بغداد اليوم - متابعة
بعد 40 سنة من القتال ضدّ الدولة التركية، أعلن حزب “العمّال الكردستاني” أو (pkk) في 12 أيّار/ مايو 2025، عن “حلّ تنظيمات الحزب وإنهاء الكفاح المسلّح”، وبدء مرحلة جديدة عمادها العمل السياسي والقانوني والدستوري داخل تركيا، التزاماً بدعوة “السلام والمجتمع الديمقراطي”، التي أطلقها زعيمه المعتقل عبد الله اوجلان، وهي عمليّة السلام الرابعة خلال الخمسين عاماً الأخيرة من الصراع الكردي التركي.
أوجلان (76 عاماً) الذي يقضي حكماً مؤبّداً في سجن انفرادي في جزيرة معزولة في تركيا منذ العام 1999، دعا الحزب في 27 شباط/ فبراير 2025، في رسالة مكتوبة حملها نواب من “حزب المساواة وديمقراطية الشعوب” الكردي (ثالث أكبر حزب ممثّل في البرلمان التركي) بعد أشهر من التفاوض غير المعلن مع قادة أتراك، إلى حلّ نفسه والاندماج مع الدولة والمجتمع”، كما دعا “جميع مجموعاته إلى التخلّي عن السلاح”.
قرار حزب “العمّال/ pkk” الذي رحّبت به القيادات التركية والعراقية، كما العديد من دول العالم، جاء خلال عقد مؤتمره الطارئ الثاني عشر، بين 5 -7 أيّار/ مايو 2025، الذي نُظّم بمشاركة 232 مندوباً في منطقتين منفصلتين (قنديل/ السليمانية ودهوك) بشكل متزامن، وبنحو سرّي لم يعلم به حتى مقرّبون من قيادة حزب “العمّال” خوفاً من هجمات تركية محتملة.
أحدث ذلك القرار، حراكاً سياسياً واسعاً في تركيا، بدأ يتبلور بتشكيل لجنة داخل البرلمان التركي، ستتولّى “إدارة عمليّة السلام وتحديد خطواتها”، في وقت تستعدّ مجموعة تضمّ بضع عشرات من المقاتلين الكرد لإلقاء أسلحتها وتدميرها، بكسرها أو حرقها، داخل إقليم كردستان، كبادرة حسن نيّة وفي خطوة رمزية لإنهاء العنف، وفق ما كشفه مسؤولون في حزب “العمّال الكردستاني”.
التقى أيضاً وفد من حزب “المساواة وديمقراطية الشعوب الكردي”، مؤلّف من النائبين بروين بولدان ومدحت سانجار، في ٦ تمّوز/ يوليو، زعيم حزب “العمّال الكردستاني” في سجنه في إيمرالي، لبحث خطوات عمليّة السلام، وفي اليوم التالي التقى الوفد بالرئيس التركي في حضور ابراهيم كالن رئيس الاستخبارات.
وأعلنت “منظومة المجتمع الكردستاني” أو (KCK) أنه كـ”بادرة حسن نيّة”، ستقوم مجموعة من المقاتلين (يتوقّع أن تكون بين 20 و 30 مقاتلاً) بتسليم أسلحتها يوم الجمعة 11 تمّوز/ يوليو، في منطقة رابرين التابعة للسليمانية.
تزامن ذلك مع رسالة جديدة مصوّرة لزعيم حزب “العمّال الكردستاني” عبد الله أوجلان، أعلن فيها أن “الكفاح المسلّح ضدّ الدولة التركية انتهى”، واعتماد “السياسة الديموقراطية” كـ”تكتيك أساسي، يجب أن يُصان بقانون شامل”، مؤكّداً أن “هذه التطوّرات هي نتائج لقاءات في إيمرالي”.
أجواء مؤتمر الحلّ
وفق المعلومات والصور التي نشرها حزب “العمّال الكردستاني”، حضر كلّ القادة الكبار، مؤتمر الحزب، بمن فيهم أعضاء اللجنتين التنفيذية والمركزية، وظهرت صور القيادات السياسية بمن فيهم القيادي المؤسّس جميل بايك والكوادر المشاركة في المؤتمر بملابس حزب “العمّال” التقليدية، فيما أظهرت صور أخرى قيادات عسكرية بارزة وعلى رأسهم مراد قريلان بملابس الحزب، لكن بألوان وخطوط عسكرية مرقّطة.
الصور التي نشرها الحزب، وكلمات ومداخلات كبار القادة السياسيين والعسكريين، عكست تشاركاً في اتّخاذ القرارات، وتوحّداً أو توافقاً في الرؤى والمواقف بقبول الانخراط في عمليّة سلام جديدة، بمتطلّبات والتزامات تصل إلى حدّ “حل تنظيمات الحزب وإلقاء السلاح”، دون الإشارة إلى تسليمه، كما جاء في البيان الختامي للحزب.
