آخر الأخبار
الإطار يقطع الطريق: لن نقبل أي محاولات لتغيير الواقع السياسي في العراق بعد معركة "العصائب الحمراء".. الغموض يحيط بمصير ماهر الأسد الكشف عن تفاصيل الساعات الأخيرة لهروب المسؤولين في النظام السوري "العراق ضمن خارطة التغيير".. مختص: قرارات دولية مرتقبة ستتخذ قبل قدوم ترامب الكونغرس الأمريكي يبلغ "أبل" و"غوغل" بإزالة "تيك توك" نهائيا الشهر المقبل

من الماء إلى النار.. "إرهاب الحوادث" يضرب نينوى مجددا

محليات | 28-09-2023, 20:30 |

+A -A

بغداد اليوم - متابعة

نينوى مرة أخرى، لم تهنأ المحافظة التي تخلصت من تنظيم داعش قبل 6 أعوام، حتى صارت عنوانا لحوادث مفجعة حصدت مئات الأرواح البريئة، إذ تحول عرسٌ في قضاء الحمدانية شرقي الموصل إلى محرقة حصدت 114 روحا بعد اندلاع النيران وسط قاعة الاحتفال التي تفتقر لشروط السلامة.

وفي لحظات الفرح يخيّم الحزن، فقبل هذه الحادثة، شهدت الموصل في آذار مارس 2019 فاجعة غرق عبارة نهرية في دجلة بعد حشر نحو 200 شخص ذهبوا للاحتفال في عيد الأضحى، لكن أكثر من 100 واجه الموت غرقاً.

مدير إعلام مديرية الدفاع المدني العامة العميد جودت عبد الرحمن، يقول، إن "تعديل قانون الدفاع المدني رقم 44 لسنة 2013، لم يشرع حتى اللحظة، وهو ما زال لدى مجلس النواب ونتوقع أن هذا التعديل سوف يشرع قريباً بسبب أهميته الكبيرة".

ويضيف عبد الرحمن، أن "الهدف من تعديل هذا القانون هو فرض إلزام تطبيق شروط السلامة والأمان في الأبنية، ومن أبرز التعديلات هي المادة 20 من القانون التي تتكون من شقين الأول أن الغرامة بمليون ستكون بـ10 ملايين، والثاني هو الغلق التام لأي مشروع مخالف للقانون، ولا يفتح هذا المشروع إلا بعد منحه شهادة السلامة من قبل مديرية الدفاع المدني العامة".

ويتابع أن "عمل مديرية الدفاع المدني العامة اليومي هو إجراء كشوفات على ما موجود على الأرض من مشاريع ورصد المخالفين وإحالتهم وفق قانون الدفاع المدني، لكن مبلغ الغرامة بهذا القانون ضعيف وهو يتراوح من 250 ألف إلى مليون دينار، ولهذا نجد الكثير ممن يتهاونون ويتحايلون على ملاحظات الدفاع المدني، ولذا ذهبنا لتعديل القانون ليكون أشدّ".

ويشير مدير إعلام مديرية الدفاع المدني العامة، إلى أن "هناك الكثير من الأبنية بنيت بشكل خاطئ ووفق معايير مخالفة لشروط السلامة والأمان، وهذه الأبنية عرضة للحوادث، كما أنه لا يوجد لدينا أي نقص في الكوادر التفتيشية على الأبنية وكل مركز يعمل وفق رقعته الجغرافية، ومع ذلك وزير الداخلية دعم المديرية بأعداد بشرية من المنتسبين والمعدات والآليات وهذا ما يساعد المديرية على إنجاز واجبتها بشكل أسرع".

وشهد قضاء الحمدانية في محافظة نينوى، في الساعة الواحدة بعد منتصف ليلة أمس الأربعاء، اندلاع النيران في قاعة الهيثم للحفلات، حيث كانت تحتضن حفل زفاف فيه قرابة 900 شخص، وقد أدى الحادث لوفاة 114 شخصا وإصابة أكثر من 200، بحسب دائرة صحة نينوى.

لم تمر سوى دقائق حتى دخلت أجهزة الدولة باستنفار تام، وأعلن عن حدوث فاجعة كبيرة، بعد التهام النيران للقاعة بشكل تام، وكانت وزارة الصحة من أولى الجهات التي استنفرت كوادرها ووجهت بإرسال سيارات الإسعاف من المحافظات القريبة لموقع الحادث.

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وجه مباشرة وزيري الداخلية والصحة باستنفار كل الجهود لإغاثة المتضررين، وبعد وقت قصير أعلن عن توجه وزير الداخلية عبد الأمير الشمري إلى محافظة نينوى، وعند الساعة الواحدة والنصف فجرا، أعلن وزير الداخلية عن تمكن الدفاع المدني من إخلاء جميع المصابين من القاعة.

كما أعلن السوداني الحداد في العراق لمدة 3 أيام، وهذا وسط تحول الحدث إلى قضية رأي عام دولية، وقد وردت تعازي من كافة الدول، إلى جانب فتح وزارة الخارجية سجل عزاء في كافة سفارات العراق.  

