اقتصاد / ملفات خاصة اليوم, 16:08 | --


غاز العراق إلى إيران.. مفارقة آخر الحلول "غير المنطقية" في أزمة الكهرباء

بغداد اليوم - بغداد

في مفارقة لافتة تعكس عمق التحديات التي تواجهها إيران في ملف الطاقة، كشف الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي عن اتفاق جديد يقضي بنقل 100 مليون قدم مكعب يوميًا من الغاز المصاحب من آبار النفط العراقية في ميسان إلى الأراضي الإيرانية لمعالجته وإعادته مجددًا إلى العراق لاستخدامه في محطات توليد الكهرباء. ويأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه احتجاجات داخل إيران بسبب نقص الكهرباء الناتج عن شحّ الغاز، في مشهد يكشف تآكل القدرة الصناعية الإيرانية على إدارة ثروتها الغازية رغم كونها ثاني أكبر دولة في العالم من حيث حرق الغاز المصاحب بعد روسيا.

وتُصدّر إيران جزءًا من الغاز العراقي لمعالجته في أراضيها، رغم أنها لا تزال عاجزة عن تجميع كميات ضخمة من الغاز المصاحب في حقولها النفطية، وتحرق منها سنويًا ما يزيد عن 20 مليار متر مكعب، بحسب تقرير البنك الدولي لعام 2023. وتُظهر هذه الصفقة بوضوح التناقض في المنظومة الإيرانية: دولة تملك أحد أضخم حقول الغاز في العالم (بارس الجنوبي)، لكنها تستورد الغاز من جارٍ يعاني هو الآخر من عجز مزمن في إنتاج الطاقة.

ووفق تحليل المرسومي، الذي نشره بصفحته على "فيسبوك" وتابعته "بغداد اليوم"، فإن إيران تعتمد في إنتاجها للغاز الطبيعي على النوع "الحر" المستخرج بشكل أساسي من حقل بارس الجنوبي، لكنها تقف عاجزة أمام استثمار الغاز المصاحب الذي يُفترض أن يكون موردًا إضافيًا لتغذية الشبكة المحلية وتوفير الكهرباء. على مدى عقدين، فشلت طهران في تطوير البنية التحتية اللازمة لجمع هذا الغاز أو معالجته، ما أدى إلى تصاعد عمليات الحرق في حقول النفط، متسببة بخسائر اقتصادية وبيئية هائلة.

وتزامن الإعلان عن الصفقة الجديدة مع تصاعد الاحتجاجات في عدد من المدن الإيرانية بسبب أزمة انقطاع الكهرباء، التي تعود بشكل أساسي إلى النقص في إمدادات الغاز المخصص لمحطات التوليد. وفي ظل هذا الواقع المتأزم، تبدو المفارقة أكثر حدّة: إيران تحرق غازها في الحقول، وتستورد الغاز من العراق لمعالجته، بينما شعبها يعاني من الظلام والانقطاعات، وتضطر الحكومة إلى تحميل المواطنين مسؤولية الاستهلاك المرتفع.

ويرى مراقبون أن لجوء إيران إلى العراق ليس فقط تعبيرًا عن عجزها، بل محاولة للالتفاف على أزماتها الداخلية عبر استثمار الغاز العراقي لصالح شبكتها الصناعية، أو ربما لإعادة تصديره ضمن شبكة الغاز الإقليمي غير المعلنة. ويخشى مختصون أن يؤدي هذا النمط من التعاقدات إلى مزيد من استنزاف المورد العراقي، دون تحقيق جدوى حقيقية إذا لم تُرفق بآليات رقابة صارمة تضمن إعادة الغاز وفق شروط توازن المصالح.

وتحتل إيران المرتبة الثانية عالميًا بعد روسيا في حرق الغاز المصاحب، بحسب تقارير البنك الدولي، وهو ما يعكس حجم الإهمال في تطوير شبكة تجميع الغاز والبنى التحتية ذات الصلة. وتعود أسباب هذا التدهور إلى نقص الاستثمار في البنية الأساسية للغاز، فضلًا عن تأثير العقوبات الغربية التي أضعفت قدرة إيران على استيراد معدات وتقنيات حديثة في هذا المجال.

في المقابل، يبقى العراق أيضًا ضحية لهدر الغاز المصاحب، حيث يحرق سنويًا قرابة 17 مليار متر مكعب، ما يعني أن الاتفاق مع إيران قد لا يكون سوى إعادة تدوير لفشل مشترك، يُراد له أن يظهر بمظهر التعاون، بينما يغيب الحل الاستراتيجي الحقيقي.

وفي سياق متصل، تأتي هذه الصفقة في وقت حسّاس يتمثل بإيقاف الولايات المتحدة للاستثناءات الممنوحة للعراق بشأن تسديد مستحقات الغاز والكهرباء المستوردة من إيران، ضمن إطار العقوبات المفروضة على طهران. هذا الإيقاف يزيد من تعقيد المشهد، ويدفع بغداد للبحث عن حلول بديلة تضمن استمرار تدفق الغاز دون خرق مباشر للعقوبات، ما يفسّر – بحسب بعض المختصين – التوجّه نحو سيناريو "نقل الغاز الخام لمعالجته ثم استرجاعه" كطريقة للتملّص من القيود المالية المباشرة.

المصدر: وكالات

أهم الاخبار

الخدمة الاتحادي.. من وكالة إلى تثبيت رسمي تحت قبة البرلمان: التصويت تم والجلسة رفعت - عاجل

بغداد اليوم – بغداد أنهى مجلس النواب جلسته الاعتيادية التي عُقدت اليوم الثلاثاء (5 آب 2025)، بعد التصويت على تثبيت رئيس وأعضاء مجلس الخدمة الاتحادي بشكل رسمي، وذلك بعد شغلهم للمناصب بالوكالة خلال الفترة الماضية. وقالت النائب زهرة البجاري، في تصريح

اليوم, 18:00