فيما لم تعكس الصور المنشورة مؤشّرات فرح أو شعور بالرضا، إذ بدا جميل بايك الرئيس المشترك لـ”منظومة المجتمع الكردستاني/ KCK”، وهو أحد مؤسّسي الحزب، بملامح واجمة بعثت إشارات قلق وعدم ارتياح، تجلّت أيضاً في كلمته القصيرة التي أيّدت التحوّل الذي سيجريه الحزب “لأن أوجلان طلب ذلك”، قائلاً: “قررنا في هذا المؤتمر حلّ حزب العمّال الكردستاني، وإنهاء الكفاح المسلّح، باعتباري أحد مؤسّسي الحركة، أنا متحمّس لهذا الأمر، لأنني أفهم القائد أوجلان جيّداً، كلّ خطوة قام بها من أجلنا، من أجل شعبنا وحركتنا، توجّت بالنصر، ولذلك هناك إيمان كبير داخل الحركة وبين الشعب، بما يراه أوجلان”.
عدم قناعة العديد من قادة “العمّال الكردستاني” بخطوة حلّ الحزب، التي طالب بها أوجلان – وإن قاموا بإعلانها- ليست مسألة خفيّة، وهي مرتبطة بعدم اتّخاذ تركيا حتى لحظة انطلاق المؤتمر، أية خطوات سياسية أو قانونية أو أمنية- عسكرية لتلبية متطلّبات أو مطالب الكرد لتحقيق السلام.
وكان التحفّظ قد جاء على لسان مراد قريلان، بعد رسالة أوجلان الأولى بأيّام، إذ كرّر عدّة مرّات أن مقاتلي “العمّال الكردستاني” ليسوا مقاتلين نظاميين مجنّدين يلتزمون بقرارات إداراتهم العليا، هم فدائيون أصحاب مبدأ، ويتطلّب اتّخاذ أي موقف إقناعهم به، وذلك يمرّ عبر ما سيقدّمه النظام التركي من خطوات وضمانات، وأولّها منح الحرّية لأوجلان للعمل والتواصل.
وتتركّز المطالب الكردية الأساسية، لبدء عمليّة “سلام حقيقية ناجحة”، كما يقول نواب حزب “المساواة الكردي” وقادة حزب “العمّال”، في إطلاق آلاف السجناء السياسيين الكرد، وتخفيف القيود على زعيم الحزب عبد الله أوجلان المعتقل، بما يمكّنه من إجراء لقاءات واتّخاذ مواقف، بعيداً عن أي ضغوط من السلطة التركية، إلى جانب اتّخاذ خطوات قانونية كتغيير قانون الإرهاب وتعديل الدستور.
خطابات المؤتمر… نهاية أم بداية جديدة؟
بعد التطوّرات الأخيرة، بدأت المنصّات الاعلامية التابعة لحزب “العمّال الكردستاني”، تردّد أن نضال الحزب طوال خمسة عقود “أنهى سياسات إنكار الوجود وأوصل القضيّة الكردية إلى مرحلة قابلة للحلّ عبر السياسة الديمقراطية، وأن الحزب بشكله السابق أكمل مهمّته التاريخية”، وتنتظره مهمّة أخرى تتطلّب فكراً ورؤى وأدوات مختلفة.
وتنقل تلك المنصّات تصريحات لقيادات في “العمّال”، تفيد بأن القرار الكبير بـ”حلّ البنية التنظيمية لـ PKK وإنهاء الكفاح المسلّح” جاء “بإرادتها وتصميمها”، مراعياً التطوّرات والوقائع الجديدة، بما فيها رغبة حزبي السلطة الحالية في تركيا وحاجتهما إلى إطلاق عمليّة سلام جديدة تشكّل انعطافة تاريخية، تحصّن تركيا داخلياً.
ذلك الخطاب يأتي متناغماً مع تقرير اللجنة التنفيذية لحزب “العمّال الكردستاني” المقدّم للمؤتمر، الذي جاء فيه إن حلّ الهيكل التنظيمي للحزب “لا يعني نهايةً مطلقة لحركة التحرير الثورية، بل على العكس، إنها بداية جديدة، تفتح لنفسها عهداً جديداً من أجل تطوير المجتمع الديمقراطي والحياة الحرّة”.
يقول دوران كالكان، وهو أحد مؤسّسي الحزب وعضو في لجنته التنفيذية، إن الحزب “شهد خلال مسيرته تحوّلات كبيرة عديدة، وفي الأعوام الأخيرة تمّ اعتماد “أطروحة المجتمع الديمقراطي”، حيث تخلّى الحزب عن أيديولوجية “الدولة القومية”، وعن “نموذج الحكومة والدولة”، وتحوّل إلى حزب جديد قائم على “نموذج المجتمع الإيكولوجي والديمقراطي وحرّية المرأة والمجتمع الديمقراطي والسياسة الديمقراطية”.
كالكان الذي استُهلّ مؤتمر “العمّال الكردستاني” الأخير بكلمة له، قال إن حلّ حزب “العمّال الكردستاني ليس النهاية، بل هو بداية جديدة. بلا شكّ، مؤتمرنا هذا مختلف عن المؤتمرات الأخرى، يمكن تشبيهه بالمؤتمر الافتتاحي”.
وأضاف متحدّثاً عّما ستمهّد له خطوتهم: “عند تأسيس الحزب كانت هناك إرادة عظيمة من أجل بداية جديدة، وهنا أيضاً إرادة كبيرة من أجل بداية جديدة على أساس الإنهاء التاريخي للبداية الأولى، ولكن هذا الإنهاء ليس النهاية”.
