الموازنة في مفترق طرق.. تطلعات شعبية وهواجس كردية ساحتها البرلمان غداً
سياسة | 26-05-2023, 18:22 |
بغداد اليوم - تقارير
ساعات حاسمة تفصل العراق عن أضخم موازنة مالية بتاريخه في ظل توافق سياسي قل نظيره بعد 2003.
أرقام مهمة
تتجاوز الموازنة الاجمالي 198 ترليون دينار بعجز كبير بلغ 63 تريليوناً و275 مليار دينار.
أما النفقات الاستثمارية فبلغت 47 تريليوناً و555 مليار دينار والإيراد المالي يبلغ 134 تريليون و553 مليار دينار، منها الإيرادات النفطية 117 تريليوناً و252 مليار دينار، وغير النفطية 17 تريليون دينار.
وسعر النفط قدر في الموازنة بـ70 دولاراً، وفق تصدير 3 ملايين برميل و500 الف يومياً، منها 400 ألف برميل من إقليم كردستان.
مواقف متسارعة
رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي أعلن عن التصويت على الموازنة يوم غد السبت.
هذا الموعد شكك به عضو اللجنة المالية النيابية مصطفى الكرعاوي الذي استبعد التصويت على مشروع القانون السبت وانه بحاجة الى 48 ساعة على الأقل ليكون جاهزاً لعرضه امام البرلمان لاسيما مع استمرار نقاشات اللجنة في بعض الجزئيات لكنه أقر بان الموازنة في نهايتها.
هواجس كردية
ويبدو ان حصة اقليم كردستان ستتكرر "عقدتها" في هذه الموازنة أيضاً كما في سابقاتها من الموازنات بسبب الخلاف عليها بين الأطراف السياسية رغم حالة التوافق الكبيرة بين الحكومتين الاتحادية وفي الاقليم على عدة ملفات.
ويقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني نائب رئيس مجلس النواب شاخوان عبد الله في تصريح صحفي أمس :"المناقشات حول مشروع قانون الموانة مستمرة، ولم تنته اللجنة المالية من عملها حتى الآن"، موضحاً أن ماتبقى من المواد المتعلقة باستحقاقات إقليم كوردستان هما المادتان 13 و14 من مشروع القانون، بعد تمرير المادة 12 وبندين من المادة 13".
وأعرب عن أسفه "للمحاولات التي تبذل لتعديل المادتين (13 و14)"، مضيفاً: "لن نسمح بتعديلهما لأنهما نتاج الحوار بين حكومتين دام لعدة أشهر ولهما جوانب فنية وإدارية".
وحول إمكانية التصويت على مشروع قانون الموازنة يوم السبت ، قال عبد الله إن "الأمر يعتمد على حل الخلافات حول المادتين 13 و14"، مستطرداً أنه "في حال عدم الاتفاق لن نسمح بإدراج أكثر من مقترح للتصويت، ويجب حسمها قبل ذلك".
ورغم هذا التحذير من القيادي الكردي، أعلن عضو اللجنة المالية النيابية مصطفى سند مساء أمس عن تصويت اللجنة على مواد الموازنة المالية المتعلقة بحصة اقليم كردستان وانسحاب ممثلي كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني من الاجتماع.
وقال سند في تغريدة بتويتر :"اللجنة المالية صوتت على تعديل الفقرات المتعلقة بالاقليم وتلزمه بتسليم النفط إلى (سومو) لتصديره او تسليمه محلياً في حال عدم القدرة على تصديره، كذلك فتح الحساب يكون حصرياً من قبل وزير المالية، كما تم تضمين شروط صرف المستحقات مرهون بالالتزام".
وتلزم هذه المواد إقليم كردستان بدفع 10% بشكل شهري من الرواتب المستقطعة لموظفيه.
موقف رسمي وتحذير كردي
وتتفق الرئاسات الثلاث على ضرورة الاسراع باقرار الموازنة المالية "لتلبية متطلبات البرنامج الحكومي في معالجة ملفّات البطالة والخدمات والفقر والإصلاح الاقتصادي والحدّ من الفساد المالي والإداري".
وفي إعلان واضح وصريح لرفض حكومة إقليم كردستان للتعديلات الخاصة بحصة الاقليم في الموازنة قالت في بيان اليوم إن "التغييرات التي أدخلها بعض أعضاء اللجنة المالية في مجلس النواب بمشروع قانون الموازنة ضد إقليم كردستان، هي تغييرات غير دستورية".
واعتبرتها أيضا "تتنافى بوضوح مع الاتفاق الموقّع بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية، وكذلك تشكّل مخالفة لمبادئ اتفاق حكومة إدارة الدولة وتتناقض مع جوهر المنهاج الوزاري الذي صوّت عليه مجلس النواب".
"إننا في حكومة الإقليم، لن نقبل على الإطلاق، بهذا الظلم والانتهاك بحق حقوق شعب كوردستان، ولن نلتزم بأي قرار آخر خارج نطاق الاتفاق الذي وُقّع مع حكومة محمد شياع السوداني" وفقاً للبيان.
