية كافية، رغم أن برامج متاحة مثل Deepware Scanner وWeVerify قادرة على كشف التلاعب الصوتي بسهولة نسبية.
المختار بيّن أيضاً أن "التسجيلات المفبركة تحوي غالباً سكتات ثابتة بين كلمة وأخرى أو جملة وأخرى، ولا يظهر فيها بلع ريق المتحدث أو تغيّر طبيعي في النبرة"، مضيفاً أن "التون الصوتي يكون ثابتاً، وغالباً ما يرافق التسجيل صدى أو تشويش مقصود لإخفاء الأخطاء". هذه التفاصيل الفنية تمثل، وفق مختصين في الإعلام الرقمي، دليلاً على أن التزييف لم يعد مجرد شبهة، بل ممارسة منظمة تجد في الفوضى السياسية والإعلامية تربة خصبة للانتشار.
من خلال متابعة ما طرحه حسين الأسعد من تحذيرات، وما كشفه عثمان المختار من مؤشرات تقنية، يتضح أن العراق يواجه مع اقتراب الانتخابات تحدياً مزدوجاً: تسريبات ملفقة تهدد نزاهة العملية السياسية من جهة، وأمية رقمية تحول دون مواجهتها بصرامة من جهة أخرى. تسريب المستشار الحكومي وما رافقه من تهديدات شخصية يكشف أن الأزمة لم تعد مجرد قضية تضليل إعلامي، بل صارت أداة ابتزاز وانحدار سياسي واجتماعي يضرب أساس الثقة بالمؤسسات.
الخطر الأكبر أن هذه الظاهرة، حتى وإن كُشف زيفها لاحقاً، تكون قد أحدثت أثرها التخريبي في الرأي العام، وأضعفت ثقة المواطن بالمؤسسات الانتخابية، وهو ما قد ينعكس على نسب المشاركة وعلى صورة الدولة أمام المجتمع الدولي. وعليه، فإن ضبط هذه الظاهرة يتطلب جهداً مركباً: تفعيل أدوات قانونية رادعة، رفع كفاءة الصحفيين في مواجهة المحتوى المفبرك، ومحاسبة الجهات التي تستخدم التسريبات كسلاح انتخابي. من دون ذلك، ستبقى العملية الديمقراطية العراقية عالقة في دائرة من التضليل الرقمي والابتزاز السياسي، وهو ما يحذر منه الباحثون والمحللون بوصفه تهديداً مباشراً للاستقرار السياسي والاجتماعي في المرحلة المقبلة.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
بغداد اليوم- متابعة أعلنت وزارة الصحة اليمنية، اليوم الأربعاء، (10 أيلول 2025)، عن ضحايا القصف الإسرائيلي على العاصمة صنعاء اليوم. وأفادت الصحة اليمنية، باستشهاد 7 أشخاص في صنعاء ونحو 100 جريح في حصيلة أولية" للقصف. وكان الجيش الإسرائيلي، قد شن