آخر الأخبار
نائب إيراني: علاقتنا مع فصائل المقاومة تستند على مبادئ الاخوة والكرامة والاستقلال الخارجية تعلن تعرض القنصلية العراقية في إسطنبول لإطلاق نار من قبل مجهولين مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين بنزاع عشائري في كركوك قطع مسائي يُربك السير.. زحام مروري خانق من مطار بغداد باتجاه الخضراء فتاة تشنق نفسها بـ"الشال" داخل منزلها بمدينة الصدر

الأثار الجيوسياسية للوضع السوري وتأثيراتها على العلاقات الدولية

مقالات الكتاب | أمس, 01:36 |

+A -A

كتب: الدكتور نبيل العبيدي - خبير الدراسات الامنية والاستراتيجية 

في نهاية عام  2024، انهار النظام السوري بقيادة بشار الأسد إثر هجوم كبير شنته قوات المعارضة، اذ قادت هيئة تحرير الشام هذا الهجوم مدعومة بالجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، في سياق استمرار الحرب الأهلية السورية التي بدأت مع اندلاع الثورة عام 2011 واستيلاء المعارضة على العاصمة دمشق مثّل نهاية نظام عائلة الأسد التي حكمت البلاد بطريقة شمولية ووراثية منذ انقلاب حافظ الأسد عام 1971.

  الانهيار السريع للنظام السوري أثار موجة من الدهشة محليًا ودوليًا، حتى بين أوساط المعارضة نفسها، حيث وردت تقارير تفيد بأن انهيار الحكومة كان أسرع مما توقّع الجميع.  اذ جاءت هذه التطورات العسكرية والسياسية لتلقي بظلالها على دول الجوار والمنطقة ككل، ما أدى إلى بروز تحديات وفرص تتطلب إعادة رسم السياسات والعلاقات الإقليمية والدولية في ظل تطور الاحداث. وخصصوا ان سوريا تعد الخط المباشر والمحاذي لإسرائيل والتي لا تأمن لها اسرائيل أي مأمن. الا انها كانت من ذوي المساعي الكبيرة في انهيار نظام بشار الاسد وخاصة ان لها اقليات موالية لها بشكل كبير وهم طائفة الدروز. واللذين ابدو استعدادهم المباشر بالتعاون مع اسرائيل وزيارتها لها والحفاوة التي استقبلوا بها من قبل الجانب الاسرائيلي. 

  لكن السؤال الأهم يبقى:  ما هي الأبعاد الجيوسياسية للوضع السوري وكيف تؤثر على الدول الإقليمية والعلاقات الدولية؟ وكيف ستواجه هذه الدول المخاطر المحتملة، خاصة في ظل الاوضاع الإسرائيلية؟ 

 التأثير الأول:  ما هو التأثير الجيوسياسي والأمني للوضع السوري على العراق:- الوضع السوري كان له تأثير مباشر وعميق على العراق منذ الغزو الأمريكي عام 2003 وحتى اليوم. أصبحت الأراضي السورية منصة لعدم الاستقرار في العراق، واستُخدمت كقاعدة لانطلاق العمليات الإرهابية التي زعزعت الأمن العراقي وخاصة باستغلال المساحات الصحراوية التي تقع ما بين العرق وسوريا والمفتوحة على مصراعيها دون رقيب او حسيب، وهذا مما كان له الاثر الكبير والامتداد الكبير للعمق الارهابي. وخاصة ان هذا التأثير بلغ ذروته بعد سيطرة تنظيم داعش على مدينة الرقة والمناطق الممتدة على الحدود بين البلدين، مما جعلها معقلًا لعناصر التنظيم وغيره من الجماعات الإرهابية.

التأثير الثاني: التأثير الجيوسياسي والأمني للوضع السوري على لبنان :- تاريخيًا كان ضمن دائرة التوجه والعلاقة الإيرانية، خاصة عبر علاقته الوثيقة مع النظام السوري بقيادة الأسد اذ كان شريكًا استراتيجيًا لإيران وعضوًا فاعلًا في محور المقاومة الذي تقوده.ايران وهناك اتفاقيات امنية واستراتيجية بين طهران ودمشق على مستوى كبير جدا ولكن مع خسارة النظام السيطرة وتقدّم المعارضة المدعومة من تركيا، تأثرت خطوط الإمداد الإيرانية إلى حزب الله، ما أضعف قوته وأثر على النفوذ الإيراني في الساحة اللبنانية. 

التأثير الثالث: التأثير الجيوسياسي والأمني للوضع السوري على تركيا:-  لعبت تركيا دورًا محوريًا في مسار الأحداث السورية، اذ دعمت قوى المعارضة المسلحة وسعت لتحقيق تغيير سياسي في دمشق يخدم مصالحها الاستراتيجية. وان سقوط الأسد عزز من نفوذ أنقرة إقليميًا ودوليًا، واعتبرته إنجازًا يعزز قدرتها على بناء تحالفات جديدة والتأثير في التوازنات الإقليمية  هذا الإنجاز رفع من مكانة تركيا سياسيًا، سواء داخليًا أو خارجيًا. ومن المتعارف عليه على المستوى الدولي ان قيام تركيا بتقديم المساعدة ليس الا من باب المصلحة التي تتعلق بالأمن التركي والاقليمي وهذا مما جعل هناك اتفاقات امنية واستخبارية كبيرة قبل تقديم مساعدتها الى الادارة الجديدة السورية خدمة لمصالحها الاقليمية والجيوسياسية . 