الدفاع المدني، كشف أن أسباب الحريق، تعود إلى عدم التزام القاعة بشروط السلامة، واستخدام الألعاب النارية داخل القاعة ما أدى إلى احتراقها.

ومساء يوم أمس الأربعاء، أعلن إقليم كردستان عن اعتقال صاحب قاعة الهيثم بعد هروبه لها، وذلك بناء على أمر قبض صادر من وزارة الداخلية الاتحادية، وبعدها أعلن وزير الداخلية عن اعتقال 14 شخصا لهم صلة بالقاعة من عاملين ومسؤولين عن الألعاب النارية.

من جهته، يرى الخبير الأمني مؤيد الجحيشي، أن "جميع الجهات التي تمر منها شروط سلامة إنشاء المشاريع السياحية من قاعات وفنادق ومطاعم ومولات، بل وجميع المؤسسات الصحية والتعليمية الخاصة وما شابه، هي المتسبب بالكوارث البيئية والاقتصادية وأرواح المواطنين، لأن أغلب تلك المشاريع تمر دون ضوابط السلامة والأمان".

ويبين الجحيشي، أن "مرور هذا الكم من الكوارث الإنسانية والاقتصادية دون أن نرى استقالات أو إعفاء للمعنيين بهذه المؤسسات فإن ذلك يجعل جميع المعنيين في دائرة الريبة والشك، كما أن ما حصل من فاجعة بقاعة الأعراس بقضاء الحمدانية كشف وجود فساد كبير في دائرة صحة نينوى التي تفتقد أبسط العلاجات الطبية، رغم وجود تخصيصات مالية لهذا القطاع المهم".

ويضيف أن "تكرار مثل هذه الحوادث يكشف لنا وجود تقصير وفساد بمختلف مؤسسات الدولة، فكيف يستمر عمل هذه القاعات وهي مخالفة لكل شروط السلامة والأمان وكيف تكون المستشفيات خالية من العلاجات الضرورية"، مستبعدا أن "تحدث محاسبة فعلية جراء هكذا حوادث، فالفساد والصفقات السياسية والمجاملات هي من تدير الدولة".

يشار إلى أن المرجع الديني الأعلى علي السيستانيـ أعرب عن بالغ الأسى والأسف لحادث الحريق المروّع الذي وقع في قضاء الحمدانية، عبر بيان صدر عن مكتبه. 

الدفاع المدني، من جانبه أعلن ليلة أمس، عن مباشرته شروعه فورا بتنفيذ كشوفات السلامة لكافة المشاريع بناء على توجيهات السوداني، وتشمل إجراءاته جميع المشاريع الحيوية والمهمة وكذلك المشاريع الأخرى من الفنادق والأسواق التجارية والمباني والمولات التجارية، وتقديم المخالفين من أصحاب المشاريع الى الجهات القضائية.

إلى ذلك، يكشف عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية كريم عليوي،، أن "مجلس النواب سيعمل خلال الجلسات المقبلة على الإسراع بتشريع تعديل قانون الدفاع المدني، وسيتم وضع مواد ذات عقوبات شديدة بحق كل من يخالف شروط السلامة والأمان".

ويوضح عليوي، أن "لجنة الأمن والدفاع البرلمانية سوف تعمل على استضافة الجهات المسؤولة عن إعطاء موافقات فتح الأبنية خصوصاً السياحية من مطاعم وقاعات وغيرها، فهناك الكثير من تلك الأبنية تعمل دون موافقات بل هي مخالفة بشكل كامل لشروط السلامة والأمان وتفتقر إلى أبسطها كعدم وجود منظومات إطفاء الحرائق أو مخارج طوارئ وغيرها".

ويحذر من أن "عدم اتخاذ خطوات حقيقية لمنع عمل الأبنية المخالفة لشروط الصحة والسلامة يعني استمرار تكرار الكوارث الإنسانية جراء اندلاع الحرائق، ولذا ستكون هناك إجراءات برلمانية وحكومية لمنع تكرار هكذا كوارث في المستقبل".

يشار إلى أن مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، شهدت في عام 2019، انقلاب عبارة سياحية، وأدت لوفاة 100 شخص، أحدثت في حينها لغطا حول إجراءات السلامة، ودور الجهات الرقابية.

يذكر أن آخر فاجعتين شهدها العراق خلال جائحة كورونا، تمثلت باحتراق مستشفى الحسين بالناصرية مركز محافظة ذي قار، بسبب انفجار قنينة أوكسجين، ما أدى إلى مقتل نحو 100 مريض بفيروس كورونا، وذلك عقب حريق آخر اندلع في مستشفى ابن الخطيب الخاص بمرضى كورونا في العاصمة بغداد، وأودى أيضا بحياة قرابة 100 شخص، وذلك في العام 2021.


المصدر: العالم الجديد