وتابع: “إن حزب العمّال منذ التأسيس وحتى الآن، عمل بشكل حازم من أجل فتح الطريق أمام مبادرات وتشكيلات جديدة، ونأمل أن يمهّد قرارنا الآن لمراحل أخرى، وأن تُتاح الفرص والإمكانات لاتّخاذ خطوات جديدة”.
اتّسمت كلمات باقي قيادات “العمّال الكردستاني”، وبشكل عامّ، بالتذكير بقدرة الحزب على قراءة المتغيّرات الإقليمية وخلق الفرص وإحداث التغييرات والخوض فيها، دون خوف حتى لو كانت تمثّل انعطافات كبرى.
وبغض النظر عن رؤى قيادات “العمّال الكردستاني” بشأن فرص الحلّ، ومدى قناعتهم بجدّية الحكومة التركية في توفير متطلّبات إنجاح عمليّة السلام الجديدة، فإن إعلان حلّ الحزب اتُّخذ ليظلّ التنفيذ معلّقاً على نوايا الجانبين، في ظلّ تغييرات إقليمية تجعل القرار أكبر من أن يكون محصوراً بقادة “العمّال”، بعيداً عن تأثير تحدّيات الداخل التركي والخارج الإقليمي، في ظلّ التنبيهات التي يطلقها كبار المسؤولين الأتراك بأن تهديدات مصيرية تواجه بلادهم، وأن عليهم توحيد الصفوف.
يأتي ذلك في وقت لا يكفّ قادة إسرائيل الدينيون اليمينيون، عن إعلان رغبتهم في تغيير خارطة الشرق الأوسط، مؤكّدين أن التغييرات التي يسعون إليها لن تقف عند إسقاط نظام الأسد في سوريا، وتدمير “حزب الله” اللبناني، وإنهاء الدور الإيراني في المنطقة وتدمير قدراته، بل تسعى إلى إحداث تغيّرات جذرية قد تطال في النهاية تركيا العضو في الناتو، بسبب سياسة أنقرة بلعب أدوار خارج حدودها وسعيها لقيادة العالم الإسلامي.
أسئلة جوهرية تنتظر إجابات!
رحّبت حكومة حزب “العدالة والتنمية” بزعامة رجب طيب أردوغان، مع شريكتها في الحكم “الحركة القومية” بزعامة دولت بهتشلي بإعلان “العمّال الكردستاني”، وعدّته نهاية لـ”حقبة الإرهاب”، ووصف أردوغان “القرار بالمهمّ” الذي سيعزّز “أمن البلاد وسلام المنطقة والأخوّة الأبدية لأبناء الجمهورية التركية”، وقال: “مع خروج الإرهاب والعنف من المعادلة، ستُفتح أبواب مرحلة جديدة في كلّ المجالات، في مقدمتها تعزيز القدرات الديمقراطية للعمل السياسي”، بينما عدّ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الخطوة بأنها تمثّل “مرحلة تاريخية ومشجّعة”.
وذكر قادة ونواب أتراك أنهم سيبدأون بخطوات عملية لتحقيق السلام، أوّلها تشكيل لجنة برلمانية تضمّ القوى الرئيسية، وظيفتها تهيئة المتطلّبات القانونية والدستورية لتحقيق السلام. والتقى رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش بممثّلي الأحزاب السياسية، ودعاهم لتقديم مقترحات مكتوبة بشأن اللجنة التي ستتولّى “بناء الأرضية القانونية لخطوات عمليّة السلام”.
لكنّ الترحيب التركي لم يبدّد مخاوف الجانبين الكردي والتركي بشأن فرص السلام الحقيقية، نتيجة التشكيك في توفر متطلّباته الأساسية، وفرص تطبيق قرار حلّ pkk وتأثيراته الداخلية والإقليمية، فهل يشمل الحلّ كلّ أجنحة الحزب خارج الحدود التركية في العراق وسوريا وإيران، خاصّة في ظلّ سنوات طويلة من زرع أيديولوجيته القومية لدى شرائح كردية غير صغيرة؟
فكيف ستستجيب القوى المحسوبة على “العمّال”، التي تحمل عناوين وأسماء مختلفة، مثل حزب “الحياة الحرّة” في إيران، و”وحدات حماية الشعب” في سوريا التي تُعدّ جزءاً من “قوّات سوريا الديمقراطية” التي تقود مناطق شمال شرق سوريا، والتي تدعو إلى اللا مركزية أو الفيدرالية، و”وحدات مقاومة سنجار”، والجماعات المسلّحة الأخرى الموجودة داخل الأراضي العراقية؟
ورغم إعلان الحزب حلّ نفسه رسمياً، ما زال مصير أعضائه وهم بالآلاف غير واضح، فالمجتمع التركي الذي غُذيَ طوال عقود بالفكر اليميني القومي المتطرّف، بما فيه أن عناصر حزب “العمّال” هم “إرهابيون انفصاليون لا يستحقّون غير الموت”، لا يمكن أن يتقبّل بسهولة إصدار عفو عامّ عنهم، فيما ليس من السهل اعتماد خيار الرحيل إلى بلدان أخرى، في وقت تشير تقديرات صحافية إلى أن الحزب يضمّ نحو 60 ألف شخص ما بين مقاتل ومتعاون ومؤيّد.
