بغداد اليوم - بغداد
وسط مشهد سياسي معقّد ومفتوح على كل الاحتمالات، تفاجأ العراقيون بإعلان تحالف انتخابي جديد من خارج حدود البلاد، وتحديدًا من العاصمة القطرية الدوحة، في خطوة حملت أبعادًا تتجاوز الحسابات الانتخابية التقليدية، وتلامس جوهر الصراع الإقليمي على التأثير داخل البيت السُّني العراقي.
الإعلان لم يكن حدثًا عابرًا، بل مؤشرًا على تحوّل في خارطة التموضع السياسي، حيث تسعى بعض العواصم الخليجية، وعلى رأسها قطر، إلى لعب دور أعمق في إعادة ترتيب القوى داخل الساحة السُّنية، في وقت تتراجع فيه قبضة لاعبين تقليديين كالسعودية والإمارات، وتتقاطع فيه المصالح مع النفوذ التركي المتنامي في المناطق ذات الغالبية السُّنية.
هذا التحالف الذي اختار الدوحة منصة انطلاق، قد يكون محاولة لكسر الجمود وإعادة رسم ملامح التمثيل السياسي، لكنه في الوقت نفسه يفتح الباب لأسئلة مشروعة حول طبيعة الدعم الذي يحظى به، وحدود الاستقلالية التي يمكن أن يتمتع بها وسط خارطة إقليمية متشابكة. فالمعركة لم تعد فقط على مقاعد البرلمان، بل على من يمثل الصوت السُّني ومن يرسم ملامح مستقبله في عراق تتجاذبه المحاور.
الناشط السياسي مجاشع التميمي علق، اليوم الثلاثاء (27 أيار 2025)، على الإعلان عن تحالف انتخابي عراقي في دولة قطر.
وقال التميمي لـ"بغداد اليوم"، إن "إعلان تحالف محمود المشهداني وخميس الخنجر وزياد الجنابي من قطر، بدلًا من بغداد، لا يمكن فصله عن السياق الإقليمي المعقد الذي ينعكس بوضوح على الساحة السُّنية العراقية".
وأضاف التميمي: "هذا الإعلان يشير إلى دور متصاعد لقطر في محاولة إعادة تموضع داخل البيئة السُّنية، في ظل تنافس خليجي واضح، خصوصًا مع السعودية والإمارات، اللتين دعمتا في مراحل سابقة شخصيات سُنية بارزة مثل محمد الحلبوسي".
وبيّن أنه "لا يمكن إغفال الدور التركي، الذي يحتفظ بعلاقات مؤثرة مع أطراف سياسية ومجتمعية في المناطق السُّنية، مما يجعل الساحة ميدانًا لصراع نفوذ إقليمي". وأشار إلى أن "الإعلان من الدوحة قد يحمل رسالة مزدوجة: دعم قطري مباشر، ورغبة من أطراف التحالف بالتموضع خارج هيمنة القوى التقليدية".
وأضاف أن "في المقابل، هذا الارتباط الإقليمي قد يُضعف ثقة الشارع بهم، إذا ما تم تصويرهم كأدوات في صراع خارجي، لا كممثلين عن إرادة وطنية، وبالتالي، نجاح التحالف مرهون بتوازنه بين الدعم الخارجي والمقبولية الشعبية الداخلية".
ومع كل إعلان سياسي جديد خارج الحدود، يتجدد الجدل الشعبي حول مفهوم "التمثيل السُّني" ومدى استقلاليته، وما إذا كان هؤلاء اللاعبون السياسيون امتدادًا لإرادة وطنية أم أدوات ضمن صراع إقليمي مفتوح.
المصدر: بغداد اليوم + وكالات