    التأثير الرابع: ما يتعلق في العلاقة بين تغيير النظام السوري والأطماع الإسرائيلية:-  في سياق تغير المشهد السوري، شنت إسرائيل عملية عسكرية في محافظة القنيطرة السورية وأرسلت وحداتها المدرعة إلى المنطقة العازلة بين مرتفعات الجولان المحتلة وبقية الأراضي السورية. لأول مرة منذ عام 1974، عبرت القوات الإسرائيلية الخط البنفسجي الذي تم تحديده بعد اتفاقيات وقف إطلاق النار عقب حرب أكتوبر. هذا التحرك يعكس سعي إسرائيل لتعزيز نفوذها في المناطق الحدودية استغلالًا لحالة الفراغ السياسي والأمني في سوريا وكذلك توسيع سيطرتها على المنطقة المحاذية ( لإسرائيل) كما فعلت في جنوب لبنان من اجل تأمين المنطقة كما هو الحال في شرق الاردن من جهة وبينها وبين المتوسط من جهة اخرى. 

وملخص ما تطرقت له اعلاه ان الأبعاد الجيوسياسية الرئيسية

1-    تأثير على دول المنطقة: النزاع السوري أدى إلى اضطرابات كبيرة في الدول المجاورة مثل لبنان والعراق والأردن وتركيا، خاصة بسبب تدفق ملايين اللاجئين والضغوط الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عنهم.

2-    الدور الإقليمي: تدخلت دول إقليمية مثل إيران وتركيا بشكل مكثف في الأزمة السورية، ما أحدث تأثيرات مباشرة على التوازن الجيوسياسي في المنطقة. وهذا مراعاة لمصالحها في سوريا. 

3-     تدخل القوى الكبرى:  الصراع جذب اهتمام قوى عالمية كبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وكثير من الدول العربية ايضا التي ارادة ان تبرز في هذه الازمة.  مما خلق تنافسات جديدة وكبيرة غير متوازنة ولا تعمل على استقرا المنطقة نهائيا وبما يخدم انانيتها بشكل كبير وأثر ذلك على العلاقات الدولية التي تحكمها وتدور عدما ووجودا مع مثل هذه السلوكيات الغير متزنة والغير لائقة في العلاقات الدولية والتي يمكن مع مرور الوقت تصبح بؤرة للتطرف والارهاب والتنازع والفوضى المستمرة كما هو الحال في ليبيا والسودان التي لازالت غير مستقرة على العكس من دول اخرى حصل فيها التغيير كما هو الحال في مصر وتونس التي تنعم بالاستقرار الامني والسياسي. 

4-    الأثر الاقتصادي العالمي: الاضطرابات في سوريا تركت بصمتها على الاقتصاد العالمي، وخاصة على أسواق الطاقة وسلاسل التوريد وخاصة ان مدينة حلب لها شهرتها على المستوى العالمي.

5-    الأمن الدولي:  تصاعد الإرهاب نتيجة الصراع السوري زاد من التحديات الأمنية الدولية، إلى جانب أزمة اللاجئين والهجرة القسرية.

6-    العلاقات الدولية: النزاع السوري ساهم في إعادة تشكيل التحالفات بين الدول الكبرى والإقليمية على وفق مصالحهم الشخصية وبخطط واستراتيجيات على مستوى طويل الامد وخصوصاً ان موقعها الجغرافي والاقليمي لها اهمية اكثر من باقي الدول لتي حصل فيها الربيع العربي او التغيير العربي والذي يحمل في طياته عبقرية المؤامرة الكبرى وصنيعة دول ومساعدتها على تلك الانقلابات، وهذا موضوع يعرفه الكبير والصغير انه لا يمكن لثورة تنجح ان لم يكن هناك دعم خارجي وترتيب كبير على مستوى دعم دولي  وهذا ما لمسناه من خلال تعاقب الثورات والانقلابات وخصوصا في بلدان العالم العربي التي تسيطر على اقتصاديتها دول العالم المتقدمة .

7-    حقوق الإنسان: الانتهاكات المستمرة ضد المدنيين وتشريد ملايين من افرد المجتمع السوري منذ عام 2011 قد رسمت للفرد السوري خارطة التهجير والنزوح والتشريد الذي طال المجتمع السوري ووصل افراده الى دول العالم اجمعها،


وفي ختام مقالي هذا نتطلع الى دولة سورية ديمقراطية تعيش في امن وسلام وأمان بعيدة عن التشرذم والتقطيع والقومية والمذهبية واحترام اهلها ومجتمعها ونسيجها السوري الكبير.