كما أنه من غير الواضح هل معنى إنهاء العمل المسلّح، هو تسليم الحزب أسلحته؟ وكيف سيتمّ ذلك وأين؟ وهل سيعمل الحزب على إخلاء معقله الرئيسي في جبال قنديل، الذي بقي سدّاً منيعاً طيلة سنوات النزاع المسلّح؟ ومن سيقوم بسدّ الفراغ هناك، قوّات عراقية، أم تركية أم إيرانية؟
يقول باحثون كرد، إن المتغيّرات الإستراتيجية الإقليمية تتطلّب تحرّكاً بمسار مختلف من قبل “الدولة العميقة” في تركيا، التي يمثّلها فعلياً حزب “الحركة القومية” التركي بقيادة دولت بهتشلي، في مقابل تنازلات يقدّمها “العمّال الكردستاني”، تُفضي إلى حلّ النزاع المتولّد نتيجة التمييز القومي، وعدم المساواة بين مكوّنات تركيا المختلفة، وإن التحدّيات تفرض إعطاء “العمّال الكردستاني” الصبغة السياسية للعمل في تركيا (تحت مسمّى جديد) استباقاً للتحوّلات الإقليمية.
ترحيب عراقي ودولي
رحّبت الولايات المتّحدة الأمريكية، التي تصنّف حزب “العمّال” كمنظمة إرهابية منذ العام 1997، بإطلاق مبادرة السلام الجديدة، ووصفت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند، الخطوة بالإيجابية، وقالت إن إعلان وقف إطلاق النار يمكن أن يساعد في إنهاء “العنف المأساوي المستمرّ منذ أكثر من ثلاثة عقود في تركيا”، وإن “تحقيق الحلّ السلمي سيعزّز الديمقراطية، ويحسّن حياة جميع المواطنين الأتراك”.
ورحّب المستشار الألماني (السابق) أولاف شولتس بخطوة السلام الجديدة ، وقال إنها تمثّل “فرصة للتغلّب على الصراع العنيف، وتحقيق تطوّر سلمي دائم للقضيّة الكردية”، وإن هناك حاجة لاتّخاذ مزيد من الخطوات لإيجاد حلّ قابل للتطبيق، و”يتضمّن هذا احترام الحقوق الثقافية والديمقراطية وضمانها للكرد في تركيا”.
كما رحّب العراق بقرار “العمّال الكردستاني”، الذي يصنَّف كحزب محظور منذ العام 2024، وقالت الخارجية العراقية في بيان، إن قرار “الكردستاني” بحلّ نفسه ووقف الصراع المسلّح والتخلّي عن السلاح “خطوة إيجابية مهمّة تسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في العراق والمنطقة”، وإن هذا الإعلان “يمثّل فرصة حقيقية لدفع جهود السلام قُدماً وإنهاء النزاعات الممتدّة، التي ألقت بظلالها على شعوب المنطقة لعقود”.
وأكّدت الخارجية العراقية أن هذا التطوّر “يشكّل مدخلاً طبيعياً لإعادة النظر في الذرائع والمبرّرات، التي طالما استُخدمت لتبرير وجود قوّات أجنبية على الأراضي العراقية”.
ويأتي الترحيب العراقي، على أساس إنهاء المبرّرات التركية في احتلال أراضيه، بحجّة مواجهة إرهاب حزب “العمّال الكردستاني”، التي وصلت الى عمق 30 كلم على طول الحدود التركية العراقية.
وينتقد نشطاء عراقيون ضعف موقف حكومة بلادهم من التوغّلات التركية، وتغاضيها عن قيام أنقرة بإنشاء نحو 70 قاعدة عسكرية ومركز ونقطة مراقبة أمنية داخل أراضيه، مبيّنة أن على العراق مواجهة التوغّل التركي بحزم أكبر، من خلال الضغط بأوراقه الدبلوماسية إلى جانب الاقتصادية، وعلى رأسها التبادل التجاري الذي يقارب الـ 20 مليار دولار سنوياً.
فشل ثلاث مبادرات سابقة للسلام
قبل إعلان بدء مبادرة السلام الأخيرة بين أنقرة و”العمّال الكردستاني”، جرت ثلاث محاولات سابقة لحلّ القضية الكردية في تركيا سلمياً، كانت الأولى في العام 1993، والثانية قبل اعتقال أوجلان في العام 1999، بينما المبادرة الثالثة جرت في العام 2013، إلا أن جميعها باءت بالفشل، فهل تكتب للمحاولة الرابعة النجاح؟
يقول الناشط والكاتب السياسي المقرّب من “العمّال الكردستاني” محمد أرسلان، إن أوجلان يريد أن يبدأ مرحلة جديدة من “النضال الكردي” لاستحصال حقوقه، أساسها التحوّل من العمل المسلّح إلى العمل السياسي في ظلّ مجتمع ديمقراطي، مبيّناً أن ذلك يأتي كنتيجة موضوعية للتطوّرات المتلاحقة في تركيا، مستبعداً أن يكون التقارب بين الطرفين هو نتيجة مباشرة للمستجدّات في المنطقة، رغم عدم نفيه تأثير المتغيّرات الإقليمية والدولية على إطلاق هذه المبادرة ونتائجها.
