"الكتاب الورقي" الأصل الذي لا يندثر في زمن التكنولوجيا

بغداد اليوم - النجف
رغم التطور التكنولوجي الهائل الذي غيّر ملامح الحياة ورغم الانتشار المتزايد للكتب الإلكترونية عبر الحواسيب والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية يبقى السؤال مطروحاً: هل ما زال الكتاب الورقي يحتفظ بمكانته؟

في النجف الأشرف حيث يعد سوق الحويش للكتب من أعرق الأماكن الثقافية في العراق ما تزال رفوف المكتبات تصطف بعناوين قديمة وحديثة لتروي قصة الكتاب الورقي الذي صمد أمام ثورة التكنولوجيا.

وقال علي جبرين صاحب مكتبة في سوق الحويش في النجف في حديثه لـ "بغداد اليوم" إن "الكتاب الإلكتروني له جمهوره بالتأكيد لكنه لم ولن يكون بديلاً كاملاً عن الكتاب الورقي ما يدفع الناس إلى النسخة الإلكترونية هو سهولة الحصول عليها وانخفاض تكلفتها لكن الكتاب الورقي يبقى هو الأصل وهو يحمل قيمة معرفية وروحية لا يمكن أن يوفرها أي جهاز إلكتروني".

ويضيف جبرين "أن الكتب الإلكترونية رغم ميزاتها لها أضرار صحية لا يمكن إغفالها مثل إجهاد العين والصداع الناتج عن طول التحديق في الشاشات وضعف التركيز على المدى الطويل، مؤكداً ان الورق لا يرهق البصر ويمكن للقارئ أن يتفاعل مع الكتاب عبر التدوين على الهوامش ورسم الخطوط تحت العبارات المهمة وهذا ما يضفي علاقة خاصة بين القارئ والكتاب الورقي".

أما من الناحية الأكاديمية، فيؤكد عدد من طلبة الدراسات العليا في النجف أن الكتاب الورقي ما يزال المرجع الأكثر اعتماداً في بحوثهم ورسائلهم العلمية لأنه يضمن مصداقية المصادر ويوفر فرصة الرجوع إلى الطبعات الأصلية ويرون أن الاعتماد على النسخ الإلكترونية قد يعرض الباحث إلى مشكلات تتعلق بالتحريف أو نقص المعلومات.

واما في الحوزة العلمية، يبدو الحضور الورقي أعمق وأكثر رسوخاً حيث يشير بعض طلبة العلوم الدينية إلى أن طبيعة الدراسة الحوزوية تقوم أساساً على قراءة النصوص الأصلية وشرحها ومقارنتها وهو ما يتطلب التفاعل المباشر مع الكتاب الورقي ويعتبرون أن النسخة الإلكترونية رغم سهولة الوصول إليها لا تمنح الطالب الروح نفسها ولا توفر الأجواء التي اعتاد عليها طلبة الحوزة منذ مئات السنين.

وبينما يرى البعض أن المستقبل للكتب الرقمية باعتبارها أخف وزناً وأكثر سرعة في التداول تبقى قناعة شريحة واسعة من المثقفين والباحثين والطلبة أن الكتاب الورقي لن يندثر بل سيظل صامداً كذاكرة إنسانية ووعاء ثقافي لا يمكن الاستغناء عنه فالكتاب الورقي ليس مجرد صفحات مطبوعة بل هو تاريخ وثقافة وعبق يربط الحاضر بالماضي، في وقت تحاول فيه التكنولوجيا فرض سطوتها على كل تفاصيل حياتنا.