العراق يصل "الذروة".. القانونية النيابية تفتح ملف الترهل الوظيفي وتؤكد: يهدد خزينة الدولة
سياسة | 16-05-2024, 15:37 |
بغداد اليوم - بغداد
اكد عضو اللجنة القانونية النيابية النائب سالم إبراهيم العنبكي، اليوم الخميس (16 آيار 2024)، وصول العراق الى ذروة الترهل الوظيفي ما يهدد خزينة الحكومة التي تعتمد بنسبة 93% من إيراداتها على بيع النفط الخام.
وقال العنبكي في حديث لـ "بغداد اليوم"، ان "التعيين دون تخطيط مسبق يفضي الى استثمار القدرات في الإنتاج له تبعات سلبية على أداء مؤسسات الدولة التي وصلت الى ذروة الترهل في ظل اعداد كبيرة تفوق القدرة على استيعابها يرافقها فروقات كبيرة بالحقوق المالية بين وزارة وأخرى رغم تكافئ الخبرة والشهادة وسنوات الخدمة بل حتى الاختصاص".
وأضاف العنبكي، ان "بقاء التعيينات الحكومية دون ضوابط تساعد في معالجة الترهل الحاصل مع ارتفاع فاتورة الأجور ستجعل الدولة في موقف صعب بعد سنوات"، مشيرا الى ان " 93% من إيرادات خزينة الدولة تعتمد بشكل مباشر على بيع النفط الخام والذي يواجه تقلبات اسعار في السنوات الأخيرة".
وأشار الى ان "العراق امامه افاق تنموية واقتصادية واعدة منها طريق التنمية وبقية المشاريع الأخرى بالإضافة الى إمكانية الانفتاح على إعادة احياء المصانع"، موضحا ان "فاتورة الاستيراد السنوي تصل الى 50 مليار دولار من قطاعات يمكن توفير بدائل لها في البلاد على المستوى الصناعي والزراعي وحتى الغذائي".
واكد العنبكي، ان "كل التقارير الاقتصادية على ملف التعيينات تثير القلق خاصة مع الارتفاع الكبير في اعداد موظفي العراق قياسا بحجم سكانه"، مشددا على "أهمية إعادة النظر وان تضغط الدولة باتجاه احياء القطاع الخاص وتوفير فرص عمل اكبر قياسا بالتعيينات الحكومية".
وكان النائب مرتضى الساعدي، كشف الخميس (9 آيار 2024)، عن مضامين خطة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في إعادة هيكلة الجهاز الحكومي.
وقال الساعدي في حديث لـ "بغداد اليوم"، ان "إعادة هيكلة الجهاز الحكومي لاسيما في جوانبه الإدارية والمالية والاقتصادية مطروح"، مؤكدا انه "بحاجة الى اصلاح جذري في ظل وجود ترهل وضعف في بعض الجوانب الإدارية ناهيك عن الاعداد الكبيرة للموظفين في بعض المؤسسات لدرجة باتت عدم القدرة على توفير المقاعد لهم في صورة تعبر عن جزء من الوضع".
وأضاف الساعدي، انه "تم تشكيل لجنة عليا برئاسة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في إعادة هيكلة الجهاز الحكومي"، متسائلا "لكن وفق اي ابعاد وماهي الخطوات الاولى ومعاييرها ؟"، لافتا الى ان "خارطة الطريق للعمل لم تطرح حتى الان لكن بالمقابل تبقى اي إجراءات تساعد في تنشيط القطاع الحكومي ومعالجة الترهل خطوة بالاتجاه الصحيح".
وأشار الى ان "مؤسسات الدولة لديها كفاءات قادرة على وضع استراتيجية شاملة لإعادة هيكلة الجهاز الحكومي"، مشددا على انه "اذا ما تم الاستعانة بشركات اجنبية يجب ان تكون هناك مبررات بالإضافة الى بيان مضمون عملها لكن الأهم ان تكون الخطوات ذات فعالية".
وكان الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش، أشار إلى أن الإحصائيات عن أعداد الموظفين بالعراق غير دقيقة، بيد أن المعلن يؤكد وجود ما يقرب من 2.5 مليون موظف في القطاع العام المدني، إضافة إلى 1.75 مليون موظف في الأجهزة الأمنية التي تشمل وزارتي الدفاع والداخلية ومكافحة الإرهاب والمخابرات وغيرها، وبالتالي فإن في العراق ما يقرب من 4.5 ملايين موظف حكومي.
ويؤكد حنتوش في تصريح صحافي، ان" هناك نحو 3.5 ملايين عراقي يتقاضون رواتب تقاعدية من الدولة، وهؤلاء خارج نسبة 37% من إجمالي اليد العاملة المعلن عنها، مع الأخذ في الاعتبار أن جزءا من الموازنة يذهب لصندوق التقاعد بسبب عدم امتلاك الكثير من المتقاعدين لمدخرات تقاعدية في صندوق التقاعد الذي أعيد بناؤه عام 2008.
ويكمل، أن ما يقرب من 1.5 مليون عراقي يتقاضون رواتب ضمن ما يعرف بالرعاية الاجتماعية (رواتب شهرية تمنحها وزارة العمل للعوائل الفقيرة)، وبالتالي فإن مجموع العراقيين الذين يتقاضون رواتب شهرية من الدولة يقدر بـ 9.5 ملايين عراقي يعتمدون في معيشتهم على الدولة بصورة مباشرة (موظفون ومتقاعدون وذوو الرعاية الاجتماعية)، وهو ما قد يشكل نسبة 23% من سكان العراق الذي تقدر وزارة التخطيط عدد سكانه بنحو 42 مليون نسمة.
من جانبه كشف عضو في اللجنة المالية النيابية، عن إنتاجية صادمة للموظف الحكومي في القطاع العام.
وقال جمال كوجر، في تصريح للصحيفة الرسمية، تابعته (بغداد اليوم)، إنَّ: "إنتاجية الموظف لا تزيد على عشر دقائق في كل مؤسسات الدولة، وحتى دمج الوزارات لا يحل المشكلة لأنها ليست العقدة الأساسية".
ودعا كوجر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إلى "حث وزرائه على وضع برنامج عن كيفية تحويل الوزارات من مستهلكة إلى منتجة، بحيث لا تصبح الموازنة مجرد مبالغ لمشاريع وزارية تشتري بها ممتلكات".
وأضاف أنَّ "على رئيس الوزراء استثمار موازنة هذا العام لتكون موازنة تنمية حقيقية، وأن نحول الوزارات من استهلاكية إلى إنتاجية، لكي نرفع إنتاجية الموظفين"، مبيناً أنَّ "الترهل والشلل الوظيفي موجود بدءاً من أعلى حلقة إلى أدناها".
وأشار كوجر إلى، أنَّ "هناك العديد من الحلول، بينها الشراكة بين القطاعين العام والخاص، أو الذهاب نحو حكومة قطاع خاص بمعنى الوزارة تبقى لإدارة الملف وليس لتحريك كل الموضوعات".
يذكر انه وخلال العقدين الماضيين أجّلت الحكومات المتعاقبة النظر إلى مشكلات التنمية البشريَّة في القطاع الخاص، ولجأت إلى حركة توظيف في القطاع العام، لتصبح الوظيفة الحكومية "حلم الشاب وغايته"، لتتراكم هذه المشكلات وتتضافر حتى باتت عبئاً ثقيلاً على الموازنات المتتابعة مهما كانت انفجارية استثمارياً.