وعن احتمالية فشل المحاولة الرابعة للسلام كما فشلت المحاولات السابقة، يشير أرسلان إلى أن المبادرة الرابعة تختلف عن سابقاتها، من جهة إشراك معظم الأحزاب السياسية داخل البرلمان التركي، بالإضافة إلى أطراف كردية في إقليم كردستان، مثل رئيس الحزب “الديمقراطي الكردستاني” مسعود بارزاني، ورئيس “الاتّحاد الوطني الكردستاني” بافل طالباني، وأكّدت هذه الجهات ضرورة حلّ القضيّة الكردية سلمياً في تركيا، واصفاً مشاركة تلك الأطراف بنوع من “الضمان” قد يُجبر الجميع على عدم التنصّل من مضمونها كما حدث سابقاً.
وكان “العمّال الكردستاني” خلال العقود الأربعة الأخيرة قد شارك في أربعة “مبادرة ومفاوضات سلام”. جرت الأولى في العام 1993 في زمن حكومة توركت أوزال، ولعب حينها الرئيس العراقي الأسبق جلال الطالباني دور الوسيط بين الطرفين، لكنّ المبادرة لم تكتمل بعد وفاة أوزال في ظروف غامضة، واتّهمت أوساط كردية “الدولة العميقة” بقتله لإنهاء عمليّة السلام، التي لم تكن في صالح جنرالات العسكر، والمحاولة الثانية في العام 1998 في زمن حكومة نجم الدين أربكان، وقام حينها “العمّال الكردستاني” بوقف القتال من جانب واحد، والثالثة في زمن حكومة رجب طيب أردوغان في العام 2013، وتقدّمت حينها المفاوضات بشكل جيّد، وجرى سحب مقاتلي “العمّال” من تركيا إلى شمال العراق قبل أن تنهار في العام 2015.
يؤكّد أرسلان، أن “العمّال الكردستاني” استجاب لنداء زعيمه الأخير، وأبدى من خلال إعلان حلّ الحزب حسن نيّته، وجاء الدور على الجانب التركي، بأن يُظهر مصداقيته من خلال تهيئة الأرضية القانونية التي تبدأ بسنّ البرلمان التركي القوانين اللازمة، لتحقيق متطلّبات السلام، وإنهاء الصراع المسلّح، والانتقال إلى العمل السياسي، إلى جانب الإفراج عن آلاف المعتقلين من أعضاء الحزب وفي مقدّمتهم أوجلان.
وينبّه: “من دون المضيّ في تنفيذ هذه الخطوات لن يتحقّق السلام، وسيبقى الجميع عالقين في الحرب، مع عدم قدرة تركيا القضاء على العمّال الكردستاني”.
ويعلّق أرسلان على تردّد “الكردستاني” في نزع سلاحه فعلياً، والاكتفاء بإعلان إنهاء عمله المسلّح إلى جانب القيام بخطوات رمزية لتدمير السلاح، بأن نزع السلاح بشكل كامل غير وارد في الفترة الحالية، مع غياب الثقة بين الكرد والدولة التركية، لا سيّما وأن الأخيرة لم تُطبّق أي خطوة على الأرض، متوقّعاً أن تستغرق مسألة تسليم السلاح فترة طويلة، وتتطلّب إجراءات معقّدة.
ويشير إلى أن الخطاب الإعلامي التركي في عمومه، ما زال كما هو ولم يتغيّر، وهو ما يعقّد الحلول، فهو يروّج لفكرة “انتصار النظام التركي على pkk، الذي استسلم بعدما بات ضعيفاً”، في إطار الاستثمار السياسي والانتخابي الذي يحتاجه الرئيس التركي.
ويرى مقرّبون من حزب “العمّال” أن موقف الحزب واضح من عدم تسليم سلاحه حالياً، خاصّة مع استمرار الهجمات التركية على مواقعه، وأن غالبية عناصر “العمّال” سيبقون مع أسلحتهم في أماكنهم في الجبال، ومنها قنديل، وعلى الحدود مع تركيا.
يقول أرسلان إن “نزع السلاح وتسليمه مرتبط بعدّة خطوات يجب أن تقوم بها تركيا، أبرزها السماح للكرد بمن فيهم مؤيّدو العمّال الكردستاني بالقيام بالأنشطة السياسية داخل تركيا، وعدم اعتقالهم على أساس خلفيّتهم السياسية وميولهم القومية”.
الوحدات المقاتلة الكردية السورية
يرى الكاتب الكردي السوري عبدالحليم سليمان، أن مبادرة السلام الجديدة بين النظام التركي وحزب “العمّال”، تأتي استكمالاً للمتغيّرات الاستراتيجية التي تمرّ بها المنطقة، والتي أعقبت هجوم “حماس” على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، التي شملت الحرب الإسرائيلية في لبنان، ومقتل زعيم “حزب الله” حسن نصر الله، وتدمير بنية الحزب التنظيمية والعسكرية، ثم إسقاط نظام الأسد في سوريا، وتدمير أذرع إيران في المنطقة.
