سياسة / اقتصاد / ملفات خاصة اليوم, 18:20 | --

الأخضر واليابس للأحزاب


تعرف على الأسباب الحقيقية للصراع المالي بين أربيل والمركز وأثره على "المواطن الضحية"

بغداد اليوم – أربيل
تستمر أزمة رواتب موظفي إقليم كردستان في كشف المفارقة الأعمق: المواطن الكردي وحده يتحمل عبء الخلافات، بينما تبقى امتيازات الطبقة السياسية في بغداد وأربيل بمنأى عن أي تأثير. عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني شيرزاد حسين قال في حديثه لـ"بغداد اليوم" إن على الحكومة الاتحادية أن "تُبدي المرونة في ملف رواتب موظفي الإقليم، وألا تتزمت بشروط غير منطقية". هذه العبارة تكشف أن الخلاف لم يعد محصوراً بالرواتب نفسها، بل امتد إلى طبيعة الإيرادات ومن يتحكم بها.

حسين أوضح أن "حكومة الإقليم لبت جميع المطالب والشروط، ولكن هناك طلبات غير منطقية تطلبها الحكومة الاتحادية، تضر بكردستان من جميع النواحي". ومن أبرز هذه الطلبات، بحسبه، الإصرار على تسليم 50% من الإيرادات المحلية والاتحادية. هذا الشرط يثير جدلاً متكرراً؛ فالإقليم يرد بالقول إن بغداد تطالبه بشفافية كاملة، بينما الإيرادات غير النفطية داخل العراق – من منافذ وجمارك وضرائب – وفقا لمراقبين، موزعة عملياً بين أحزاب وفصائل نافذة، ولا تدخل كلها إلى الخزينة العامة. مختصون يصفون ذلك بـ"ازدواجية المعايير" التي تجعل الإقليم يشعر أنه يُحاسب بقواعد لا تُطبق على المركز.

الأرقام الرسمية تدعم هذا الجدل. ففي عام 2024 بلغت إيرادات العراق الكلية نحو 135.3 ترليون دينار، منها أكثر من 119 ترليون دينار من النفط، مقابل 16.29 ترليون فقط من الإيرادات غير النفطية، أي ما نسبته أقل من 13% من الإجمالي. هذه النسبة الضئيلة، وفق تقارير صندوق النقد الدولي، تعكس حالة ركود تاريخية في الإيرادات غير النفطية، وتجعل الموازنة العامة رهينة لتقلبات أسعار النفط. حتى أن العراق احتاج إلى سعر يقارب 84 دولاراً للبرميل لتحقيق التعادل المالي، وهو مؤشر على هشاشة الاعتماد الكلي على النفط.

حسين شدد على أن "الإصرار على تسليم 50% من جميع الإيرادات الاتحادية والمحلية فيه ضرر كبير على حكومة الإقليم"، معتبراً أن هذا الشرط يتجاهل التزاماتها الخدمية والإدارية. وهنا يطرح الإقليم حجته الأكثر حساسية: إذا كانت بغداد نفسها لم تنجح في إدخال جميع إيرادات المنافذ والضرائب إلى الخزينة بسبب سيطرة القوى النافذة عليها، فلماذا يُطلب من أربيل أن تسلم إيراداتها كاملة وبلا استثناء؟ محللون يؤكدون أن هذه الحجة، وإن كانت تحمل بعداً سياسياً، إلا أنها تجد ما يعززها في تقارير رقابية تشير إلى تسرب مليارات الدنانير من المنافذ الاتحادية سنوياً خارج دورة الموازنة.

المعادلة التي وصفها حسين بقوله "عمل الحكومة لا يختصر على صرف الرواتب فقط" تفتح نقاشاً أوسع حول دور الدولة في الاقتصاد. فالمواطن الكردي ينتظر الراتب كحد أدنى من حقوقه، لكنه يكتشف أن هذا الحق البسيط صار ورقة تفاوضية بين بغداد وأربيل. في المقابل، يمتلك العراق موارد ضخمة غير نفطية كان يمكن أن تخفف من الاعتماد الأحادي: فإجمالي ما جُبي خلال خمسة أشهر من 2024 وصل إلى 4.22 ترليون دينار، ومع ذلك لم تظهر هذه الأموال في تحسين حياة المحافظات أو في معالجة الأزمات الخدمية.

هنا سؤال حاد يطرح نفسه: إذا كانت الإيرادات غير النفطية – من جمارك ومنافذ وضرائب – موزعة بين الأحزاب ولا تدخل كاملة إلى خزينة الدولة، وإذا كانت الإيرادات النفطية تشكل أكثر من 90% من دخل العراق، فما الذي يتبقى للمواطن غير أن يدفع ثمن هذا الخلل؟ الموظف الكردي، كما العراقي عموماً، يظل الحلقة الأضعف في معادلة "الأخضر واليابس للأحزاب" حيث لا يخسر فيها الطرفان الحكوميان شيئاً، بينما الرواتب تتأخر أو تُستقطع، والخدمات لا تتحسن، والموارد تتبدد في محاصصات لا علاقة لها بحاجات الناس.

المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

أهم الاخبار

كردستان تفتح أبوابها لأساطيل العالم.. أكثر من 114 مركبة تعبر المنافذ حتى آب

بغداد اليوم – أربيل أعلنت المديرية العامة للتجارة في وزارة التجارة والصناعة بإقليم كردستان، اليوم الاثنين (8 ايلول 2025)، حجم المركبات المستوردة عبر المنافذ الحدودية حتى نهاية شهر آب/أغسطس 2025. وقال مدير المديرية، نوزاد الشيخ كامل، في تصريح للإعلام

اليوم, 21:33