سياسة / ملفات خاصة اليوم, 16:46 | --


حين يحكم الربح وتغيب الدولة... تنهار التحالفات ويتصدّع الدستور و"الوطن هو الضحية"

بغداد اليوم - بغداد

رغم اقتراب الانتخابات البرلمانية في العراق، تتبدى ملامح تصدّع مبكر في التحالفات التي شُكّلت لخوض السباق الانتخابي. هذه التحالفات، التي جرى تجميعها على عجل، لم تأتِ بوصفها تكتلات مؤسَّسة على رؤى وطنية أو برامج حقيقية، بل تشكّلت على أرضية حزبية ضيقة، يصفها البعض بأنها "تحالفات مصالح آنية"، سرعان ما تبدأ بالتآكل مع اقتراب لحظة فرز الأصوات وتوزيع الغنائم السياسية.

تحالفات غير مستقرة.. رصد أولي للتفكك
يؤكد الباحث في الشأن السياسي حسين الأسعد، في حديث لـ"بغداد اليوم"، أن "التحالفات الانتخابية الحالية بُنيت على أساس مصالح حزبية وشخصية، لا على رؤى أو برامج حقيقية، ولهذا فهي مرشّحة للانهيار سريعًا، خاصة بعد أن تعرف كل جهة سياسية حجمها الحقيقي".

ويضيف الأسعد أن "مرحلة ما بعد الانتخابات ستشهد، بدورها، ولادة تحالفات جديدة، لكنها أيضًا ستكون قصيرة العمر، وهدفها الرئيس سيكون الحصول على المناصب والمكاسب فقط"، مشددًا على أن "ما نشهده هو تجمّعات انتخابية مؤقتة، لا تحالفات حقيقية مبنية على أسس دولة".

المفوضية تُلغي أول تحالف
ما يثير الانتباه أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أقدمت مؤخرًا على إلغاء المصادقة على تحالف “الأنبار المتحد”، بعد انسحاب أحد مكوناته وفقدانه شرط التعددية الحزبية، بحسب ما نصّ عليه قانون الانتخابات. هذه الخطوة تعكس هشاشة التفاهمات داخل عدد من التكتلات، وغياب الضمانات القانونية لاستمرارها حتى يوم الاقتراع، فضلًا عن التغييرات المحتملة في تركيبة القوائم بمجرد اهتزاز المصالح.

الإطار والتيار.. استقطاب بلا استقرار
التحالفات الشيعية التقليدية تعيش هي الأخرى أزمة داخلية. ففي داخل الإطار التنسيقي، تتزايد الخلافات بين مكوناته حول آلية توزيع المرشحين وتقاسم النفوذ، بينما انسحاب التيار الصدري من السباق قد يفتح الباب أمام قوى جديدة لإعادة رسم الخريطة، أو يدفع الإطار نفسه إلى الانقسام بحثًا عن قنوات تواصل مع جمهور التيار الغائب، الذي لا يزال يملك نفوذًا شعبيًا واسعًا في الوسط والجنوب.

المكون السني والكردي.. انقسام داخلي مستمر
لا يبدو المشهد السني أو الكردي أفضل حالًا. ففي حين تتشتت القوى السنية بين تحالفات محلية ضيقة في الأنبار ونينوى، يعاني البيت الكردي من أزمة أعمق، حيث تعجز الأحزاب الكبرى، كالحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، عن تشكيل موقف موحد، وسط صراع داخلي متفاقم واتهامات بالتفرد بالقرار السياسي والاقتصادي، خصوصًا في ظل الأزمة مع بغداد بشأن الميزانية ورواتب الموظفين.

تحالفات بدون مضمون.. عودة "الزعامات القديمة"
المفارقة التي يشير إليها الأسعد، وتُجمع عليها تقارير متعددة، أن معظم التحالفات أعادت تدوير وجوه وزعامات قديمة، مما يُفرغ العملية من أي مضمون تجديدي. وفعليًا، فإن غالبية الكتل الانتخابية الحالية عادت لضم نواب ووزراء سابقين، متهمين بسوء الأداء أو الفساد، دون مراجعة حقيقية أو تقديم وجوه شابة قادرة على إحداث تغيير ملموس.

في هذا السياق، أعلنت بعض التكتلات، مثل "الحسم الوطني"، أنها ستمنع ترشيح أي برلماني سابق أو مسؤول حكومي، إلا أن التحديات المالية والضغوط السياسية قد تُضعف هذه التوجهات سريعًا.

لا تحالفات بل “تفاهمات حرب باردة”
يرى مراقبون أن ما يجري ليس تحالفات بالمعنى السياسي المؤسسي، بل مجرد "تفاهمات هدنة"، سرعان ما تنهار عند أول اختبار للمصالح. ولا يُستبعد أن يتكرر سيناريو ما بعد انتخابات 2018 أو 2021، حين انفجرت الخلافات بعد يوم الاقتراع مباشرة، وتحولت تفاهمات الأمس إلى خصومات معلنة، أفضت إلى تعطيل تشكيل الحكومات وتأخير إقرار القوانين.

ويبدو أن البنية السياسية العراقية، في ظل غياب الإصلاح الحقيقي والرقابة الشعبية، ما زالت أسيرة العقلية المحاصصاتية، حيث تُبنى التحالفات على أساس "من يربح أكثر"، لا على أساس "من يخدم الدولة والمجتمع".

المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

أهم الاخبار

المفوضية تعلن عدد التحالفات المسجلة للانتخابات البرلمانية المقبلة

بغداد اليوم - المفوضية تعلن عدد التحالفات المسجلة للانتخابات البرلمانية المقبلة - عدد الأحزاب المجازة: 343 حزبًا - عدد الأحزاب قيد التأسيس: 60 حزبًا - عدد الأحزاب التي أبدت رغبتها بالمشاركة في الانتخابات: 118 حزبًا - عدد التحالفات السابقة: 66 تحالفًا -

اليوم, 20:56