ويؤكّد أن تلك المتغيّرات تنعكس على الخارطة الجيوسياسية السورية “إن لم يتمثّل ذلك بتغيير الحدود، فسيكون بتغيير خارطة النفوذ والقوى المهيمنة”.
ويقول: “أُخرجت المنطقة من سطوة الهيمنة الإيرانية، وأصبحت تحت النفوذ الغربي – الأميركي، والإسرائيلي تحديداً، وهنا تكون من مصلحة طرفيّ الصراع (العمّال وتركيا) أن يتصالحا بدلاً من أن يكونا ضحايا التغييرات الأخيرة”، مشيراً إلى أن تركيا تعلم حجم الكرد وثقلهم على أراضيها (يمثّلون نحو 20% من سكّان تركيا البالغ عددهم 85 مليون) وتعرف تأثير “العمّال الكردستاني” على مواقف الكرد هناك.
والتفاهم المحتمل بين الطرفين سينعكس إيجاباً على المناطق الكردية في سوريا، بحسب سليمان، حيث كان مصدر التهديد الأوّل للكرد في سوريا وإقليم الإدارة الذاتية هناك، يأتي من تركيا التي شنّت عمليّتين عسكريتين كبيرتين في السنوات الماضية ضدّ الكرد، وسيطرت على مناطق كردية (عفرين، ورأس العين وتل أبيض) ودفعت إلى تهجير مئات الآلاف من سكّانها، واستخدمت الفصائل السورية المسلّحة للتنكيل بمن بقي منهم.
كان الهدف التركي حينها ضرب الإدارة الكردية وإنهاء وجودها، بحجّة أنها تشكّل تهديداً لأمن تركيا، لأنها خاضعة لقرارات حزب “العمّال الكردستاني”، ولا تمثّل إرادة كرد سوريا.
يقول سليمان: “مع إعلان عمليّة السلام تراجع التهديد التركي إلى أدنى مستوياته، وهذا يعكس تأثير أي اتّفاق سلام تركي على واقع المناطق الكردية في سوريا”.
رغم ذلك يقول الكاتب الكردي، إن خطوات حزب “العمّال الكردستاني” المعلنة، بما فيها إلقاء السلاح، مسألة مرتبطة بمقاتلي قنديل وتفاهماتهم مع أنقرة، ولا علاقة لها بالقوّات الكردية في سوريا، موضحاً: “الكرد في سوريا لن يسلّموا أو يلقوا سلاحهم، وهم غير معنيّين بقرار العمّال… قوّات سوريا الديمقراطية تنظيم سوري، ولد من رحم الصراع السوري، وتشكّل لحماية المناطق الكردية داخل الحدود السورية، وعمل على مكافحة داعش، وأصبح جزءاً من التحالف الدولي”.
وكان عدد من كبار القادة الأتراك، قد طالبوا بأن لا ينحصر قرار إنهاء العمل المسلّح وإلقاء السلاح، بحزب “العمّال الكردستاني” فقط، بل يشمل “كلّ أجنحته المسلّحة، من ضمنها قسد وقوّات حماية الشعب الكردية في سوريا”.
يعلّق سليمان على ذلك: “وفق الاتّفاق الموقّع بين مظلوم عبدي قائد قسد والرئيس السوري أحمد الشرع، تلك القوّات ستصبح جزءاً من المنظومة الدفاعية للبلاد، لذا فإن مسألة تسليم السلاح كما تريده أنقرة مستحيلة حالياً، وفي حال حصولها مستقبلاً، فستكون من خلال شروط وضمانات رسمية تسمح للكرد بأن يكونوا جزءاً من الحراك السياسي، وجزءاً من الدولة السورية. قسد تريد وضعاً لها يشبه وضع البيشمركة داخل منظومة الدفاع العراقية”.
ويُبدي الكاتب السوري تفاؤله بحصول انعكاسات إيجابية على كرد سوريا عموماً، ووضعهم القانوني والأمني في حال إحلال السلام بين قنديل وأنقرة، خاصّة لِما للأخيرة من تأثير على الجولاني والفصائل السورية المسلّحة.
الرؤية التركية… انفتاح على أساس المواطنة
يرى محمد رقيب أوغلو أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ماردين أرتوقلو، أن الدولة التركية أظهرت في السنوات الماضية استعداداً متزايداً لاتّخاذ خطوات تجاه الاعتراف بالهوّية الكردية، من خلال اعتماد جملة من السياسات العامّة تمثّل إقراراً ببعض المطالب الكردية “فأنشأت مثلاً قناة تلفزيونية وإذاعية باللغة الكردية تحت مظلّة هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية (TRT) وأزالت التمييز المجتمعي ضدّ استخدام اللغة الكردية في المجال العامّ، ووسّعت الاستثمارات بالبنية التحتية في المناطق ذات الغالبية الكردية، بما فيها إنشاء مطارات وجامعات ومراكز خدمية، وهذا يمثّل تغيّر نوعي مقارنة بالعقود الماضية”.
