لا جدوى من المفاوضات وبغداد تلعب على اوتار الانقسامات الكُردية
سياسة | 16-08-2023, 23:23 |
بغداد اليوم - كُردستان
قوّضت الانقسامات الداخلية الحكم الذاتي في كردستان مقابل الحكومة الاتحادية. حيث أضعَفت هذه النزاعات القائمة بين الأحزاب قوة المساومة الجماعية الكردية، وأعاقت قدرة الأكراد على تقديم جبهة موحدة في المفاوضات مع الحكومة الاتحادية.
كما أدت الانشقاقات الداخلية إلى غياب التماسك في صنع القرار، فاستحال على المنطقة المستقلة تحقيق الفعالية في الدفاع عن حكمها الذاتي وتأكيد احتياجاتها ضمن الموازنة. واستخدمت احزاب "الإطار التنسيقي" مثل هذه الانقسامات لكسب المزيد من السيطرة والنفوذ على الموارد المالية الخاصة بالمنطقة، لا سيما في قانون الموازنة العراقية الذي أُقرّ حديثًا، على حد وصف معهد واشنطن.
استغلال الانقسام الكُردي
الباحث والمحلل السياسي شوان مصطفى، اكد لـ"بغداد اليوم"، اليوم الأربعاء (16 آب 2023)، أن "الانقسام السياسي بين الأحزاب الكردية أدى لحالة من الضعف في الموقف الكردي المفاوض، وبالتالي استغلت القوى السياسية العراقية هذا الأمر لصالحها".
وأضاف أن "المكاسب التي حصل عليها الكرد بعد عام 2003، كانت بسبب وحدة الموقف الكردي، وخاصة بين الحزبين الرئيسين، أما حالة الضعف الحالة والانقسام أمام الإعلام والرأي العام استفادت منها الحكومة والأحزاب، حيث بدأت تضغط وتحجم دور الإقليم".
زيادة حدة الانقسامات
وتفاقمت الانقسامات الكردية بعد رحيل مام جلال طالباني، ومطالبة الحزب الديمقراطي الكردستاني بمنصب رئاسة الجمهورية، الذي يأخذه "عُرفاً" حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وفق نظام "الاستحقاقات الانتخابية او المحاصصة"، وازدات حدةً بتمديد عمل البرلمان وعدم اجراء انتخابات برلمانية داخل اقليم كردستان.
ويؤكد رئيس البرلمان الكردي الأسبق، يوسف محمد، في تصريحات صحفية سابقة، أن "الحزبين الكرديين، للأسف الشديد، لديهما إرث سيء في الإقليم، يتمثل بعدم إجراء أي من الانتخابات التشريعية أو الرئاسية أو المحلية في موعدها المحدد قانونا".
واضاف، أن "الخلافات بين الجانبين استمرت وتعمقت مؤخرا، مما ساهم بألا تجرى الانتخابات في موعدها المقرر"، مشددا على أن "الخلافات تتعلق بمصالح حزبية، ولا علاقة لها بما يخدم مواطني الإقليم".
ويرى محمد، الذي شغل سابقا كذلك منصب رئاسة كتلة حركة التغيير الكردية المعارضة في البرلمان الاتحادي، أن الحزبين، (الديمقراطي والاتحاد) "لديهما قوات مسلحة وأجهزة أمنية واستخباراتية، وبالتالي هذا عقّد من قضية التبادل السلمي للسلطة في الإقليم".
خلافات حول الطاقة
اما مركز الامارات للدراسات الاستراتيجية، فقد اوضح في دراسة، ان "بغداد استفادت من ضعف التماسك الداخلي في الإقليم، وبشكل خاص بفعل التنافس بين الحزبي الكبيرين، "الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني"، اللذين تعمّق الخلاف بينهما حول إدارة قطاع الطاقة وإيراداته، خصوصاً بعد تحوّل ميزان القوة لصالح "الحزب الديمقراطي الكردستاني" منذ وفاة زعيم "الاتحاد الوطني الكردستاني"، جلال طالباني. وقد اتّبع نيجرفان بارزاني، رئيس وزراء الإقليم السابق ومُهندس قطاع النفط والغاز في كردستان العراق منذ عام 1999 إلى أن أصبح رئيساً للإقليم في عام 2019، نهجاّ تصالحياً في إدارة الخلاف بين الحزبين من أجل حماية صناعة الطاقة من الانقسام وفق الخطوط الحزبية (وما يترتب عليه من انقسام داخل البيشمركة الكردية)".
وبيّن، ان "ابن عمه، رئيس الوزراء الحالي، مسرور بارزاني يتبنى نهجاً أكثر تشدداً، ويبدو عازماً على إجبار "الاتحاد الوطني الكردستاني" على أن يكون بمنزلة الشريك الأصغر بهذا الخصوص؛ فبالرغم من أن "الاتحاد الوطني الكردستاني" في موضع أضعف اليوم إلاّ أنه لايزال قادراً على لعب دور المعطّل أو المربك. فعندما روّج رئيس الوزراء بارزاني في منتصف عام 2022 لإمكانية تزويد الأوروبيين بالغاز نتيجة للأزمة التي أحدثتها الحرب الروسية-الاوكرانية، لم يُظهر المستثمرون اهتماماً كبيراً بهذا الشأن، إذ يقع الجزء الأكبر من حقول الغاز الطبيعي في كردستان العراق في المناطق التي يُسيطر عليها "الاتحاد الوطني الكردستاني"، والتي لا يُمكن لمسرور بارزاني التحدّث بشأنها. ومنذ أكتوبر 2022، قاطع ممثلو "الاتحاد الوطني الكردستاني" اجتماعات مجلس وزراء إقليم كردستان. وبالتالي، تتزايد الضغوط على حكومة إقليم كردستان، وقد ينأى "الاتحاد الوطني الكردستاني" بنفسه عن سياسة الطاقة الموحّدة في الإقليم من الآن فصاعداً، ويتّبع سياسة خاصة به. كما أن التأخّر الدائم للمدفوعات المالية والصدامات الشخصية أثّرت بشكل سلبي في علاقة مسرور بارزاني مع شركات النفط الدولية والتي يحتاج لها الإقليم الآن أكثر من أي وقت مضى، وأدّت مشكلة بهذا الصدد إلى خروج شركة "ترافيغورا" لتجارة النفط من الإقليم".
تحالفات جديدة
ووسط شدّ وجذب الطرفين، أعلنت أربعة أحزاب سياسية كردية في السليمانية، دخولها في "ائتلاف موحد" ضمن مشروع "توحيد الصف الكردي" وفيما دعوا إلى انضمام بقية الأحزاب الكردية إليهم، أكدوا الدخول في انتخابات كردستان بقائمة موحدة في الإقليم و"النقاش" في المناطق الكردستانية خارج الإقليم، في إشارة إلى المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل. وقال رئيس حزب "التحرر الكردستاني" ريكار أحمد، خلال مؤتمر صحافي إنه "تم الاتفاق على التوجه ضمن ائتلاف موحد لتوحيد الصف الكردي بين أربعة أحزاب كردية، وهي كل من حزب التحرر الكردستاني، وحزب التحالف الوطني، وحركة التجديد الكردستانية، وحزب الشعلة الوطنية".