المدراء العامون.. "مقصلة للتغيير وعصفوران بحجر"
سياسة | 12-05-2023, 17:39 |
بغداد اليوم- تقارير
حسمت الحكومة أمرها بعد تغيير مئات المدراء العامين في وزاراتها ومؤسساتها وهيئآتها كافة في إجراء لم يشهده العراق بعد عام 2003.
وأقر مجلس الوزراء في 2 آيار الجاري حزمة واسعة من القرارات الإصلاحية التي تضمنت المصادقة على إقالة نحو 60 مسؤولاً بدرجة مدير عام في وزارات مختلفة، ضمن ما اعتبره الدفعة الأولى لعملية تغيير شاملة في مناصب المديرين العامين بالدولة.
ولكن العدد المعلن أقل بكثير مما كشفت المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي حيث قال لـ(بغداد اليوم) في 3 آيار عقب يوم واحد من قرار مجلس الوزاء ان عملية التقييم للمدراء العامين طالت 322 مديرا عاما من اصل 439 مديرا وهو مجموع عدد المدراء العامين في جميع الوزارات العراقية البالغة 23 وزارة".
واللافت ان هذا التقييم منح الحكومة فرصة لانشاء قاعدة بيانات ضخمة للدولة العراقية عن المدراء العامين لديها لأول مرة منذ 20 عامًا.
ويقول العوادي، ان "الدولة اصبحت تمتلك الآن قاعدة بيانات شاملة للمدراء العامين بعد تقييمهم وهو حدث يحصل لأول مرة بعد 2003".
وشملت قرارات الإقالة مديرين عامين في وزارات وهيئات مختلفة داخل بغداد ومختلف محافظات البلاد، ما يُرجح أنها تمت بتوافق سياسي بين الكتل والأحزاب حيث تسعى الحكومة لتلافي موجات احتجاج متوقعة مع حلول فصل الصيف اللاهب، لا سيما مع استمرار ضعف تجهيز الكهرباء والمياه للمناطق خاصة في مدن الجنوب الأكثر كثافة بالسكان.
تبرير وتوضيح
القرار الحكومي لم يكن مفاجئاً – الى حد ما- لكنه كان مثيراً من حيث الإيفاء بوعد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بتقييم أداء المسؤولين على مستوى الوزراء والمدراء العامين والدرجات الخاصة بعد ستة أشهر من تشكيل الحكومة.
حيث قال مجلس الوزراء بقرار التغيير في 2 آيار، أنه "التزاماً من الحكومة تطبيق مفردات الإصلاح الإداري ضمن أولويات العمل، فقد أقرّ المجلس توصيات لجنة تقييم المديرين العامّين، وتضمنت نقل المديرين العامّين ممّن لم يحصلوا على تقييم إيجابي، إلى درجة أدنى من الدرجة التي كان يشغلها قبل تعيينه مديراً عاماً"، مشيراً إلى أن بدلاءهم سيكونون من نفس القوى العاملة داخل الوزارة المقالين منها".
ويبدو ان الحكومة جادة بـ"الإصلاح والتغيير" حيث قال مسؤول فيها، إن "العدد الكلي للمديرين العامين الذين ستتم إقالتهم يتجاوز 400 مدير عام في مختلف وزارات الدولة"، وأكد أن "القرار الصادر شمل 57 مديراً عاماً منهم ومن عدة وزارات، وستكون هناك قرارات ثانية بحق آخرين، بشكل يكون الاستبدال تدريجيا ولا يحدث ارتباكا في المؤسسات والوزارات".
"ردة فعل وجس نبض"
ولا يخلو الإجراء الحكومي من محاولة كشف ردود الأفعال على المستوى السياسي والشعبي في اتخاذ خطوات جريئة لم يسبقها بها أسلافها من الحكومات السابقة ومنها التعديل الوزاري المرتقب.
ويشير المسؤول الحكومي لذلك بالقول :"هذه التغييرات، تأتي قبل إقدام السوداني على أي تعديل وزاري جزئي في حكومته".
ويلفت إلى أن "أكثر المديرين العامين المقالين هم مديرو مديريات عامة في المحافظات عليهم شبهات فساد، أو أمضوا سنوات تصل بعضها إلى 12 عاماً دون تغيير" مؤكدا ان "ذلك لم يكن يحصل لولا تحقق الاجماع السياسي عليه".
"تأييد سياسي وكسب ثقة الشارع"
كما لا يلخو هذا التغيير محاولة لكسب ثقة الشعب وتأييد الشارع لحكومة فتية تحاول استعادة هذه الثقة بالنخبة السياسية وتحسين صورتها بعد عقدين من الاضطراب الأمني وغياب الاستقرار السياسي ونقمة الشعب على الطبقة السياسية وتمثلت بالعزوف الكبير في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
"بالون اختبار".. التعديل الوزاري الخطوة الأهم
وربما كان تغيير المدراء "بالون اختبار" نفذته الحكومة لمراقبة ردود الفعل للقوى السياسية ومدى إلتزامها بالتعهدات في دعم الحكومة لاسيما المنضوية في إئتلاف إدارة الدولة الذي شكل الحكومة ويضم قوى الإطار التنسيقي والاحزاب السنية والكردية التي تقاسمت المناصب بمختلف مواقعها ودراجتها طيلة السنوات الماضية.
وسيكون التعديل الوزاري أحد أبرز التحديات التي ستواجه رئيس الوزراء لكن كل المؤشرات تدلل على العزم بذلك".
وتفيد التسريبات ان التعديل المرتقب قد يطال 5 الى 6 وزراء بعد اكمال لجنة التقييم الحكومية مهامها بهذا الخصوصـ وسط تسريبات عن بعض أسماء الوزراء، لكن مستشار رئيس الوزراء ضياء الناصري، نفى ذلك وقال ان ما تتداوله منصات التواصل وسائل الاعلام "غير صحيحة" وأشار في تغريدة بتويتر الى ان "تقييم أداء الوزراء سيحتاج الى بعض الوقت حسب ما يقرره رئيس الحكومة".
وأكد ان "أسماء (الوزراء) المتداولة فهي غير صحيحة وهدفها إرباك الوضع السياسي والضغط عليهم" لافتا الى ان "تقييم أداء المدراء العامين استغرق وقتا كبيرا وتطلب تدقيقا قرابة 300 ألف وثيقة مع مختلف الهيئات والقضاء والنزاهة".