يلفت الباحث التركي، إلى أنه ومنذ تأسيس الجمهورية، تُعدّ حكومة الرئيس أردوغان من أكثر الحكومات التي حاولت مقاربة المسألة الكردية من منظور الحقوق والمواطنة، وفي المرحلة المقبلة ومن خلال عمليّة السلام “قد يُفتح المجال أمام خطوات أوسع، مثل الاعتراف بحقّ التعليم باللغة الأم (الكردية) وربما الذهاب نحو الاعتذار الرسمي عن بعض السياسات الخاطئة التي ارتُكبت في الماضي بحقّ الكرد”.
وبشأن جدّية حلّ حزب “العمّال” وإلقاء السلاح، يقول أوغلو: “إن عمليّة تسليم السلاح الحالية تبدو أكثر جدّية مقارنة بالمرّات السابقة، وذلك بالنظر إلى السياق الإقليمي والداخلي المتغيّر، أما توقيت ذلك وآليته فما زالتا غير واضحتين، وربما من الأفضل ألّا تُعلن التفاصيل حفاظاً على سلامة المسار”.
ويُرجّح أن تستغرق العمليّة وقتاً أطول في ظلّ تعقيدات المشهد السياسي والأمني، مشدّدا على ضرورة أن تتّجه الدولة “نحو إنهاء هذا الملفّ بصورة شاملة، وتحويله من عبء أمني إلى فرصة للاندماج الوطني والاستقرار المستدام، خاصّة في إطار قرن تركيا”.
ويبدو أن القادة الأتراك أكثر جدّية لإنجاح عمليّة السلام الجديدة، خاصّة مع التحدّيات الإقليمية والحديث المتكرّر عن خرائط جديدة تُرسَم في الشرق الأوسط، وهو ما يتطلّب تعاوناً اقليمياً في ظلّ تشابك علاقات حزب “العمّال الكردستاني”.
الحاجة إلى التعاون دفعت إبراهيم كالين رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية التركي (MİT) إلى زيارة أربيل في الأوّل من تمّوز/ يوليو، وبحث مجريات عمليّة السلام مع قيادات الحزب “الديمقراطي الكردستاني”، وعلى رأسهم رئيس الحزب مسعود بارزاني، ونائب رئيس حكومة الإقليم القيادي في “الاتّحاد الوطني” قوباد طالباني، حيث يُتوقّع أن تلعب تلك الشخصيّات دوراً في بعض خطوات عمليّة السلام.
خلال لقاءاته أكّد كالين تكثيف التواصل والتنسيق مع بغداد وأربيل خلال الفترة المقبلة، لإنهاء “العنف والحرب في المنطقة”.
أردوغان يوظّف الكرد لانتخابات 2028
يرى باحثون أتراك أن سعي التحالف الحاكم في تركيا والمتمثّل بحزب “العدالة والتنمية” و”الحركة القومية”، إلى طي صفحة الصراع مع حزب “العمّال الكردستاني”، يأتي كضرورة لا غنى عنها في ظلّ تحدّيات داخلية، تتمثّل بصعود حزب “الشعب الجمهوري” في نتائج استطلاعات الرأي، وتفوّقه في بعضها على حزب “العدالة” لأوّل مرّة منذ أكثر من 20 عاماً، ما يفرض حاجتهم إلى التحالف مع الكرد من أجل ضمان عدم خسارتهم السلطة، ويتّفق مع هذا الرأي مدير المركز الكردي للدراسات في ألمانيا نوّاف خليل.
ويقول مسؤولون في حزب “الشعب الجمهوري” إن قيام الرئيس التركي بملاحقة رئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو قضائياً بعدّة تهم، جاءت في إطار إضعاف قوّة الحزب ومنع أبرز قادته من الترشّح، وهو تصعيد سياسي ومواجهة غير محسومة العواقب، خاصّة في ظلّ احتمال إجراء انتخابات مبكرة، بدلاً من الانتظار موعدها المقرّر في 2028.
كما أن تغيير الدستور التركي، وهو أمر يقرّ بضرورته كلّ الأحزاب التركية لأسباب مختلفة، ويريده حزب “العدالة” لأنه سيسمح له بإعادة ترشيح زعيمه رجب طيب أردوغان مرّة أخرى (الدستور الحالي يسمح للرئيس بولايتين فقط) يتطلّب أيضاً تأييداً من النوّاب الكرد في البرلمان التركي من أجل تمرير بنوده الخلافية.
نوّاف خليل يرى أن لا رابح في الصراع الدائر بين أنقرة و”العمّال الكردستاني” منذ عقود “هو مثل الحرب الإيرانية العراقية، والحرب الأهلية في لبنان، لن يكون فيه طرف رابح على حساب الآخر الخاسر، سيظلّ الأمر في حالة من التوازن، فإما الاثنين رابحين وإما خاسرين”.
ويقول: “أنفقت تركيا نحو 2 تريليون دولار في حربها مع العمّال الكردستاني، كانت يمكن أن تغيّر وجه تركيا بالكامل، وبعد 40 عاماً لا يمكنك القول من المنتصر ومن الخاسر”، مذكّراً بالمسار التاريخي لتطوّر العمل السياسي الكردي: “حينما دخلوا أوّل مرّة في الانتخابات البرلمانية كان هناك ثمانية أعضاء كرد، وفي الانتخابات الأخيرة حصل الحزب الذي يمثّلهم على ثمانين مقعداً، وأكثر من 13 في المائة من أصوات الناخبين”.
