محليات أمس, 18:02 | --


اعتراف حكومي وبرلماني.. لا رواتب بعد اليوم والعجز أكثر من 130 مليار دولار

بغداد اليوم – بغداد

في وقت تمسّك الحكومة العراقية بعدم تقديم جداول موازنة 2025، وتتكاثر المؤشرات عن أزمة مالية خانقة تهدد قدرة الدولة على دفع الرواتب، كشف النائب رائد المالكي، اليوم الخميس (29 أيار 2025)، عن ما وصفه بـ"العجز الفعلي غير المسبوق"، مؤكدًا أن الحكومة تتستر على الأزمة، وتستمر بإصدار قرارات إنفاقية "غير مسؤولة"، في ظل ارتفاع المديونية وتآكل الإيرادات.

مديونية متضخمة وإيرادات لا تغطي الرواتب

المالكي أوضح، في منشور عبر حسابه الرسمي وتابعته "بغداد اليوم"، أنه التقى وزيرة المالية طيف سامي، واستمع منها إلى عرض صريح مفاده أن "الإيرادات الحالية لا تكفي لتغطية الرواتب"، مشيرًا إلى أن العجز المالي تجاوز مستويات خطرة، في وقت بلغت فيه المديونية أكثر من 130 مليار دولار.

وتُعد هذه من المرات القليلة التي يُلمّح فيها مسؤول حكومي إلى احتمال تعثر دفع الرواتب الشهرية، وهي الخط الأحمر الذي لطالما حاولت الحكومات العراقية تجنّب المساس به.

إنفاق تجميلي في زمن التقشف


وفي مقابل هذا العجز، انتقد المالكي بشدة قرار الحكومة بالمصادقة على المرحلة الثانية من مشروع "بغداد أجمل"، الذي خُصص له 160 مليار دينار، معتبرًا أن "هذا النوع من المشاريع يأتي في وقت تُركت فيه مشاريع البنى التحتية للعمل بالدين"، مبينًا أن مستحقات المقاولين المتراكمة بلغت ترليونات، وأن البلاد قد تواجه تكرارًا لسيناريو 2016، حين توقفت مئات المشاريع بسبب الإفلاس المالي.

وأضاف أن "إيرادات أمانة بغداد، لو استُغلت بعيدًا عن الفساد، لكانت كفيلة بجعل العاصمة أجمل من ذلك بكثير، دون الحاجة إلى تجاوز على مستحقات الموظفين".

أمانات مسحوبة وأصول تباع لتمويل التشغيل


المالكي كشف أن الحكومة بدأت بسحب أموال "الأمانات" واستغلالها لتغطية العجز، كما استولت على مستحقات العلاوات والترفيعات للموظفين، وشرعت ببيع بعض الموجودات، ومن ضمنها دور في منطقة الخضراء، بغرض تأمين التمويل التشغيلي اللازم، بما في ذلك الرواتب.

وتُعد هذه الخطوة غير مسبوقة في التاريخ المالي الحديث للعراق، إذ لم تعلن أي حكومة في السابق بيع أصول حكومية لتسديد نفقات تشغيلية.

موازنة مؤجّلة ومواقف متضاربة


من اللافت، بحسب المالكي، أن وزارة المالية لم تُعِد أصلاً جداول الموازنة، ولم تُبلّغ البرلمان بأي موعد لتقديمها، معللًا ذلك برفض محافظ البنك المركزي العراقي فكرة الاقتراض لتغطية العجز، وسط أزمة ثقة متصاعدة بين مؤسسات الدولة المالية والنقدية.

ويشير المالكي إلى أن الوزيرة أوضحت أن "الموازنة تمنع التعيينات"، ورفضت إطلاق العلاوات أو الترفيعات دون إقرار رسمي للجداول المالية، فيما لا تزال ملفات مثل تعديل قانون الخدمة والتقاعد لقوى الأمن الداخلي قيد الدراسة، بانتظار معرفة الكلف المترتبة عليها.

انقطاع تحويلات كردستان وتفاقم أزمة الثقة


وفيما يخص موظفي إقليم كردستان، قال المالكي إن وزارة المالية أوقفت تحويل الرواتب بسبب "استيفاء حكومة الإقليم استحقاقاتها المالية دون الالتزام بتسديد الإيرادات"، في إشارة إلى استمرار الخلافات بين بغداد وأربيل حول تسليم واردات النفط والمعابر.

أزمة عميقة وسط صمت برلماني


وختم المالكي بالقول إن البرلمان واللجنة المالية لا يقومان بدورهما الرقابي المطلوب، متهمًا إياهما بالصمت والتغاضي عن "الانحدار الخطير في السياسة المالية"، محذرًا من تداعيات استمرار الإنفاق غير المدروس، وإهمال إعداد موازنة حقيقية تعكس التحديات التي يواجهها العراق.

عجز متراكم وتراخٍ رقابي ينذران بمرحلة خطرة


تضع تصريحات المالكي الملف المالي العراقي على حافة الانفجار. فبين مديونية متصاعدة، وعجز يتجاوز القدرة على تغطية الرواتب، وسحب أموال الطوارئ، وغياب الموازنة، تبدو الحكومة وكأنها تستهلك الاحتياطي الأخير من ثقة الشارع، دون استراتيجية واضحة للخروج من الأزمة.

في ظل هذا المشهد، يتصاعد القلق من إمكانية تكرار تجربة 2014–2016 حين اضطرت الحكومة إلى الاقتراض الداخلي ووقف المشاريع وتعليق الكثير من التعيينات.

كما أن تراخي البرلمان ولجانه المعنية في محاسبة الأداء المالي، يجعل الرقابة التشريعية صورية، ويُضعف قدرة الدولة على تصحيح المسار.

أهم الاخبار

العراق يُدار بسياسة "اليوم بيومه".. أزمة الرواتب تفجّر الخلاف بين المالية والبرلمان

بغداد اليوم - بغداد تتصاعد المخاوف من انهيار مالي وشيك في العراق، مع بروز مؤشرات غير مسبوقة على عجز الدولة عن تأمين رواتب موظفيها. فبين تصريحات النائب رائد المالكي التي كشفت عن "تستر حكومي" على العجز، ورد وزارة المالية الذي حاول تبديد المخاوف

أمس, 23:54