"انقسام كردي وانتهاك للاتفاق"
ويقول النائب الكردي وعضو اللجنة المالية جمال كوجر أن "تمرير المادتين 13 و14 يعد انتهاكاً للاتفاق المبرم بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية"، مبيناً "لذلك لم نصوت عليها، ومن المحتمل أن يتم انتهاك الاتفاقيات الأخرى في المستقبل، من ضمنها ملف النفط والغاز وغيرها من القضايا العالقة".
وأكد كوجر "كان ينبغي التصديق على نص مشروع قانون الموازنة الاتحادية الذي أرسلته الحكومة العراقية، والمتعلق بالإيرادات النفطية والمستحقات المالية لإقليم كوردستان"، موضحاً أن "الكتل الكردستانية كانت منقسمة أثناء اجتماع اللجنة المالية النيابية".
جلسة اختبار لإئتلاف الدولة وتلويح بالمقاطعة
وتترقب الأوساط السياسية والشعبية على حد سواء جلسة مجلس النواب المقرر غداً للتصويت على الموازنة التي طال انتظارها كثيراً مع انقضاء نصف عام 2023 بلا موازنة وتخصيصات.
وحذر الحزب الديمقراطي الكردستاني، أمس الخميس، من التلاعب بحصة اقليم كردستان في الموازنة، مشيرا الى ان اي تلاعب سيؤدي لعرقلة جلسة تمرير قانون الموازنة.
وقال القيادي في الحزب وفاء محمد كريم، لـ"بغداد اليوم"، إن "تحديد نسبة إقليم كردستان من قانون الموازنة وفق (12.67%) تم وفق الاتفاق السياسي ما بين قوى ائتلاف إدارة الدولة وبين حكومتي بغداد وأربيل"، مشيرا الى ان "هناك من يريد التلاعب بهذه النسبة وبفقرات إقليم كردستان ضمن قانون الموازنة، وهذا التلاعب سيعرقل تمرير الموازنة".
وشدد على ان "اي تلاعب بفقرات الإقليم سيؤدي لمقاطعة جلسة التصويت من قبل القوى السياسية الكردية والسنية، ولهذا يجب الحذر ممن يريد عرقلة تمرير الموازنة".
نص التعديل
وكشف الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، اليوم الجمعة، عن أهم تعديلات موازنة 2023 فيما يخص اقليم كردستان وقال في إيضاح ورد لـ (بغداد اليوم)، إن "اللجنة المالية البرلمانية صوتت على عدة تعديلات تتعلق بكردستان منها:
اولا : جرى تعديل في المادة 13 ثانيا/ أ اذ تلتزم كردستان بموجب النسخة الحكومية للموازنة بتصدير ما لايقل عن 400 الف برميل يوميا في حين اصبحت هذه الفقرة بعد التعديل تنص على تسليم الاقليم للنفط الخام المنتج في حقولها بمعدل لا يقل عن 400 الف برميل يوميا الى وزارة النفط لتصديرها عبر سومو او استخدامها محليا في المصافي العراقي .
ورأى المرسومي ان "هذا التعديل قد أضفى نوع من التعقيد في العلاقة بين المركز والاقليم بسبب الصعوبات الفنية المتعلقة بتسليم نفط الاقليم للمركز من جهة وبسبب تجريد المركز من سلطة تصدير النفط من جهة اخرى".
ثانيا: تم تعديل الفقرة (ج) من المادة ذاتها التي كانت تنص على التزام وزارة المالية بتسديد مستحقات الاقليم شهريا واجراء التسويات الحسابية على اساس ربع سنوي.
وأوضح الخبير الاقتصادي ان "الاقليم كان يستلم مستحقاته في موازنة 2023 قبل ان يسلم النفط لكن في التعديل الجديد الزمت الاقليم بتسديد ايراداته النفطية وغير النفطية قبل ان يستلم حصته من الموازنة".
ثالثا: جرى تعديل المادة 14 اولا التي كانت تنص ايداع الايرادات الكلية لنفط الاقليم في حساب مصرفي واحد وبعد التعديل اصبح الاقليم ملزما بايداع ايرادات النفط في حساب مصرفي يفتح في البنك المركزي العراقي في جين كان الاقليم يسعى الى فتح الحساب في مصرف سيتي بنك.
رابعا : منع الإقليم من استخراج النفط من حقول كركوك ونينوى الخاضعتين حاليا لسيطرة حكومة كردستان وهو ما يشكل حاليا اكثر من ثلث انتاج الاقليم من النفط الخام.
وستكون الموازنة وفق مراقبين أحد أبرز الاختبارات والتحديات لحكومة السوداني وتوافقها مع اقليم كردستان في تنفيذ الوعود والبرامج والالتزام بالعهود والاتفاقيات وسط ضغوط شعبية في تحسين الواقع الخدمي والمعاشي وهو الشعار الذي رفعته الحكومة الحالية بانتظار التطبيق على أرض الواقع.