ويشير نوّاف إلى أن عمليّة السلام هذه المرّة فرصها للنجاح أكبر، كونها مدعومة من رئيس الحزب الحاكم وكذلك من الدولة العميقة، التي يمثّلها دولت باغجلي ولا اعتراض عليها من حزب “الشعب الجمهوري”.
ويختم مدير “المركز الكردي” بإستحالة أن تصبح تركيا دولة ديمقراطية، من دون أن يكون الكرد فيها شركاء أساسيين ومواطنين أصليين كاملي الحقوق. لا يمكن أن يكون مقبولاً الاعتراف بوجود قومية واحدة، استناداً إلى المادّة 66 من الدستور التي تقرّ بأن “كلّ من يعيش في تركيا فهو تركي”.
“بشرط أن تُدار العملية من قبل أوجلان“
إنهاء الصراع التركي الكردي وإحياء السلام، بات أمراً جوهرياً، هذا ما يتردّد في الأروقة السياسية التركية، لاعتبارات تتعلّق بمصالح القوى الحاكمة في تركيا، ولأسباب أعمق ترتبط بتداعيات التمدّد الاسرائيلي في المنطقة، وتأثير الصراع الإقليمي على الداخل التركي المهدّد في وحدته، وهو ما لم يخفه زعيم “الحركة القومية” التركية بقوله “تركيا هي الهدف الأخير”.
وفق تلك الرؤية المتطلّعة لفتح صفحة جديدة في تاريخ تركيا، ناقش مؤتمر “العمّال الكردستاني”، بحسب منظّميه “مشروع القرار” الخاصّ بـ”الوجود التنظيمي لحزب العمّال الكردستاني وطريقة الكفاح المسلّح”، بناء على رسالة أوجلان المطالبة بالانخراط في عمليّة سلام جديدة، واتّخذ الحزب قراره بـ”حلّ الهيكل التنظيمي لحزب العمّال الكردستاني، وإنهاء أسلوب العمل المسلّح، ووقف جميع الأنشطة التي تتمّ باسم الحزب”، كون ذلك يمهّد الطريق “للسلام الدائم والحلّ الديمقراطي”.
لكنّ الحزب ذكر في بيانه الختامي، أن ذلك “يتطلّب إدارة أوجلان للعمليّة وتوجيهها، والاعتراف بالحقّ في السياسة الديمقراطية، ومنح الضمانة القانونية المتينة والكاملة”، مؤكّداً أهمّية أن يلعب البرلمان التركي “دوره بمسؤوليّة تاريخية”.
في مطلع تمّوز/ يوليو قال مصطفى قرسو عضو المجلس التنفيذي لـ”منظومة المجتمع الديمقراطي” إنه رغم الخطوات المعلنة من قِبلنا تتواصل هجمات الجيش التركي على مواقعنا “هذا يعني أن هناك شريحة في تركيا تريد تعطيل عمليّة السلام، وهنا من حقّ المقاتلين الدفاع عن أنفسهم”.
وأضاف: “نحن قمنا بما توجّب علينا، عقدنا المؤتمر واتّخذنا قرار الحلّ وإنهاء الكفاح المسلّح، والآن على الحكومة أن تقوم بخطواتها، فإذا أرادت إنجاح عمليّة السلام، فعليها أن تغيّر أفكارها وسياساتها، وأن تكون هناك مواقف ومفاهيم جديدة”.
وفق ذلك، بات نجاح عمليّة السلام الأخيرة، وفق رؤية الكردستاني، مرهوناً بجدّية تركيا في تغيير منهجها الفكري والسياسي، وفي مدى استعدادها لتلبية المطالب الكردية، بدءاً بتشكيل لجنة فاعلة داخل البرلمان لتحديد آليات العمل، ومروراً باتّخاذ الإجراءات القانونية التي تُضفي إلى الإفراج عن آلاف المعتقلين السياسيين الكرد، وانتهاء بتعديل الدستور بما يضمن الاعتراف بالوجود الكردي، ويحقّق المساواة في الحقوق.
دون ذلك سيظلّ حزب “العمّال الكردستاني” ككيان، قائماً، وتظلّ تنظيماته المسلّحة حاضرة، وأجنحته السياسية والعسكرية تعمل بكلّ ما تحمله من أثر، ليس في الداخل التركي فحسب، بل السوري والعراقي والإيراني كذلك. تؤكّد ذلك حرب الأيّام الاثني عشر بين إيران واسرائيل، إذ كانت الكثير من الأعين معلّقة على ما سيقوله ويفعله حزب “الحياة الحرّة” الكردي الإيراني الذي يصنَّف كجناح لحزب “العمّال”.
المصدر: شبكة نيريج للتحقيقات الاستقصائية
بغداد اليوم- بغداد دعت الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي، اليوم الخميس، (10 تموز 2025)، المواطنين ووسائل الإعلام إلى اعتماد المصادر الرسمية والمعتمدة في متابعة أخبار الطقس وتطورات الحالات الجوية، محذرة من تداول المصطلحات المثيرة غير الدقيقة.