بغداد اليوم - بغداد
في ذروة التنافس الانتخابي، حيث تتسابق القوى السياسية لترتيب صفوفها قبل انتخابات تشرين الثاني 2025، أصدرت المفوضية العليا للانتخابات قرارًا باستبعاد المئات من المرشحين، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا بين من يراها أداة إقصاء سياسي ومن يعدّها تطبيقًا صارمًا للقانون. هذا القرار فتح الباب أمام تساؤلات عن مستقبل العملية الانتخابية وحدود النزاهة فيها، في بلد ما زالت ذاكرته مثقلة بتجارب الإقصاء والجدل حول عدالة المنافسة.
النائب عارف الحمامي، وفي حديثه لـ"بغداد اليوم"، وصف، اليوم الثلاثاء (26 آب 2025)، الإجراء بأنه "فلترة قانونية" تحظى بدعم كامل، موضحًا أن "إجراءات المفوضية في استبعاد المئات من المرشحين لم تأتِ من فراغ، بل جاءت تطبيقاً للقانون بحق من لديهم قيود جنائية أو المشمولين بإجراءات المساءلة والعدالة".
هذا التوصيف يضع القرار في خانة الإجراءات الوقائية التي تهدف ـ وفق منظور الحمامي ـ إلى حماية العملية الديمقراطية من الاختراق، فيما يرى مراقبون أن اللغة القانونية التي اعتمدها النائب تعكس محاولة لتثبيت صورة المفوضية كجهة محايدة، رغم أن قراراتها كثيرًا ما تُقرأ في الشارع على أنها جزء من لعبة سياسية أوسع.
أضاف الحمامي أن "جميع الأنظمة الديمقراطية في العالم تعتمد لجاناً مركزية لتدقيق ملفات المرشحين وتطبيق القوانين التي تمنع من يواجه قيوداً جنائية أو تهماً من المشاركة"، مؤكدًا أن "عمليات الاستبعاد غير مسيّسة وتتم وفق السياقات القانونية والتعليمات النافذة".
إلا أن خبراء انتخابيين يذكّرون بأن التجربة العراقية منذ 2003 حملت في طياتها الكثير من الاستبعادات المثيرة للجدل، لا سيما عبر بوابة "المساءلة والعدالة"، التي تحولت من أداة عدالة انتقالية إلى أداة نزاع سياسي دائم. لذلك فإن استدعاء المقارنات مع التجارب الديمقراطية الأخرى لا يلغي خصوصية الحالة العراقية، حيث يمتزج القانون بالسياسة بشكل لا ينفصم.
وتابع الحمامي: "من يشعر بالغبن من إجراءات المفوضية بإمكانه تقديم الطعون لدى اللجان القضائية المختصة"، مضيفًا أن "تطبيق القانون يمثل الركيزة الأساسية لحماية العملية الديمقراطية في البلاد وتعزيز النظام الانتخابي، وما قامت به المفوضية يعد إجراءً سليماً وقانونياً".
غير أن محللين يرون أن الطعون، وإن كانت جزءًا من الإطار القانوني، كثيرًا ما تتحول إلى ساحة مساومات وضغوط سياسية، ما يجعلها وسيلة اختبار حقيقية لمتانة النظام الانتخابي. ومع اقتراب موعد الاستحقاق، فإن قدرة المفوضية على الحفاظ على توازنها بين النصوص القانونية والضغوط الحزبية ستحدد شكل الانتخابات المقبلة، وما إذا كانت ستكرّس ثقة الناخب أو تزيد من فجوة الشكوك المحيطة بها.
بين خطاب الحمامي الذي يصف الاستبعاد بـ"الفلترة القانونية"، وبين أصوات معارضة ترى فيه إقصاءً مقنّعًا، تبقى الحقيقة أن الانتخابات العراقية تعيش دائمًا على حافة القانون والسياسة معًا. فالقرار الأخير، وإن كان يستند إلى نصوص وتشريعات، سيظل خاضعًا لمعيار أهم: قدرة الناخب على الإيمان بأن صندوق الاقتراع لم يُفرغ من محتواه قبل أن يُفتح.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
بغداد اليوم - بغداد نشرت وكالة "بغداد اليوم" ، اليوم الثلاثاء (26 آب 2025)، أسماء السفراء الذين صوّت عليهم مجلس النواب خلال جلسته المنعقدة اليوم. ادناه نص الوثائق..